28 أكتوبر 2025

تسجيل

الذهب.. معدن لامع بدون عائدات

12 أغسطس 2015

عقد الكثير من مستثمري الذهب آمالاً وطموحات كبيرة على الصين وبنكها المركزي في شراء كميات ضخمة من المعدن النفيس بهدف تعزيز احتياطياته بخزائن بنك الشعب الصيني، مما يؤدى إلى زيادة الطلب عليه ومن ثم ارتفاع سعره وقيمته وما يترتب على ذلك من زيادة قيمة أرباحهم واستثماراتهم.. إلا أن التصريحات المعلنة لمسؤولي البنك المركزي الصيني قد أحبطت هذه الطموحات والآمال. حيث أعلن المسؤولون الصينيون أن بنكهم المركزي لم يشتر خلال السنوات الست الماضية سوى 604 أطنان من الذهب، وهي كمية قد تبدو كبيرة لدى البعض، إلا أنها بدت أقل كثيراً من التوقعات لدى البعض الآخر وخاصة مستثمري الذهب الذين توقعوا من الصين شراء ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف هذه الكمية.. ولقد أدت تصريحات للمسؤولين الصينيين بشأن انخفاض حيازة البلاد من الذهب بالمقارنة باحتياطياتها من العملات الأجنبية إلى حدوث موجات مكثفة من البيع الجماعي على المستوى العالمي. كما أحدثت تصريحات المسؤولين الصينيين صدمة شديدة لصناديق الادخار والمعاشات الذين سبق لها شراء الذهب على مدار العقد الماضي بما يزيد على 1900 دولار أمريكي للأوقية الواحدة، ومن ثم تزايد إدراك مسؤولي هذه الصناديق بفقدان الذهب لجاذبيته الاستثمارية وتحقيقهم لخسائر ضخمة، في ظل اتخاذه مساراً هبوطياً مسجلاً انخفاضا بلغ نحو 40% من أعلى مستوياته القياسية التي سبق وأن سجلها في عام 2011 حين بلغ سعر الأوقية 1920 دولارا. ولم يستطع المعدن الأصفر النفيس الاستفادة من الفرصة العظيمة التي واتته خلال وبعد أزمة اليونان مع دائنيها الأوروبيين وصندوق النقد الدولي والتي كانت كفيلة بإقناع الكثيرين بتحويل مدخراتهم واستثماراتهم إلى ملاذ استثماري آمن، وليس هناك بالطبع ما هو أفضل من الذهب لأداء هذا الدور، وما يمكن أن يترتب على ذلك من ارتفاع سعره، إلا أن شيئاً من هذا القبيل لم يتحقق، ولم يعيره المدخرون والمستثمرون الاهتمام الواجب، وبعد أن كان الذهب يتمتع فيما مضى بطبيعة مزدوجة كعملة وسلعة فإنه لم يعد مؤخراً مرغوبا فيه كعملة أو كسلعة، وبدلاً عن ذلك تحول المستثمرون إلى ملاذات أكثر أماناً كالدولار الأمريكي وسندات الخزانة الأمريكية. وظهرت على السطح تساؤلات عديدة من المتداولين بالسوق عن إمكانية تراجع أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة في ظل ارتفاع أسعار الأسهم وخفض معدلات التضخم وتزايد احتمالات رفع البنك المركزي الأمريكي لأسعار الفائدة قبل نهاية هذا العام، وما يترتب على ذلك من خفض الطلب على الذهب فيما يطلق عليه فرصة الاستثمار البديلة، وذلك بدلاً من حيازة معدن جميل لامع لكنه بدون عائدات.. وعلى الرغم من ذلك فإن العديد من الدول "وخاصة الغنية منها" مازالت تهتم بتعظيم احتياطياتها من الذهب باعتباره أحد أهم المصادر الهامة المطلوبة للاستخدام كغطاء لإصداراتها من العملات المحلية، أو مواجهة أي أزمات أو صعوبات مالية أو نقدية محتملة، وذلك في ظل ندرة الاكتشافات الجديدة من هذا المعدن النادر. هذا وقد أعلن بنك جولدمان ساكس الذي يعد أحد أكثر البنوك العالمية تأثيرا في تداول السلع عن توقعاته بتراجع أسعار الذهب خلال الأسابيع القليلة المقبلة وكسره لحاجز الألف دولار للأوقية، كما توقع بعض الخبراء الآخرين بلوغ سعر الذهب 950 دولارا للأوقية، فيما أكد فريق ثالث من الخبراء عن تراجع سعر الذهب إلى حدود 850 دولارا فقط وهو السعر الذي لم يسجله منذ عام 2007، وأرجعوا السبب الرئيسي في ذلك إلى الرفع المتوقع لأسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي، ومن ثمن فقد الذهب لمكانته كملاذ آمن للمدخرات والاستثمارات. إلا أن البعض الآخر من الخبراء والمتخصصين من أصحاب النظرة التفاؤلية يشككون ويؤكدون على صعوبة التنبؤ بتراجع أسعار الذهب، من منطلق أن الذهب ليس كبقية المعادن الأخرى التي لها استخدامات صناعية ويتحدد سعرها وفقاً لتكاليف إنتاجها وحجم الطلب عليها، بينما يتشابه الذهب في صفاته الاستثمارية مع العملات والأسهم التي يمكن لأسعارها أن ترتفع كثيراً وسريعاً كما يمكن لها أيضا أن تنخفض كثيراً وسريعاً. ويُزيد هذا الفريق من تفاؤله حينما يزعم بأن الصين لم تكن صادقة في إعلانها عن كمية الذهب الحقيقية التي قامت بشرائها، وأن احتياطيات الصين من الذهب لا تقل عن احتياطيات البنك المركزي الألماني، والذي يُعد صاحب ثاني اكبر احتياطي عالمي من الذهب بعد البنك المركزي الأمريكي، وأن الحكمة في هذا الإعلان المضلل هو رغبتهم في شراء المزيد من الذهب بأسعار رخيصة.