29 أكتوبر 2025

تسجيل

أردوغان رئيسا.. فهل يتوسع محور الخير؟

12 أغسطس 2014

رغم أن فوز الرئيس رجب طيب أردوغان برئاسة الجمهورية التركية لأول مرة عن طريق الانتخاب المباشر، لا يفرح كثيرا من الأنظمة المهتزة ولا الرؤساء المصابون بالفصام السياسي في العالمين العربي والغربي، ولكنهم قبلوا النتيجة على مضض، فقد كانت النتيجة شبه مؤكدة، رغم الأماني بخسارة أردوغان وحزبه، علّ الخط التركي يبدأ بالتعرج تجاه القضايا الإسلامية والفلسطينية منها. لهذا على العرب أن يتعلموا درسا من رجل يقود بلاده وشعبه نحو الأفضل سياسيا واقتصاديا وينافس بها دول العالم المتقدم،وهذا هو الشخص المنشود في بلاد طالما عانت من حكم الدكتاتورية والعسكرية، ومطاردة الوطنيين، فالإخلاص ليس مرهونا لفئة دون أخرى ولا لملة بعينها، فكثير من الشعوب وقادتها الذين آمنوا بأوطانهم وشعوبهم وقضاياهم استطاعوا جميعا النصر في حروبهم وأرغموا أعداءهم على قبول الأمر الواقع رغم قوة العدو، وهذا للأسف ما لا نجده في عالمنا العربي الذي كشفت الحرب البربرية الصهيونية على غزة عن الوجه البشع للسياسات الجديدة والزعامات الكرتونية الجديدة التي تم رفعها،أو المحافظة عليها فوق مقاعد الرئاسة والقيادة. إن تركيا أثبتت أن هناك شكلا جديدا من الديمقراطية الوطنية يختلف عن المثال الشرق أوسطي الذي تمثله إسرائيل، فهناك ادعاء بوجود دولة ديمقراطية تقودها حكومات تعيش أطول كلما خاضت حروبا ضد المدنيين العزل، استنادا لشهوة الانتقام الديني من المسلمين الذي تنتهجه الصهيونية اليهودية المتطرفة، ولكن خلال عقد مضى طاردت رؤساء إسرائيل العديد من الاتهامات أو الفضائح المباشرة من قبل الداخل الإسرائيلي، ودون النظر إلى الجرائم المسجلة في السيرة الذاتية لأكثرهم ضد العرب والفلسطينيين خصوصا خلال تاريخ الصراع، فأغلبهم كانوا قادة في عصابات " هاشومير والهاجاناه والأرجون " الموغلة في دماء الأبرياء خلال نصف عقد من تاريخ فلسطين، وآخر رؤسائهم اليوم تطارده الفضائح المالية، فالرئيس الجديد رؤوفين ريفلين متهم بشبهات تتعلق بتلقيه أموالا طائلة من رجل الأعمال دافيد أبل قبل عشر سنوات.. ولم يتحدث أحد عن ذلك.بل إن الصحافة الإسرائيلية اليمينية والناطقة باسم الحكومة والعنصرية اليهودية لا تزال تشن هجومها على ما تسميه (المحور التركي القطري) الداعم لحركة حماس وقلعة غزة التي تحطمت عليها عصا إسرائيل الغليظة، وتطالب بتحشيد أكبر ضد هذا المحور الذي تصنفه الرؤية الإسرائيلية بأنه داعم لما يسمى بالإرهاب الفلسطيني الغزي، وفي الحقيقة التي لا يريد العرب الاعتراف بها أن الحلف القطري التركي هو الذي ساند سياسيا المقاومة الشعبية الفلسطينية في غزة على مدى شهر ونيف، وجعل شعب غزة يؤمن بحقيقة واحدة أنهم هم وحدهم من يصنع الفرق في الصراع مع العدو.إن حربا ضروسا ضد غزة شنتها حكومة نتنياهو على مدى شهر كانت كافية لتعلن فيها النصر على أكبر جيش، فيما لا يغيظ نتنياهو حقا سوى تصريح مختصر يخرج عن الرئيس أردوغان، فالأخير صوته مسموع أمام العالم الغربي أكثر من العرب جميعهم للأسف، والشعب التركي اليوم منحه تصريحا عاما بقيادة بلاده لمرحلة جديدة، يتمنى غالبية العرب وليس الأتراك وحدهم أن يستخدم صلاحياته الجديدة كرئيس لتركيا في صنع الفرق في منطقة الشرق الأوسط بتحالفه مع أصحاب الإرادة الحرة للخلاص من التبعية للقرار الأوروأميركي المساند بشكل أعمى لإسرائيل وسياساتها ونظرتها الدونية للعرب.في أسرار الحرب على غزة تكشفت حقائق لا يريد الكثيرون في حلقات السياسة العليا أن يعرفها الجميع، إذ ظهر لأول مرة الارتياح على محيا بنيامين نتنياهو وعصابته لأن هناك شركاء لهم في عواصم عربية مؤثرة يريدون القضاء على حركة حماس التي خرجت للعالم كحركة سياسية عن طريق خطة ديمقراطية دفعت بها الولايات المتحدة أصلا، وفازت حماس عن طريقها بحكومة منتخبة، فيما لا يزال الشك يطارد الأنظمة التي تحاربها، والمنغصّ الوحيد على حكومة تل أبيب سياسيا هو الحلف التركي القطري الذي ما زال يدعم مطالب الشعب والحكومة في غزة ولهذا أهمية كبيرة لا يفهمها من أعمى الحقد والحسد قلبه. إن المرحلة الجديدة للرئيس أردوغان يجب أن يتم استغلالها عربيا لدرجة كبيرة، مع الاعتراف بأننا في العالم العربي عاجزون تماما عن صنع الفرق في صراعاتنا مع غيرنا، فمن الممكن أن تكون تركيا حليفا قويا مقابل حلف إيران سوريا العراق ومن لف لفهم، ومقابل الحلف الإسرائيلي المصري الجديد ومن خلفهم من أعداء حركة حماس التي كشفت عوراتهم ونكأت ضغائن قلوبهم. وعلى الدول العربية الأخرى الصامتة والمنفردة أن تتحرك سريعا للانضمام مبدئيا لشكل سياسي جديد ضمن ما يسمى محور " قطر تركيا" المزعج لمحور الشر الذي تقوده تل أبيب ورفاقها، خصوصا مع تحولات المجتمعات في أوروبا وأمريكا اللاتينية ضد إسرائيل وجرائمها وبربريتها السادية، فلم يعد هناك حلف الدولة الواحدة في هذا العالم، فإن تبقى وحيدا ستبقى ضعيفا طريدا بلا شك.