23 سبتمبر 2025

تسجيل

آيات القرآن.. واستخدامها في المعترك السياسي

12 نوفمبر 2017

لا يزال المشهد ماثلاً أمامنا، وكأنه اليوم حين، هبّت الدول الإسلامية بصوت واحد، معلنة نصرة النبي صلى الله عليه وسلم واستنكارها واستهجانها، حين نشرت صحيفة (بولاندس بوستن) الدانماركية 12 رسما كاريكاتيريا ساخرا للفنان. "كورت فيسترجارد" عام 2006 م أظهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم في احداها يلبس عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه، وكأنهم يريدون القول بأنه مجرم حرب لكنهم كما قال تعالى: "أَلاَ ساءَ ما يَزرون " [الأَنْعَام ] أظهر هذا التطاول موجة الغضب العربى والاسلامي بالتنديد بالدانمارك، مما حدا بالكثير منها الى قطع علاقتها الدبلوماسية والاقتصادية، بالاضافة الى المقاطعة الشعبية للبضائع والمنتجات الدانماركية، وعمّت المظاهرات والاعتصامات الاحتجاجية، ونظّمت المظاهرات للتعريف بالاسلام ومفاهيمه وغيرها، هذه السلوكيات الرافضة. تنبع من مفاهيم وقيم ايمانية وبأن التطاول على النبي والقرآن الكريم خط أحمر، باعتبارهما من أعظم المقدسات الإسلامية، وتؤكد عمق العلاقة الايمانية ما بين حُب الله وحُب رسوله، كما أن التطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم الذي اشتعلت وتيرته في دول أوروبية أخرى صدر من أشخاص لا ينتمون للاسلام، ويحملون الكُره والحقد على الاسلام ومحاربته، وهذا في حدّه يحتمل الوقوع "وذكر في القرآن " لن ترضى عَنك اليهودُ والنَصّارى حتى تتَبعَ مِلتهُم " لكن ماذا عمن يحمل في صفته بأنه مسلم، ويتجرأ بكل. وقاحة وسفاهة بتحريف وتغيير آيات القرآن الكريم وبنشرها دون احترام وخوف ووجل من عقاب الله. فهذا ما أفرزته الأحداث الخليجية والصراعات القائمة بين ابناء الخليج، والحصار الجائر على دولة قطر، ليتجاوز البعض التعدّى بالاساءة على الأخلاقيات الانسانية الى التعدّى والتجرؤ على كتاب الله العظيم. لتغذية مصلحته مع ساسة دولته. وزج آيات القرآن في الاستخدام السياسي. ..اعتقد ان الأغلب الذين يتعاملون مع الوسائط التواصلية قد وصلت اليهم سور من القرآن الكريم مُحرّفة، ومطوّعة حروفها وكلماتها بتبجّيل الساسة والحكام لتختلط الآيات القرآنية الالهية التي نزّهها الله عن اللغو والتَحريف بكلمات بشرية. ويطغى عليها التشويه والميل في آياته وتُحّرف السور القرآنية في كتاب الله الذى حفظه من التحريف عن غيره من الكتب السماوية الأخرى، في قوله:؛ انَّا نحن نَزّلنا الذكر واِنَّا لَهُ لَحَافِظون " تلك هى الدناءة والخسّة التى وصل اليها البعض من البشر من الجهلاء الذين لا يُدركون عقوبة الاستهزاء والسخرية بكتاب الله،؛" سورة الفيل، وسورة المؤمنون وسورة الناس "؛ استبدلت بعض آياتها بجُمل تعظّيم وتبجيل لحكام المملكة، وبيان سيطرتهم وقوتهم، وعن آيات أخرى استخفاف واستهزاء بقطر، فطوّع صاحبها الآيات حسب ما تحمله نفسه الدنيئة، وحسب مصلحته الدونية،. دون ادراك أن ذلك يدخل في الحُرمة اذا كان يحمل داخله ذرة من الايمان بالله، ودون استنكار من أهل الدين والعلم والفكر. والطامة اذا كان من حرّف ونشر ينتمى الى أرض الحرمين. .... فاذا كان اللحن الجليّ أثناء التلاوة نتيجة وجود خطأ يطرأ على اللفظ فيخل بمبنى الكلمة محرمّا ، فكيف بمن يُبّدل آية كاملة بكلمات بشرية ما أنزل الله بها من سلطان دون الاستشعار والتمّعن في قوله تعالى: " يَحذرُ المنافقونَ أَن تُنَّزلَ عليهم سورٌة تُنَّبئُهم بما في قُلوبِهمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا اِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ اِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ اِيمَانِكُمْ اِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) التوبة، في هذه الآية نص صريح في كفر من استهزأ بالله وآياته وبرسوله، ويعتبر ردة عن الدين باجماع المسلمين ولو لم يقصد حقيقة الاستهزاء كأن يكون مازحا. .... كتاب الله يُستَهزأ به، آيات الله تُحّرف، استخفاف واستهانة بحرمته،الجهلاء من البشر يتداولونها في الوسائط، وان المتابعين يقرأونها والجميع يشترك في الاثم والتحريم حتى بمجرد قراءتها، ما هذا الذى العقل البشرى المغيّب عن عقاب الله!!، كنّا نسمع سابقا عن اتخاذ آيات القرآن للغناء والعزف عليها بالموسيقى ويفتح المغنون أغانيهم بموال يبدأ بغناء آيات من القرآن وهذا من أعظم أنواع الاستخفاف بالقرآن والاستهانة بحرمته، فكيف الآن ونحن مع الأسف، آيات الله تُنتزع وتُستبدل. دون أن نستنكر ودون أن يعاقب الفاعل على فعلته الوقحة، والرد عليه، الأدهى مرورها عبر قنوات الوسائط المجتمعية لتصبح وسيلة للتداول والمهزلة، يكفينا التلاعب في تفسير آياته والاستخفاف بمعانيها وتشويهها حسب الأهواء والشهوات وحسب ما تقتضيه الأفكار العقيمة، وحسب ما تمليه القوانين والشرائع البشرية وحسب أهواء الحكومات والأنظمة، التى انتزعت العقل البشرى من انسانيته، والذى يدرك مصير من يتجاوز حدوده في التعدّى على كتاب الله، ويتخذها بكل جرأة هزوا ومهزلة ووسيلة حربية في محاربة الآخر ومواجهته، يكفينا الفجوة العميقة التى نعيشها اليوم كمسلمين ما بيننا وبين تطبيق شرع الله وأحكامه والمذكورة في كتابه، التى نلقى عواقبها اليوم في سلسلة الأحداث والصراعات المتتالية والمتسارعة التى نعيشها، وكأننا على فوهة بركان ثائر، زرعت فينا الخوف والقلق وعدم الاستقرار في الأرض التى أَمَنّنا الله عليها لعمارتها، تُدّمر اليوم على من عليها بسفاهة ورعونة وطيش بعض ساستها وأنظمتها، واتباعهم ومن يواليهم ومن يريد زعزعة وتفكيك أمننا وتقسيم وحدتنا وأراضينا الخليجية والعربية ليعيشوا على جروحنا وآلامنا ومقدرات شعوبنا، كما هى اليمن وسوريا والعراق والتى مازالت تتلظى بشظايا الحروب الأهلية التى زرعت ألغامها الدول الاقليمية الكبرى،. والدول الموالية للصهيونية في محيطها الداخلى من الدمار والجوع والمرض والتشرد والموت الجماعى وغيرها، صدق الشاعر بالقول: مشاهدُ القتل والتشريد تبكينى وجذوةٌ من لهيب الحزن تكويني ولكن الى متى!! ولماذَا!! كما قيل في بيت آخر: لماّ تركنا الهدى حلّت بِنَا مِحنٌ وهاج للظلم والافساد طوفان ... ها نحن في دول الخليج الآن نعيش تلك الوتيرة من الخوف والقلق من مستقبل مجهول ارتسمت حروفه على أمواج الأحداث المتسارعة،. والآراء المتناقضة، والقرارات الجائرة، والقوات العسكرية المتتابعة، والدفوف الاعلامية المتصارعة، والادعاءات الباطلة، التى بدأت أجندتها جميعا مع حصار قطر الجائر، ولا يمكن الاستهانة بها ومرورها، ونسيانها، فهى ليست أزمة صغيرة كما اعتبرها وزير الخارجية السعودي، بل انها كبيرة في آثارها وعواقبها ونتائجها اقتصاديا ونفسيا واجتماعيا. اليوم البيت الخليّجى يحتاج الى ترميم واصلاح وأمن وبناء، فمتى يعى الساسة ذلك قبل التدخل في شؤون الآخرين، وأيهما يسبق الآخر!! نسأل الله الثبات على الهدى لأميرنا ولشعبنا وشعوب دول الخليج.