18 سبتمبر 2025
تسجيلليس المستوى الرسمي هو وحده الفاعل في العلاقة بين دولة قطر وشقيقاتها من الدول العربية، بل كان هناك مستوى شعبي على قدر كبير من الرسوخ والصلابة، من خلال النهضة التعليمية التي شهدتها الدولة منذ الستينيات وصاعداً، لم يكن الإخوة العرب من المصريين والفلسطينيين وغيرهم فقط مدرسين، بل كانوا أيضاً طلاباً ودارسين في النظام التعليمي القطري، الذي بدأ بقوة وبتوجه عروبي قومي جعل الطالب يشعر بعروبته قبل إقليميته الضيقة، وبإنسانيته قبل دينه الذي يعتنقه. ما زلت أذكر إخواننا من العرب الفلسطينيين ذوي الديانة المسيحية يدرسون معنا، وامتازت العلاقة معهم بود شديد وبألفة ومحبة، وأيضاً الأشقاء من مصر والسودان وسوريا. علاقتنا بإخواننا العرب علاقة وثيقة، لا يزال هناك الكثير من هؤلاء الإخوة يذكرون الجميل لقطر والفضل أيضاً في تعليمهم، كثير منهم عادوا أطباء ومهندسين للعمل في قطر. أنا اعتقد أن إشكالية التعايش بين المواطن والمقيم مصطنعة، ولا دخل للطرفين شعبياً بها، البُعد العربي أضفى على العلاقة الشعبية بين أبناء الأمة نوعا من الثبات والمشترك العام أكثر من ضيق الأجندات الأيديولوجية التي عملت على التفريق بين مكونات هذه العلاقة، بشكل يمكن تلمسه من ردود الأفعال على تطور هذه العلاقة الأيديولوجية الضيقة. كان الإخوة من الديانة المسيحية لا يحضرون دروس العلوم الشرعية، ويكتفون بعلامة النجاح الموضوعة لهم، لاختلاف ديانتهم عن المنهج، لم يكن ذلك يمثل للآخرين أي مثلبة أو نقص يمكن التكتل حوله، بل يلتئم جمعنا بعد تلك الحصة فيما تبقى من الحصص بكل ود وتآلف، تلك الروح السائدة جعلتنا نتكدس خلف المقاومة الفلسطينية ونتزاحم ونحن صغار في الابتدائية لنتبرع لفلسطين أو لنحضر خطاب أحمد الشقيري في استاد الدوحة. كانت قطر عضواً فاعلاً، نعم لقد ساهم الإخوة الفلسطينيون في نهضة قطر التعليمية بالذات مع إخوان لهم من مصر وسوريا والسودان، واليوم قطر تضم جميع جنسيات الوطن العربي من المشرق والمغرب، فكما ساهم الجميع في نهضة قطر، أيضاً قطر ساهمت في تعليمهم وفي توظيفهم بعد ذلك، إذا وصلت العلاقة إلى حد المحاسبة بالقنطار تكون في حالة مرضية لا نريد لها أن تصل لهذه الدرجة من الاستشراء المرضي، لن أنسى إخوتي العرب من الأشقاء الفلسطينيين ولا من الإخوة المصريين مدرسين كانوا أم طلابا، جلسوا معنا على كراسي الصفوف ومدرج الجامعات. علينا أن نوظف العلاقة بشكل أفضل، لا يرى فيها المواطن سلباً، ولا يشعر بها الآخر فضلاً، ولا يعتبر الشذوذ قاعدة، كما لا تعتبر القاعدة شذوذاً. نحتاج جميع إخواننا العرب، ليسوا كبديل وإنما كشركاء بعيداً عن الأيديولوجية الضيقة والطهورية الدينية. [email protected]