27 سبتمبر 2025
تسجيلعند الحديث عموما عن الشخص فإن المقصود به هو الإنسان ذو شخصية طبيعية، الذي منحه الخالق قلبا ينبض وعقلا يفكر، لكن من منظور القانون فإن عقل وإرادة الإنسان ليست معايير يعتمد عليها لاعتبار وجود الشخص من عدمه، لأن مجرد الصلاحية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات تقوم معها الشخصية القانونية بغض النظر إن كان صاحب هذه الشخصية إنسانا أو مجموعة من الأفراد أو غير ذلك. وفي هذه الحالة يصنف الشخص بمفهوم القانون شخصا اعتباريا أو معنويا. الشخص الاعتباري يمكن تعريفه بأنه جماعة من الأشخاص ينتمون لتكوين يرمي إلى هدف معين، أو مجموعة من الأموال أو جماعة أشخاص وأموال ترصد لتحقيق غرض معين، يعتبرها القانون شخصا واحدا مستقلا عن الأشخاص المكونين لها، وبالتالي يصبح من حقها الحصول على هوية خاصة ومالية مستقلة وما يتبع ذلك من حقوق وواجبات. فالدولة مثلا تعتبر شخصا اعتباريا مستقلا عن شخصية الشعب، بحيث يحق لها امتلاك الأموال، والتقاضي باسمها الخاص، والجمعيات كذلك تعتبر شخصا معنويا مستقلا بذاته عن الأعضاء المنخرطين بها أو المكتب المسير لها، والشركات كذلك تعتبر أهم تجسيد للشخص الاعتباري، لأنها عبارة عن استثمار لأموال وأعمال مجموعة من الشركاء فيها، وتكتسب شخصية معنوية وذمة مالية وحقوق مختلفة باستقلال عن شركائها. إن الشخص الاعتباري وفق ما سلف ذكره يصلح لاكتساب الحقوق بنفس القدر الذي يخوله القانون للشخص الطبيعي، لكن نظرا لكون الشخص الاعتباري ليس إنسانا فلا تثبت له الحقوق الملازمة لطبيعة الإنسان، إنما تثبت له مجرد الحقوق التي تناسب طبيعته الاعتبارية، فلا يتصور تمتعه مثلا بحقوق أسرية، مثل الحق في النفقة أو الحضانة أو الزواج، ولا حتى الحق في التوارث، لكنه يتساوى مع الإنسان في مجموعة من الحقوق، مثل الحق في فتح حساب بنكي، حق تملك العقارات، الحق في التقاضي وغيرها من الحقوق التي تسمح بها طبيعته الاعتبارية. وإذا كانت شخصية الإنسان تفترض قبل ولادته وهو جنين في بطن أمه، فإن الشخصية الاعتبارية تكتسب وفق شكليات وإجراءات يطلبها القانون، فالدولة مثلا تكتسب شخصيتها منذ الاعتراف الجماعي بها من طرف الأمة بعد تشكيل الحدود وإعلان المراسيم اللازمة لذلك، والجمعيات تكون لها شخصية اعتبارية بعد استكمال إجراءات الجمع العام التأسيسي والحصول على الإذن بالممارسة من قبل السلطة العامة، والشركات التجارية تمنح لها شخصية معنوية بعد القيد في السجل التجاري والقيام بإجراءات الشهر، والهدف من ذلك الإعلان للعموم بولادة شخصية قانونية جديدة من أجل حماية المتعاملين معها مستقبلا وضمان عدم وقوعهم في أي لبس بشأن الوضعية القانونية لهذا الشخص الاعتباري الجديد. تختلف الأسباب التي تنتهي بها الشخصية الاعتبارية، فقد تنتهي لأسباب طبيعية مثل انقضاء المدة المحددة لها، كأن يتم تحديد مدة معينة لقيام شركة تجارية، وعند انتهاء تلك المدة ينقضي العمر الافتراضي لها، وقد تنتهي بطريقة اختيارية مثل أن يتفق أعضاء جمعية قائمة بالإجماع أو بالأغلبية على حلها، كما يمكن أن تنتهي بطريقة إجبارية مثل صدور قرار قضائي بحل الشركة لمخالفتها مقتضيات قانونية ملزمة.