17 سبتمبر 2025

تسجيل

هل تخفض دول أوبك من إنتاجها النفطي؟؟

12 نوفمبر 2014

في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط عالمياً خلال الشهور الأربعة الأخيرة والتي قاربت من الثلاثين دولاراً لكل برميل.. ظهرت على الساحة العديد من التساؤلات المهمة وفي مقدمتها لماذا هذا الانخفاض؟ وهل من المحتمل أن يكون هناك المزيد من الانخفاض؟ وإذا بدأت الأسعار في الارتفاع فما هو مداه؟ وهل ستطالب منظمة أوبك أعضاءها بخفض الإنتاج خلال اجتماعها السنوي الذي سوف يعقد الأسبوع المقبل للعمل على رفع السعر؟ وما هو الحد السعري الذي يدفع منتجي النفط الصخري الأمريكي لإعادة النظر في إمكانية التوقف عن العملية الإنتاجية نتيجة لارتفاع تكلفة الإنتاج عن سعر البيع من عدمه؟ ومن هم المستفيدون والمضارون من هذا الانخفاض؟ أسئلة عديدة سنحاول تحليلها والإجابة عنها وستساعدنا في ذلك ما ستسفر عنها الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، وسوف نبدأ بالسؤال الأهم المتمثل في لماذا هذا الانخفاض الحاد والسريع في أسعار النفط خلال الشهور الماضية؟ حيث يتفق في هذا الشأن الكثير من محللي وخبراء الطاقة حول العالم على أن السبب الرئيسي في ذلك إنما يعود إلى زيادة الإنتاج الأمريكي من النفط الخفيف، مما أحدث وفرة وتخمة من المعروض من النفط بالسوق العالمي، في الوقت الذي يعاني فيه العالم من الضعف والهزال الاقتصادي.ولعل من أسباب انخفاض سعر النفط عالمياً كذلك تغير المشهد الجيوسياسي في ظل حالة الترقب لإمكانية التوصل لاتفاق نووي غربي مع إيران وما يترتب على ذلك من رفع للعقوبات الاقتصادية وبالتالي زيادة المعروض من النفط الإيراني بالأسواق العالمية، بالإضافة إلى إمكانية بدء إنتاج وضخ النفط الليبي بشكل كلي أو جزئي، بما يمكن في حال تحققها حدوث المزيد من الخفض لسعر النفط عالميا.هذا ومن المتوقع وجود بعض الانقسامات والاختلافات في وجهات النظر بين أعضاء منظمة أوبك الذين سيجتمعون خلال الأسبوع المقبل بمقر المنظمة بجينيف، بشأن إمكانية خفض حجم إنتاج نفط دول المنظمة في محاولة منها لرفع سعر البرميل، حيث يحبذ العدد الأكبر من أعضاء المنظمة وهم أيضا الأعلى صوتاً فكرة خفض الإنتاج ومن ثم رفع السعر لزيادة الإيرادات، فيما أحبذ ويجب أن تحبذ دولاً أخرى وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي خاصة الغنية منها فكرة عدم خفض الإنتاج حتى وإن أدى ذلك إلى إحداث المزيد من خفض أسعار النفط بالأسواق العالمية. ووجهة نظري في ذلك تتمثل في أن خفض سعر برميل النفط إلى نحو 70 دولارا سيكون كفيلاً بإغلاق الكثير من شركات وآبار النفط الصخري الأمريكي وإخراجه من السوق العالمي، أو بحد أدنى تباطؤ إنتاجه بشكل كبير لانعدام الجدوى الاقتصادية من إنتاجه لتزايد تكلفة الإنتاج عن سعر البيع، خاصة لشركات التنقيب والإنتاج الصغيرة والمتوسطة اللتين قادتا ثورة النفط الصخري بالبلاد والتي سوف تعاني في ظل هذا الوضع الجديد من عجز نقدي كبير، وتزداد هذه المعاناة إذا علمنا أن سعر برميل النفط الصخري الأمريكي ينخفض عن سعر خام برنت "الذي يعد مقياساً عالمياً لسعر النفط" بنحو سبعة دولارات.ويتضح من الطرح السابق أن هناك أطرافاً عالمية عديدة قد استفادت من انخفاض أسعار النفط، كما أن هناك دولاً أخرى قد أُضيرت من هذا الانخفاض.. حيث أدى هذا الخفض خدمة كبيرة للدول التي تعتمد في نموها على استيراد النفط من الخارج، ومن ثم فإن هذه الأسعار المنخفضة توفر لهذه الدول يومياً حوالي 1.9 مليار دولار يومياً أي استفادتها بأكثر من 680 مليار دولار سنوياً.. وأن من أهم المتضررين أو الخاسرين من جراء خفض أسعار النفط هي الدول المصدرة للنفط وفي مقدمتها دول منظمة أوبك التي سوف تخسر دولها أكثر من 240مليار دولار من مكاسبها، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي ستضطر نتيجة لانخفاض أسعار النفط إلى إيقاف زخم ثورة نفطها الصخري، وتعرض العديد من شركات التنقيب وإنتاج النفط الصخري بها لعجز نقدي شديد وربما الإفلاس.مع التأكيد على إنني أضع نفسي في كفة المحللين الرافضين للتصنيف الذي يطرحه بعض خبراء الطاقة لدول مجلس التعاون الخليجي في إطار الدول الخاسرة من جراء خفض الأسعار العالمية للنفط، وكذا القول بأنها لن تكون قادرة على إتمام خطط التنمية التي سبق وأن أعلنت عنها من قبل، ويأتي هذا الرفض للأسباب التالية:• أنها تعلمت من درس الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وما ترتب عليه من انخفاض حاد لأسعار النفط والغاز، لذا قامت بتكوين احتياطيات ضخمة من العملات الأجنبية لمواجهة مثل هذه الظروف بما يمكنها من الإنفاق بسخاء على خطط ومشروعات التنمية ولسنوات طويلة دون كلل.• أن تكلفة إنتاج النفط بها منخفضة للغاية، ومن ثم فإنها تحقق فوائض ضخمة من عمليات الاستخراج حتى مع انخفاض الأسعار إلى ما دون الـ 70 دولارا للبرميل.• أن معظم الدول الخليجية قامت بتقييم أسعار النفط بميزانيتها بأقل من 60دولارا للبرميل، محتاطة بذلك لأي انخفاضات مؤلمة قد تحدث بالأسعار العالمية للنفط.