19 سبتمبر 2025
تسجيليشكل الوعي المجتمعي بعيداً المصلحة العامة يدخله في اطار مجتمع المناسبة بامتياز، بمعنى أنه يخفي ما يمليه عليه وعيه في عقله الباطن أو في اللاوعي بقدر ما ينساق إلى شكلانية ما يفرضه عليه واقعه من مسايرة. تشكل المناسبة الاجتماعية مظهراً اجتماعياً كبيراً في مجتمعاتنا لأهميتها، بل انها تعتبر معلماً تنفرد به هذه المجتمعات دون غيرها فهي رمز للتآلف والتآخي والترابط بين أفراد المجتمع، وهي من لبنات المصلحة العامة بلا شك لكن عليها ألا تكون هي كل ما يمثل المصلحة العامة، لأن مفهوم المصلحة العامة أكثر شمولية من مظاهر المناسبات أيا كان نوعها. في المناسبة تشيع ثقافة غير ناقدة بحكم المناسبة وتحتمل التماثل والتجامل والتسامح إلى حد الانصهار أو الانسحاب؛ في حين أن المصلحة العامة قد تقتضي المصارحة والنقد والاختلاف؛ فلذلك من الضروري تواجد مجتمع المصلحة العامة ومناسباته إلى جانب مجتمع المناسبة الاجتماعية وثقافته. انفراد الأخير بالمجتمع يحوّله إلى قشور غير معبرة عن واقعه الحقيقي وبالتالي يفتقد المجتمع نقد الذات والتطور، فتشيع بالتالي ثقافة الصورة الجامدة لشخوصه كالتي نشاهدها في الأعراس وتتشابك الأيدي وكأنها في الصلاة؛ دلالة على الالتزام بالمناسبة وعدم الخروج عن المألوف بعيداً عن ثقافة الرأي والحركة. المنهج الجدلي الذي يفرز من النقيضين رأياً جديداً غائب تماما عن مجتمع تنفرد به فقط المناسبة الاجتماعية، حتى المنهج القرآني لا يعول على الثبات الذي يقوم ويرتكز عليه مثل هذا المجتمع. هذا المجتمع سيظل ناقصاً ما لم تتزاوج المناسبة الاجتماعية وثقافتها بثقافة المصلحة العليا الناقدة التي تتجاوز الأفراد إلى مصلحة المجتمع ككل وتتحول بالتالي هذه الثقافة إلى مناسبة اجتماعية وتبدو صورها مختلفة تظهر فيها الحركة والمناظرة والحوار. تشيع اليوم في جرائدنا نقلاً للمناسبات الاجتماعية وبالأخص مناسبة الزواج والصورة وحدها قد تحكي ثقافة المجتمع وتحكي حراكه وحيويته. قطر اليوم، تعيش الدوحة عاصمة للثقافة العربية وقد تصرم نصف العام ولا تزال المناسبة الاجتماعية وثقافتها التشابهية هي المسيطرة حتى في عام الثقافة وهو أكثر الأعوام الذي منعت فيه مقالات رأي ؛ أي انتصار لثقافة المناسبة الاجتماعية الجامدة أكبر من ذلك. مفهوم المصلحة العامة مفهوم جلل بل هو ثقافة بحد ذاته وهو فسيفساء لا يعرف الاحتكار لفئة دون غيرها ولا يعرف الثبات بحكم تغير الظروف والأحوال ولا يغني عنه ولا يمثله شكلاً أو مظهرا ًواحداً تحتدم فيه الآراء والتوجهات لتنصهر أخيرا في هدف أسمى هو مصلحة الوطن أي أنه مفهوم ديناميكي صورته متحركة غير ثابتة تقبل الرأي والرأي الآخر. وإلى أن يشيع مثل هذا المفهوم ويصبح ثقافة معاشة لا مستهلكاً إعلامياً سنبقى مع مجتمع المناسبة الاجتماعية وقدسية صوره الجامدة التي لولا العنوان لما عرفنا المناسبة ولظننا بأن الجميع في صلاتهم قائمون. [email protected]