27 أكتوبر 2025

تسجيل

عمرك فيما أفنيته؟

12 أغسطس 2015

قال رسولَ الله صلى الله عليه وسلم "لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ، عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ". المعنى أنَّ الإنسانَ لا تزولُ قدمَاهُ عن موقفِ الحسابِ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن أربعٍ، يُسألُ عن عُمُرِهِ فيما أفناهُ أي ماذا عملتَ منذُ بلغتَ، ويُسألُ عن جسدِهِ فيما أبلاهُ فإنْ أبلاهُ في طاعةِ اللهِ سَعِدَ ونجا مع النَّاجينَ وإنْ أبلَى جَسَدَهُ في معصِيَةِ اللهِ خَسِرَ وهَلَكَ، ويُسأَلُ عَنْ عِلْمِهِ ماذَا عملَ فيهِ، ومنْ أهْملَ العملَ بعدَ أنْ تعلّمَ خَسِرَ وخابَ وهلكَ، وكذلكَ منْ لا يتعلّمُ فهوَ أيضًا من الهالكين. فهل فكرت في عمل دراسة جدوى لعمرك لتعرف أين المكاسب؟ وأين النفقات؟ ثم ما حال الربحية؟ كل الذي يأمله الانسان ان يغادر هذه الدنيا والله راض عنه، قال حكيم مؤمن "اللهم فارض عني فإن لم ترض عني فاعف عني فإن لم نستحق مقام الرضا فامنحنا مقام العفو" أسوق هذا الكلام بعد ما ورد لدي من معلومة أن ممرضة استرالية ألفت كتابا عنوانه "أكثر خمسة أشياء نندم عليها عندما نكبر" في هذا الكتاب معالم مهمة تبين كيف ان الانسان يستعد عند الكبر فيسأل نفسه قبل وفاته عن أبرز الأشياء التي ندم على فعلها أو على عدم فعلها لو عادوا إلى سن الشباب. في هذا الكتاب أظهرت مؤلفته أن الناس الماديين لاحظوا وجود خمس رغبات اشترك في ذكرها معظم كبار السن وهذه الرغبات الخمس هي: أولاً: تمنوا لو كانت لديهم الشجاعة ليعيشوا لانفسهم ولا يعيشوا الحياة التي يتوقعها أو يريدها منهم الآخرون.. فقد عبر معظمهم عن ندمه على إرضاء الغير (كرؤسائهم في العمل) أو الظهور بمظهر يُرضي المجتمع أو من يعيشون حولهم. ثانياً: تمنوا لو أنهم خصصوا وقتاً أطول لعائلتهم وأصدقائهم بدلا من إضاعة العمر كله في روتين العمل المجهد. ثالثًاً: تمنوا لو كانت لديهم الشجاعة ليعبروا عن مشاعرهم بصراحة ووضوح، فالكثيرون كتموا مشاعرهم لأسباب مثل تجنب مصادمة الآخرين، أو التضحية لأجل أناس لايستحقون. رابعاً: تمنوا لو بقوا على اتصال مع أصدقائهم القدامى أو تجديد صداقتهم معهم.. فالأصدقاء القدامى يختلفون عن بقية الأصدقاء كوننا نشعر معهم بالسعادة ونسترجع معهم ذكريات الطفولة الجميلة. ولكننا للأسف نبتعد عنهم في مرحلة العمل وبناء العائلة حتى نفقدهم نهائياً أونسمع بوفاتهم فجأة. وأخيراً: تمنوا لو أنهم أدركوا مبكراً المعنى الحقيقي للسعادة، فمعظمنا لا يدرك إلا متأخراً أن السعادة كانت حالة ذهنية لا ترتبط بالمال أو المنصب أو الشهرة.. إن السعادة كانت اختياراً يمكن نيله بجهد أقل وتكلفة أبسط ولكننا نبقى متمسكين بالأفكار التقليدية حول تحقيقها. مقارنة مع جاء في كتاب هذه الممرضة الاسترالية وما جاء في الحديث الشريف يتبين أنهم يغفلون أن الله يسأل الانسان أياً كان عن عُمُرِهِ فيما أفناهُ لأنَ وجودَ الانسانِ بإيجادِ اللهِ نعمةٌ فَيُسألُ العبدُ عنْ هذهِ النِّعمةِ. اللهُ أنعمَ عليناِ بالوجودِ فيسألُ عنْ هذهِ النعمةِ، الله يسألنا "فيما أفْنَيْتَ عُمُرَكَ" وهنا سر الوجود.. وسلامتكم.