11 سبتمبر 2025

تسجيل

أعضاء فريق السيسي فى الإجرام

12 نوفمبر 2013

العضو الرابع : المتفكهون المتندرون بما يقع على المعتصمين والمتظاهرين من بغي وعدوان تمهيد : حول الإجرام لغة واصطلاحا : الإجرام : مصدر أجرم يجرم. وهو مأخوذ من مادّة (ج ر م) الّتي تدلّ على القطع وقال الرّاغب: أصل الجرم: قطع الثّمرة عن الشّجر، وقولهم: أجرم: صار ذا جرم واستعير ذلك لكلّ اكتساب مكروه، ولا يكاد يقال ذلك للمحمود ، الجُرم (بالضّمّ) فهو الذّنب، والجريمة مثله وقال ابن منظور: الجُرم (بالضّمّ) التّعدّي، والجُرم: الذّنب، والجمع أجرام وجروم، يقال من ذلك: جرم يجرم جرما، واجترم وأجرم، فهو مجرم وجريم، وجرم إليهم وعليهم جريمة، وأجرم: جنى جناية، وأمّا جرم (بالضّمّ) فمعناه: عظم جرمه. والجرم مصدر الجارم الّذي يجرم نفسه وقومه شرّا، والجارم: الجاني، والمجرم: المذنب. وقد أنشد أبو عبيدة للهيردان السّعديّ أحد لصوصهم: طريد عشيرة ورهين جرم ... بما جرمت يدي وجنى لساني هذا عن معنى الإجرام فى اللغة وأما عن معناه فى الاصطلاح فقد عرفنا : أن الجرم هو الذّنب العظيم، والذّنب العظيم: فعل محرّم يقع المرء عليه عن قصد فعل الحرام ويكون ذلك بين العبد وربّه وبين العبد والعبد[1] وعليه فالإجرام : فعل ذنب عظيم يقع المرء عليه عن قصد سواء أكان ذلك في حقّ المولى أو في حقّ العباد. أمّا في كتب القانون والمصطلحات الحديثة، فقد أخذ مصطلح الإجرام والجريمة بعدا اجتماعيّا وقانونيّا واسعا فقيل: الجريمة: كلّ فعل يعود بالضّرر على المجتمع، ويعاقب عليه القانون[2]  راجع : نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (9/ 3780) بعد هذا البيان لمعنى الجُرم والْإِجْرَامُ لغة واصطلاحا، أيتماري  اثنان أو يتناطح عنزان في أن ما ارْتكَبه الانقلابيون منذ الثلاثين من يونيو حزيران فى أرض الكنانة وحتى اليوم إنما هو إِجْرَامٌ ، فى حق الوطن والمواطن بل الأمة جمعاء ، وفى حق أنفسهم كذلك لو يعقلون أو يعلمون - إِجْرَامٌ بكل معنى الكلمة، فهلَّا نهض القانونيون والمحامون  والحقوقيون والمؤرخون والقضاة الذين لا يخشون فى الله لومة لائم ، والذين يرجون لله وقارا ، هلَّا نهضوا لتسجيل وتوثيق مسلسل هذه الجرائم  والأعمال الإجرامية من القتل والحرق والصعق والخنق والتجريف والاعتقال التعسفي وترويع الآمنين ، وانتهاك الحرمات لمقاضاة هؤلاء حتى يكونوا عبرة لغيرهم ، وحتى تستقر البلاد ويأمن العباد وتتقدم الأمة بتقدم أرض الكنانة ، إذا تقرر أن الْمُجْرِم: فَاعِلُ الْجَرِيمَةِ، وَهِيَ الْمَعْصِيَةُ وَالْفِعْلُ الْخَبِيثُ ، وأشرنا إلى أنهم فريق وعدة أعضاء ذكرنا منهم أولا : المعترفين لهم بشرعية زائفة وثانيا : المطيعين لهم من أصحاب الوظائف التي يستقوون بها ، وثالثا: الساكتين عن هذه الجرائم مع القدرة على التغيير بأي مرتبة من مراتب التغيير ، اليوم نذكر عضوا آخر العضو الرابع : المتفكهون المتندرون بما يقع على المعتصمين والمتظاهرين من بغي وعدوان ذَكَرَ الله تعالى هذا العضو بقُبْحَ مُعَامَلَته للمنادين بالحق والحقيقة ، والشرعية والشريعة فِي اسْتِهْزَائِهِمْ بهم وَضَحِكِهِمْ عليهم ، وجعلهم – وما وقع عليهم من اعتداء وبغي - مادة للتفكه والمزاح فى مجالسهم وقنواتهم ومواقعهم ووسائل تواصلهم الاجتماعي وصحفهم وإذاعاتهم ،ومع ذويهم وأهلهم ، ونصَّبوا أنفسهم حُكَّاما فحكموا علي المعتصمين والمتظاهرين بالضلال ، ثُمَّ بَيَّنَ الحق سبحانه ، أَنَّ ذَلِكَ سَيَنْقَلِبُ عَلَى المجرمين فِي الْآخِرَةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ تَسْلِيَةُ الْمُؤْمِنِينَ وَتَقْوِيَةُ قُلُوبِهِمْ ، حَكَى تَعَالَى عَنْ المجرمين هذه الأمور الأَرْبَعَةَ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ الْقَبِيحَةِ مع المؤمنين فى أواخر المطففين " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ*وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ *وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ* وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ"[3] أَوَّلُهَا: الضحك منهم : فى قَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ"  أَيْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِمْ وَبِدِينِهِمْ . لقد تسلط المجرمون على المؤمنين بالله، وجعلوا منهم مادة ومسرحا للضحك والعبث، والسخرية بهم ، ومن الحق والشريعة والشرعية التى يُنادون بها، وأصل الضَّحِكُ : انبساطُ الوجه وتكشّر الأسنان من سرور النّفس ويستعمل في السّرور المجرّد نحو: "مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ"[4] " فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً"[5] واستعير الضَّحِكُ للسّخرية، فقيل: ضَحِكْتُ منه، ورجلٌ ضُحَكَةٌ: يَضْحَكُ من النّاس، وضُحْكةٌ: لمن يُضْحَكُ منه ، وعلى هذا المعنى للضحك أي السخرية والاستهزاء وردت آية المطففين هنا وآية المؤمنون: "وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ"[6] وآية الزخرف "إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ[7]"[8] فلآية المطففين - العمدة فى تأصيل جرائم هذا العضو -  أخوات فى الكتاب العزيز 1-فى أواخر سورة المؤمنون" إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ"[9] 2-وفى التوبة إشارة إلى أن هؤلاء المتخلفين عن ركب المناداة بالشرعية والشريعة ، والقاعدين عن نصرة الحق ، فرحين بذلك الإثم العظيم وبهذا الجرم الكبير ، ضاحكين مستهزئين ، سيبكون كثيرا ، ولن يدوم لهم ضحكهم وسرورهم " فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"[10]  .. ألا فليبكوا فى الدنيا توبة قبل يوم القيامة فقد سئل علي – رضي الله عنه – كيف تكون التوبة ؟ قال التوبة : اسم يقع على ستة معان: على الماضي من الذنوب الندامة ، ولتضيع الفرائض الإعادة ، ورد المظالم ، وإذابة النفس في الطاعة كما ربيتها في المعصية ، وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية ، والبكاء بدل كل ضحك ضحكته، فالتوبة مجموع هذه الأمور فالمراد أكمل أفرادها " بتصرف روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ( 13 / 36) 3-وفى الأنعام : وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا"[11] الْآيَةَ  وَكُلُّ ذَلِكَ احْتِقَارٌ مِنْهُمْ لَهُمْ، وَإِنْكَارُهُمْ أَنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَيْهِمْ بِخَيْرٍ، 4-وفى الأعراف: "أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ "[12] 5-وفى الأحقاف " لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ"[13]: وَكُلُّ ذَلِكَ احْتِقَارٌ مِنْهُمْ لَهُمْ. 6-وَفى البقرة :" زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"[14] 7-وهذا الضحك من المجرمين هزءا وسخرية من أصحاب الحق والداعين إليه ، مما تواصي به المجرمون عبر تاريخ الأمم والرسل عليهم السلام : " وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ "[15] 8-ولقد أنكر الله تعالى هذا الجرم عليهم ، وأنذرهم وحذرهم غفلتهم وغيَّهم وبغيهم بعد ما ذكر ما أنزله من بأسه على مجرمي قوم نوح وثمود وعاد " هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى * أَزِفَتِ الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ* أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ" [16]": وَأَنْتُمْ سامِدُونَ أَيْ غَافِلُونَ، وَذُكِرَ بِاسْمِ الْفَاعِلِ، لِأَنَّ الْغَفْلَةَ دَائِمَةٌ، وَأَمَّا الضَّحِكُ وَالْعَجَبُ فَهُمَا أَمْرَانِ يَتَجَدَّدَانِ وَيَعْدَمَانِ. وَثَانِيهَا: التغامز قَوْلُهُ: وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ أَيْ يَتَفَاعَلُونَ مِنَ الْغَمْزِ، وَهُوَ الْإِشَارَةُ بِالْجَفْنِ وَالْحَاجِبِ وَيَكُونُ الْغَمْزُ أَيْضًا بِمَعْنَى الْعَيْبِ وَغَمَزَهُ إِذَا عَابَهُ، وَمَا فِي فُلَانٍ غَمِيزَةٌ أَيْ مَا يُعَابُ بِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِمْ بِالْأَعْيُنِ اسْتِهْزَاءً وَيَعِيبُونَهُمْ، وَيَقُولُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَؤُلَاءِ يُتْعِبُونَ أَنْفُسَهُمْ وَيَحْرِمُونَهَا لَذَّاتِهَا وَيُخَاطِرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ فِي طَلَبِ ثَوَابٍ لَا يَتَيَقَّنُونَهُ ، ويُمنُّون أنفسهم بنصر سراب ، وخلافة إسلامية موهومة ، حتى يقول بعضهم : كفى خداعا القول بأن المصريين متدينين بفطرتهم ، هم علمانيون بفطرتهم !!!، ويقول آخر : من يريد تطبيق سنة النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه فليذهب إلى جبلاية القرود !!!!، وهكذا .. بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر ، لقد نسي القائل بعلمانية المصريين بفطرتهم – الحديث الصحيح " كل مولود يولد على الفطرة " هكذا كل مولود مع اختلاف الجنسيات- إِنَّهم يَتَغَامَزُونَ مِنْ دُونِ إِعْلَانِ السُّخْرِيَةِ بِهِمُ اتِّقَاءً لَتَطَاوُلِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ ،إذا كانوا متمكنين ،  يشير بعضهم إلى بعض بأعينهم وأكتافهم وجوارحهم وشفاههم إشارات وحركات وغمزات كأنهم أمام مشهد عجيب غريب، يثير العجب والضحك تدل على استحقارهم وإهانتهم والطعن بهم والحق تعالى يقول " وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ"[17] ألا : فليعلم القارئ أن الكاتب لا يُكَفِّر أحدا نطق بالشهادتين ، ولا أحدا من أهل القبلة ممن صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا كما فى الصحيح ، ولكن أعمال القوم وأقوالهم تفضحهم كما قال تعالى " وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ "[18] " كم ضحك واستهزأ كثيرون بالمنادين بالحق ، وتحكيم الشريعة ، كم ضحك واستهزأ كثيرون بمن كانوا معتصمين بميداني رابعة والنهضة ، كم ضحك واستهزأ كثيرون بما أصاب هؤلاء المعتصمين من بغي وعدوان ، مع اختلاف صور وأساليب الضحك والاستهزاء ، كم ضحكوا واستهزئوا واستخفوا بطموح المعتصمين وصبرهم وصمودهم ؟؟!! وَثَالِثُهَا: التفكه والتندر بالجرائم التي وقعت بالمعتصمين والمتظاهرين  قَوْلُهُ تَعَالَى: " وَإِذَا انْقَلَبُوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين "أَيِ انْصَرَفُوا إِلَى أَهْلِهِمْ وَأَصْحَابِهِمْ وَذَوِيِهِمْ  مُعْجَبِينَ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَالتَّنَعُّمِ بِالدُّنْيَا، أَوْ يَتَفَكَّهُونَ بِذِكْرِ الْمُسْلِمِينَ بِالسُّوءِ. وهذا شأنهم بعد أن ينفض مجلسهم الآثم الذي جرحوا فيه المؤمنين بتغامزهم وتلامزهم.. إنهم يعودون من هذا المجلس إلى أهلهم، وعلى أفواههم طعم هذا المنكر الذي طعموه فيها، يتشدقون به ويقصّون على أهلهم ما دار على ألسنتهم من فجور، وما رموا به المؤمنين من هَجْر القول، وفُجْره، يجعلون ذلك مادة للتندر والتفكه. والفكه: كثير الفكاهة والمزاح.. متلذذين فرحين بما فعلوه من الاستخفاف بأولئك الكرام، معجبين بذلك لما له من الوقع في قلوبهم الخبيثة كَمَا فَعَلَ نِّسْوَةُ المدينة اللَّوَاتِي بِمِصْرِ مَعَ يُوسُفَ عليه السلام تندرا وتفكها ، فضلا عن أنَّهُنَّ أَعَنَّ امْرَأَةَ الْعَزِيزِ عَلَى مَا دَعَتْهُ إلَيْهِ مِنْ فِعْلِ الْفَاحِشَةِ مَعَهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إلَيْهِ} وَذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِنَّ {إنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} . ومع أنه لم يتهيأ لواحدة منهن ما تهيأ لامرأة العزيز ، كونها فى بيتها دون غيرها ، وإغلاقها الأبواب دونه ، ومراودتها له ، ومع ذلك نسب إليهن المراودة ، التي نسبها إليها ، باعترافها ، وإقرارها ،   " مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ"[19]فكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رُبَّمَا طَمِعَتْ فِيهِ ، أو كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَاوَدَتْ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهَا أو كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَالَغَتْ فِي تَرْغِيبِ يُوسُفَ فِي مُوَافَقَةِ سَيِّدَتِهِ عَلَى مُرَادِهَا أو كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَاوَدَتْ يُوسُفَ لِأَجْلِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ فَاللَّفْظُ مُحْتَمِلٌ لِكُلِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ. وفضلا عن هذا وعن تفكههن وتندرهن بخبر امرأة العزيز ، وكما قلن " {إنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} قال تعالى حكاية عن جرائم هذا العضو وهي" رَابِعُهَا: الحكم علي المعتصمين والمتظاهرين  بالضلال قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ أَيْ هُمْ عَلَى ضَلَالٍ فِي تَرْكِهِمُ التَّنَعُّمَ الْحَاضِرَ بِسَبَبِ طَلَبِ ثَوَابٍ لَا يُدْرَى هَلْ لَهُ وُجُودٌ أَمْ لَا. إنهم كلما رأوا أحدا من المؤمنين أشاروا إليه كمعلم من معالم الضلال، وكأنهم يشفقون عليه من هذا الطريق الذي يسير فيه.. فيقول بعضهم لبعض: انظروا إلى هذا المسكين المغرور، إنه مخطوف ذهنيا ، مخطوف عقليا ،!!!!! هؤلاء ضالون لتركهم زيوف الحياة الخادعة. وما الذي أهَّلهم لإصدار هذا الحكم بالضلال على المؤمنين المهتدين؟  ومُرَادُهُمْ بِالضَّلَالِ: فَسَادُ الرَّأْيِ. لا الضلال الذي هو ضد الهدى بمفهوم الكتاب والسنة ، لِأَنَّ الْمُجرمين لَا يَعْرِفُونَ الضَّلَالَ الشَّرْعِيَّ، أَي هَؤُلَاءِ سيئوا الرَّأْيِ إِذِ اتَّبَعُوا الْإِسْلَامَ وَانْسَلَخُوا عَنْ قَوْمِهِمْ، وَفَرَّطُوا فِي نَعِيمِ الْحَيَاةِ – من وجهة نظرهم - طَمَعًا فِي نَعِيمٍ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْ لِكَوْنِهِمْ عَلَى غَيْرِ منهجهم، ثُمَّ إنَّهم يظنون أنهم على شيء والحال ليس هم على شيء أصلا، قاتلهم الله أنى يؤفكون، ألم يعلموا أنهم هم الظالمون الضالون، ولكن السيء لا يرى إلا السيء، فالمؤمن مرآة أخيه، والكافر مرآة نفسه، والدن ينضح بما فيه، فلماذا يقولون هذا، والله تعالى يقول «وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ»  لهم يراقبون أعمالهم، ويَحْفَظُونَ عَلَيْهِمْ أَحْوَالَهُمْ وَيَتَفَقَّدُونَ مَا يَصْنَعُونَهُ مِنْ حق أو باطل ، فيعيبون عَلَيْهِمْ مَا يَعْتَقِدُونَهُ ضَلَالًا ، إنهم لم يرسلوا عليهم حافظين لهم، حارسين لما يتهددهم من سوء!، فلم يتوكلوا عليهم، بل أُمروا بإصلاح أنفسهم وتهذيبها مما يضرها، وتطهيرها مما يُدَنِّسها، فاشتغالهم بها أولى من تتبع أحوال غيرهم وتسفيه أحلامهم وترك أنفسهم تمرح في هواها وتحارب مولاها، ألا يحملون أنفسهم على قبول الحق، وينهونها عن الضلال؟ ولكن هكذا أهل السوء أبدا، يُشغلون عن أنفسهم وعن حراستها من المهالك والمعاثر، بالبحث عن عيوب الناس، وتتبع سقطاتهم وزلاتهم، والتشنيع بها عليهم.. وهذه الأفعال التى صدرت عن هؤلاء المجرمين لم يكتفوا بوقوعها مرة واحدة وإنما تكررت وتعددت بدليل  مضاريعية الفعل " يضحكون " يتغامزون" وفى سورة المؤمنون " تضحكون " فالتعبير بالْمُضَارِعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَأَنَّهُ دَيْدَنٌ لَهُمْ. وأنت خير شاهد على استمرار مسلسل الفكاهة والتندر ليس مع الأهل فقط بل على شاشات ومواقع ووسائط وغيرها ، مما ينبئ بفظاعة الجرم.   الْعِبْرَةُ بِالْعَوَاقِبِ وفى الآخرة العبرة من الذي سيضحك فى الآخرة إن الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ  - لَا عَيْشُ الدُّنْيَا وَلَا مَا فِيهَا - ؛ فإنه عيش دائم، ونعيم لا تنغيص فيه، بخلاف عيش الدنيا فإنه ناقص منغص زائل. "كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ* وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ "[20] "وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ "[21] فى الحديث الصحيح عن المستَوْرِد، رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما مثل الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بما يرجع))[22] وَفِي الْآخِرَةِ سيَضْحَكُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى هؤلاء المجرمين بِسَبَبِ مَا هُمْ فِيهِ يومها مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ وَالْبَلَاءِ، وَلِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ، وَأَنَّهُمْ قَدْ بَاعُوا بَاقِيًا بِفَانٍ وَيَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ قَدْ فَازُوا بِالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ وَنَالُوا بِالتَّعَبِ الْيَسِيرِ رَاحَةَ الْأَبَدِ، وَدَخَلُوا الْجَنَّةَ فَأُجْلِسُوا عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ كَيْفَ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ وَكَيْفَ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا وَيَدْعُونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَيَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.   فى الآخرة سُخْرِيَةَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْكُفَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ سُخْرِيَةِ الْكَافِرِينَ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ سُخْرِيَةَ الْكَافِرِ بِالْمُؤْمِنِ بَاطِلَةٌ، وَهِيَ مَعَ بُطْلَانِهَا مُنْقَضِيَةٌ، وَسُخْرِيَةُ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ فِي الْآخِرَةِ حَقَّةٌ ومع حقيقتها هِيَ دَائِمَةٌ بَاقِيَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا دَخَلَ الْمُؤْمِنُونَ الْجَنَّةَ، وَالْكَافِرُونَ النَّارَ فَتَحَ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ بَابًا عَلَى الْجَحِيمِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ مَسْكَنُ الْمُنَافِقِينَ، فَإِذَا رَأَى الْمُنَافِقُونَ الْبَابَ مَفْتُوحًا أَخَذُوا يَخْرُجُونَ مِنَ الْجَحِيمِ وَيَتَوَجَّهُونَ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ الْجَنَّةِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا وَصَلُوا إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَهُنَاكَ يُغْلَقُ دُونَهُمُ الْبَابُ، فَذَاكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: "إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ إِلَى قَوْلِهِ: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ"[23] فَهَذَا هُوَ الِاسْتِهْزَاءُ بِهِمْ" تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (2/ 310) وذلك سبب ضحك المؤمنين منهم، لأن ما لا قوه في الدنيا من الشدة قد زال وانقلبوا إلى رضاء ربهم ورحمته، كما أن أولئك زال عنهم نعيم الدنيا، وغشيهم عذاب الآخرة الدائم، فاستوجبوا الضحك عليهم لما هم فيه من البلاء، والمؤمنون في السرور والهناءة، وهناك الضحك لا هنا "إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ* لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ"[24] "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ*مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ "[25] هذا وبالله التوفيق ومنه وحده العصمة من الزلل والخطأ  والخلل فى القول والعمل وإلى عضو جديد بحول الله وقوته لتستبين سبيل المجرمين. [1] الكليات للكفوى (114، 503) .  [2] معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية (90) [3] المطففين : 29 - 33  [4] [عبس/ 38- 39] [5] [النمل/ 19]  [6] [المؤمنون/ 110]:  [7] [الزخرف/ 47] [8] المفردات في غريب القرآن (ص: 502) [9] المؤمنون : (109)  - (111)  [10] التوبة : (81) - (82) [11] الأنعام : 53 [12] الأعراف : 49 [13] الأحقاف : 11 [14] البقرة : 212 [15] الزخرف : (46) - (47) [16] النجم : (56) - (61) [17] الهمزة:1 [18] محمد 30 -31 [19] يوسف :51 [20] الدخان  (25) - (29) [21] العنكبوت :(64) [22] ابن ماجه، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا برقم 4108، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 3/ 347. [23] [الْمُطَفِّفِينَ: 29- 34] [24] يس: (55) (58) [25] الطور (17) -(20)