20 سبتمبر 2025
تسجيلتمر الأيام سريعا من عمر الإنسان، بين رحلة عمر بكل ما يمر فيه من مواقف وتجارب وخبرات، وبين ما يقف عنده من محطات انتظار وترقب وسؤال وحيرة، ومحطات أخرى يلتقي خلالها وجوها قد يعرفها، وقد يكون التقى بها في سني عمره أو التقى بها في عالم تلاقت فيه الأرواح قبل أن تتلاقى واقعا. أجمل ما يمكن أن يحققه الإنسان من إنجاز يشعر فيه وخلاله بسعادة وقرب حقيقي من روحه هو بكم من الوقت الذي يحقق فيه تصالحا وقربا من ذاته، والالتفات اليها بحب واهتمام في زحمة انشغاله أو زحمة الأمنيات والأحلام التي لم يستطع تحقيقها، أو في زحمة بشر وضجيج يحاول خلالها الهروب والبحث عن ركن هادئ ومكان يختلي فيه بذاته. بعض البشر رغم كم الدوائر والأدوار التي يعيشون ضمنها؛ إلا إنهم لا يلتفتون ولا ينظرون ولا يعيرون اهتماما لمن هم في دائرة قريبة وملتصقة بهم كقدر ورحم، ولا لأهمية الدور الذي يشغلونه. تجدهم في هرولة دائمة وفي لهاث مستمر في الانشغال بمن حولهم وما في أيدي غيرهم!. كل منا يسكنه طفل بريء يرفض أن يتقدم بالعمر أويكبر أو ينضج او أن يغادر، هذا الطفل هو الروح النقية التي قد يتجاهلها وينساها كثير من البشر ظنا منهم أن البراءة ضعف، وأن ردة الفعل العفوية سذاجة، وأن تخصيص وقت لمرافقة وحوار الطفل مضيعة للوقت. هذا الطفل الذي يسكن عمر الإنسان والذي كان أساس تكوين شخصيته ونضوجه عمر مهم وجميل في كل ذكرياته. وإن كان هناك من لم يعش طفولته بكل مراحلها، وكل منا يسكنه كهل وشيخ وعمر إنسان قد يُهمل ويُنسى ويُترك وحيدا، هذا الكهل لسنين يمثل حياة إنسان سبق سنوات عمره الحقيقي ليقبل عليه ويكون ضمن ساكني أعماقه، ليربت على كتفه في لحظات ضعفه، وليمنحه حكمة سنين لم يعشها في زمن حيرة يفتقد فيه سندا يتكئ عليه، ويرشده لرؤية وتجربة وخبرة عمر لم يكن ضمنها، هذا الشيخ الهادئ كثير الصمت والتفكر وجد في أعماق الإنسان ليؤدي دورا مهما قد يفتقده حوله في عقول بشر وحكمتهم. لنصغي لهذا الصوت الهادئ متى ما أخذتنا ظروف الحياة إلى سيناريو لم نكن نتوقعه ونتخيله أن يكون ضمن تجارب عمر نعيشه. كل منا يرافقه شاب طموح تتزاحم أمامه أمنياته ورغباته، وكم الأحلام والطموح التي يرغب في تحقيقها وكم المكاسب التي يسعى لتحقيقها وكسبها، يود في اللحظة التي يعيشها أن يكون كل شيء وفي كل مكان هو الشيء المهم والشخص الذي تلتفت إليه الرؤوس وتصغى له الأسماع وتبرق له الأحداق وتهفو الأرواح للاقتراب منه وطلب وده ورضاه وأن يكون برومانسية جميل وقيس ونزار عصره. هذا العمر نريده دوما معنا ولا نود أن يهدأ تقدمه ولا أن يصمت صوته ووجوده لأنه هو التعبير والصورة التي يراها من حوله. ودافعا دائما لوجوده وتميزه دون أن يتجاهل باقي الأدوار ولا يهمل من هم معه. آخر جرة قلم: نعيش عمرا قد نختار في عجلة حركته ما نريد أن يكون، وقد يسبق القدر ويكون ما هو مقدر ومكتوب في كل لحظة وكل يوم من أعمارنا، لنعتني بأرواحنا وأعمارنا وأعماقنا من أن يصيبها جفاف مشاعر أو ضعف وحزن أو عزلة وهدوء وصمت، لنكون مع الطفل بالعفوية والصدق والبراءة والضجيج الذي يكسر سكون صمت شيخ ونستدعي حكمته. ونرافق الشاب وطموحه ونمنع تهوره، ونسكن للأنثى بكل جمالها وهدوئها ونحافظ على حضورها ووجودها معنا وبيننا.. وبين تلك الأدوار والمراحل أوقات كثيرة الطموح العالي، وتحقيق الأهداف، والسعي لتحقيق المكاسب... إلخ. يضيع ويفوت على الإنسان أجمل المراحل العمرية وأجمل ما فيها، ويفوت عليه مشاعر صادقة تكون حوله ويهملها ويقسو عليها في سبيل تحقيق مصالحه وأحلامه! وينسى أن الغد مجهول لنا وإن رسمنا وخططنا ووضعنا له التوقيت، وإن الغد بيد الخالق سبحانه من يعلم ويتحكم في الأقدار كيفما يشاء سبحانه لا كيفما يشاء ويرغب الإنسان!. لا تنتظر أن تصل لرصيف عمر لا تجد من يرافقك! ولا تجد أصواتا ووجوها كانت يوما معك! الأيام والأعمال والإنجازات تستمر بك وبغيرك وبدونك. Tw:salwaalmulla