03 أكتوبر 2025

تسجيل

ديمقراطية أم شعبوية؟

12 أغسطس 2021

عندما يهب المجتمع فاقداً الثقة في نخب تبوأت يوماً زمام المسؤولية صارخاً "الجديد" وليس "القديم" أو "نحن" لا"هُم"، عندما يفقد المجتمع ثقته في مؤسسات كانت تمثل له أملاً في مستقبل قادم، عندما يشعر المجتمع أن هؤلاء الذين كانوا يوماً في موقع المسؤولية لم يحققوا إنجازاً واضحاً للمواطن، بل خيبوا ظنه وتوقعاته، قد يبدو مثل هذا الخطاب صيحة ضد هذا الوضع رغم شعبويته، حيث الشعبوي يردد أنا وليس "هو" أو نحن وليس"هم" وهو واقعي في نظري في مجتمع بلا مؤسسات. ولكن الخطورة تبدو عندما يهاجم الرأي الآخر وليس فقط التجربة الفاشلة، وعندما يحجر على الرأي الآخر في إبداء وإبراز ما يراه ويعتقده، في قانون الانتخابات مثلاً فهو هنا يدين نفسه ويعري شعبويته. أوجدنا نُخباً بلا مؤسسات فسقطت في بحرالعسل، لذلك ردة الفعل المتوقعة هي الاعتراض على إعادة تدويرهم، نحن على إدراك تام بالظروف الحرجة التي خرج فيها قانون الانتخاب الحالي التي لم يُحسب حسابها بالشكل الدقيق فيما سبق، وبما يواجه الدولة اليوم من تحديات أمنية وسياسية، إلا أن الخطاب الشعبوي الذي يملأ إعلامنا غير الرسمي اليوم ظاهرة طبيعية نتيجة لممارسات خاطئة، فهو يحاول الخروج من أسر استيلاء الماضي على الحاضر، وهو لايملك سوى الزمن ليقيس عليه نظراً لغياب المؤسسات، محاولاً الوقوف أمام إغراء الريع السياسي والاجتماعي الذي يعتقد أن من حقه الوصول اليه. كذلك عدم شبع بل ونهم هذة النخب الماضوية، فالشعبوية هنا صرخة وليست ظاهرة سياسية، حيث لا مجتمع مدني ولامؤسسات يمكن قياسهما عليه. يندفع هذا الخطاب من الأعماق مباشرة كما نسمع ونرى "لا " كبيرة لهذا المرشح أو ذاك المرشح لأنه لم يخدم المرجعية الأولى، واليوم يريد منها هي التي تنكر لها، أن ترشحه من جديد.. هنا يقف الخطاب الشعبوي شاهراً سيفه في وجهه. فنحن أمام تجربة تحمل في أحشائها شعبوية، ويلتحم الاثنان على أمل أن تنتصر الديمقراطية مؤسسياً، وهذا هو الأمل والرجاء، وليس خطاباً فوقياً فقط يخفي تحت الرماد بركاناً من الجمر لا يزال يشتعل. [email protected]