16 سبتمبر 2025

تسجيل

صَبْراً آلَ ياسِرْ

12 سبتمبر 2011

قرار زيادة الرواتب جاء بردا وسلاما على السلك التعليمي وخفف عنهم الغبن الوظيفي حقوق المعلمين قبل حقوق المتعلمين المعلم يعاني انقسام موظفي الوزارة بين التعيين المباشر والإعارة لو بحث فينا من حوله عمن سيدخل الجنة من أوسع أبوابها بعد شهر رمضان الفضيل ربما يقول: إنهم آل ياسر الجدد..أعني المدرسين والمدرسات والسلك التعليمي في قطر الذين لم يلبثوا أن ينتهوا من عام دراسي ماض ٍ مضن ٍتمدد بالحرارة على شاكلة المواد في الظواهر الفيزيائية محققا فيه مجلس تعليم قطر أو ربما وزارته التقليدية مجددا هضما لأكبر وأهم فئة مهنية في قطر الذين نكن لهم "كموظفين" اكبر تقدير واحترام، احتراما يوازي جهدهم الجبار في عمر تطوير التعليم في قطر.ولمجرد ذر الرماد في العيون قام المجلس بتغيير موعد بدء إجازة العام الماضي وإنهاء عامها الدراسي الطويل للطلاب قبل أسبوعين من الموعد المحدد فقط تحت وطأة المطالب لاختزال سنة التمدرس عن الوقت المحدد لها حتى لا تثور ثورة الأسر المتذمرين التي كادت أن تقود في مجال التعليم المستقل الى غضب غير مسبوق تصايح فيها القوم على مختلف أدوات التواصل والمنتديات لا من أجل طول سنة التمدرس فحسب بل من اجل هموم تعليمية شتى طرحت مرارا.وانتهى الطلاب وبقي آباؤهم وأمهاتهم ممن هم في سلك التعليم يضجون حرا وظلما تحت كشف توقيع الحضور والانصراف في المدارس — دون طلاب — ليس من تعلق عمله بشؤون الإدارة فحسب! بل كل المعلمين والمعلمات جملة وتفصيلا لا فرق بين إداري وتربوي، حيث لم يطلق سراحهم سوى لمدة أسبوع قبل رمضان، هذا وقد تفضل عليهم المجلس مشكورا بتغيير موعد بدء الإجازة المقررة سلفا يوما واحدا لتبدأ يوم الخميس 21 يوليو بدلا من الجمعة 22 يوليو، فتباشر القوم ظنا أن اليوم يحدث فرقا، وما دروا أن التقديم ليس في صالحهم بل هو إجراء ذكي لاحتساب الخميس مع يومي نهاية الأسبوع الإجازة الأسبوعية الرسمية "الجمعة والسبت" لتخصم وللأسف من رصيد أيام إجازاتهم السنوية المعدودة مع رمضان وإجازة العيد الرسمية المقررة بقرار رسمي لكل موظفي الدولة، ولكنهم — وللأسف — كانوا الخاسر الوحيد دون تعويض عنها ببدل أيام خلال العام أسوة بمختلف مؤسسات الدولة أو حتى على الأقل ببدل مادي عن الأيام المجتزأة تعويضا لها خصوصا ان المعلمين لا يستطيعون كغيرهم من موظفي مؤسسات الدولة اخذ إجازاتهم على مدار العام حسب ظروفهم أو ظروف أبنائهم نظرا لارتباط عملهم بجدول تعليمي معد سلفا نحترمه ونقدره ولا نختلف عليه.فكانت الرمضاء والبطحاء والحر والقيظ وهم يصارعون البقاء في رمضان الذي يعد شهر عمل وعبادة وليس ذلك فحسب، بل يعد بالنسبة للمرأة على وجه الخصوص لا شهر رفاهية، بل شهر تعب وعناء وسط مجتمعات خليجية كريمة اعتادت اجتماعيا ودينيا على التواصل فيه بطبخ وتوزيع الطعام على الفقراء والجيران والتواصل مع ذوي الأرحام وهي في بعضها عبادات وفي بعضها عادات لا يمكن ان تلغى من مجتمعاتنا التواصلية التي تحتاج المرأة فيها على وجه الخصوص بعد رمضان فرصة للراحة التي حرمها منها مجلس التعليم، في الوقت الذي حرم السلك التعليمي — وهو الأضخم في قطر — من التمتع بإجازة مع أسرهم لو خططوا للسفر خارج قطر سواء بقصر الوقت قبل رمضان وقصره بعد رمضان فكانوا وهم يحملون شرف أسمى وأشق مهنة مغبونين دون غيرهم.هذا في الوقت الذي ننتظر نحن فيه أن يعود سلك التعليم لمدارسه وعمله هذه الأيام بكل روحه طاقته المتجددة لأنه المسؤول عن تعليم أبنائنا وانعكاسات راحته وإجازته وإعطائه حقه او اجتزائه تنعكس سلبا او إيجابا عليهم. كل ذلك ونحن نحاسب المدرس على تقصيره تجاه مسؤوليته فيصبح المدرس وللأسف كما يقول المثل العامي "عومه ماكوله ومذمومة".المعلم منتقص الحقوق ويعاني الانقسام وقد نمت في أروقة وزارته تقسيم موظفيه الى فسطاطين، فسطاط الإعارة وفسطاط التعيين المباشر وما بينهما من فروق في تقدير قيمة الراتب والأجر وإشكاليات التجزئة وأثرها على تقدير قيمة الرواتب او حتى الزيادات الأخيرة. هذا وقد ظلم من ظلم وتنحى من تنحى وربما يحق لنا ان نقول استشهد من استشهد وهم يتعللون بالصبر كما صبر آل ياسر فلم يستطع البعض منهم البقاء تحت وطأة وظيفة تشترط عليه فقط ألا يمس "آلهة التعليم بنقد او إصلاح أو مطالب"، ومنهم من كان كعمّار بن ياسر اضطر الى السكوت والخضوع شكليا، أو ربما قال مكرها بلسانه فقط وتحت الضغط:" ا ُعـْل ُ هُبـَلْ " اضطرارا وهو يبكي لأنه مثل من جاء فيه "إلاّ من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان". وما أعظم من إيمان الإنسان برسالته وأمانته.إننا نؤمن بان انتقاص الحق يتبعه ضياع حقوق في متلازمة متعدية تفتك آثارها ليس بالمعلم فحسب، بل بأبنائنا، ونعلم سلفا أن "فاقد الشيء لا يعطيه" وانتهاك حقوق المعلم سواء في إبخاسه حقه في أيام إجازته أو حتى في أجره وراتبه والتفاوت الكبير بينه وبين غيره من موظفي الدولة أو بينه وبين أقرانه وفقا لنظام التعيين في المجلس أو الوزارة أو "تلك التي لسنا نعلم ماهيتها في عرف التعليم في قطر اليوم" هو أول وأكبر معاول هدم العملية التعليمية أعني هدم الإنسان، بل هدم لمستقبل التنمية البشرية التي تنشدها قطر لأن المدارس هي بيت صناعة العقول.يؤكد لنا التاريخ انه عندما تشتد المحن تحدث الهجرة، فلا نريد أن يهجر المعلمون بيتهم أو أن يكون الظلم الوظيفي سببا لطرد المهنيين والمحترفين المشهود لهم من سلك التعليم في قطر.إننا نتمنى من مجلس التعليم مع عام دراسي جديد معالجة حقوق المعلمين قبل حقوق المتعلمين لأنه حجر الأساس الذي تبنى على يده الأجيال على النحو الذي يخفف من الهجرة المرتدة ومن الآثار السلبية على أهم صرح نتطلع جميعا الى قطاف حصاده.هذا ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتقدم لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وولي عهده الأمين بجزيل الشكر والامتنان على قرار زيادة الرواتب التي إن كانت قد أثلجت صدور الموظفين القطريين ممن شملتهم هذه الزيادة، فإنها كانت — على وجه الخصوص — برداً وسلاماً على أهم كوادره المخلصة المكافحة " السلك التعليمي في وزارة التعليم" القرار الذي خفّف عنهم بلا شك عِظَم ْالمشقّة والغبن الوظيفي ووطأة توقيت وقصر مدة إجازة القيظ ولفح الهجير. كاتبة وإعلامية قطريةTwitter: @medad_alqalammedad_alqalam @ yahoo.com