15 سبتمبر 2025

تسجيل

علاقة القانون التجاري بقانون العمل

12 أكتوبر 2023

من المُسَلم به أن المشرع لا يعرف المصطلحات، تاركًا هذه المهمة للفقه، فلم يعرف المشرع القطري قانون العمل، وعليه يمكن تعريفه بأنه ذلك الفرع من فروع القانون الخاص الذي يحكم العمل التابع المأجور. ولنوضح ذلك، نجد أن القانون التجاري لا يطال علاقات العمال وأرباب العمل، ولو كان العمل يدفع عجلة الحياة التجارية. فهل هذا يعني عدم وجود علاقة مطلقا بين القانون التجاري وقانون العمل؟ إن العلاقة بين القانونين علاقة تكاتف وتعاون، حيث يخضع عمال المتجر لكافة قوانين الضمان الاجتماعي، وتحديد ساعات العمل والأجرة، كما أنه توجد مجالات حيوية في كل من القانونين تخضع لنفس القواعد، مثل قوانين منع الممارسات الاحتكارية والمنافسة غير المشروعة. وإذا أرادت الدول إنعاش الحركة التجارية أو إنعاش مناطق اقتصادية معنية، ما عليها إلا أن ترفع الأجور والحوافز والخدمات، التي تمد العامل بالنشاط فيزيد من إنتاجيته، ثم تتجه إلى القوى العاملة. فالدول ترسم سياستها التجارية عن طريق قانون العمل. وقد نظم قانون العمل حقوق العامل مع رب العمل ووضح الحقوق والالتزامات المتقابلة، فيلتزم العامل اتجاه رب العمل، بأداء العمل المتفق عليه باذلًا عناية العامل المعتاد، ويلتزم كذلك بالحفاظ على آلات وأدوات منشأة العمل، سواء كانت محلًا تجاريًا أو مصنعًا، كما أنه عليه أن يأتمر بأوامر رب العمل في حدود ما أجازه المشرع، ونؤكد على هذا الالتزام الذي أكد عليه القانون التجاري وهو التزام العامل بالحفاظ على أسرار رب العمل، وعدم منافسته، ويجب أن ينفذ ما سبق بحسن نية. ومن جهة أخرى يلتزم صاحب العمل بمجموعة من الالتزامات، التي تمثل في آن واحد بأنها حقوق يتمتع بها العامل، فيلتزم رب العمل برعاية العامل وسلامته، ورعايته صحيًا، وتوفير الوسائل المناسبة للمنشأة التي يعمل بها العامل، والالتزام الجوهري أو الأهم هو الوفاء بأجر العامل، أيضا يفرض على رب العمل التقيد بالأوقات المحددة للعمل التي نص عليها القانون، ويلتزم كذلك بمنح العامل إجازات متنوعة، أضف إلى ذلك تعويض العامل عن الإصابات والأمراض المهنية. وتأتي هنا مقتضيات قانون التجارة، فالتاجر بالطبع لن يسير العمل بمفرده، والأعمال التجارية تحتاج إلى من يحركها، فهي لن تتحرك من تلقاء نفسها، وهنا تظهر الحاجة إلى الكثير من الأيادي العاملة وبالذات الماهرة، وهي بدورها تغذي التجارة عن طريق إمدادها بالعمالة، وبالتالي يحدث التداخل بين القانون التجاري وقانون العمل، الأول يفرض حاجته، والثاني يوفر هذه الحاجات مع فرض التزاماته على عاتق الأول. ونضرب مثلًا لما سبق، يقوم صاحب دار نشر بشراء حقوق المؤلفين بقصد بيعها حتى يحقق الربح، فأعمال دور النشر أعمال تجارية، إلا أنه صاحب الدار يحتاج إلى أيادٍ عاملة معه تعاونه في تنظيم عملية البيع، والنقل والشراء، وتوزيع الكتب وإصدارات الدار، وعلى ذلك فهو يحتاج إلى عمال متخصصين، أو لديهم خبرة في هذا النوع من الأعمال، فيقع على عاتق العامل الالتزام بما سبق ذكره من التزامات، وكذلك رب العمل المتمثل في صاحب الدار. وتولدت هنا حاجة تيسير الأعمال التجارية في نطاق القانون التجاري إلى أيدٍ عاملة يحكمها قانون العمل، فقام الأخير بسد هذه الحاجات.