12 سبتمبر 2025

تسجيل

ثلاثون سببًا ووجها لِفرح الصائم بفطره

12 أغسطس 2013

لَوْ بَلَغَ الْعَبْدُ مِنَ الطَّاعَةِ مَا بَلَغَ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ الْحَذَرُ والخوف من أَنْ يُغَيِّبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ شُهُودَ أَوَّلِيَّتِهِ فِي ذَلِكَ وَمِنَّتِهِ وَفَضْلِهِ، وَأَنَّهُ مَحْضُ مِنَّتِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ بِهِ وَحْدَهُ، وَمِنْهُ وَحْدَهُ. فَيَغِيبُ عَنْ شُهُودِ حَقِيقَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى " وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ"الأعراف/43، وقوله تعالى{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53] وَقَوْلِهِ {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154] وقوله " وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّه"هود/88، وَقَوْلِهِ {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107] ، وَقَدْ خَافَهُ خِيَارُ خَلْقِهِ، وَصَفْوَتِهِ مِنْ عِبَادِهِ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْمِهِ - وَقَدْ خَوَّفُوهُ بِآلِهَتِهِمْ - فَقَالَ {وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الأنعام: 80] فَرَدَّ الْأَمْرَ إِلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ وَعِلْمِهِ.قَالَ شُعَيْبٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ قَالَ لَهُ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ (..لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ*قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ"الأعراف/88-89، فَرَدَّ الْأَمْرَ إِلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِلْمِهِ، أَدَبًا مَعَ اللَّهِ، وَمَعْرِفَةً بِحَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ، وُوُقُوفًا مَعَ حَدِّ الْعُبُودِيَّةِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99] . وعلى ضوء ذلك جاء الحديث عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ صُمْتُ رَمَضَانَ وَلاَ قُمْتُهُ كُلَّهُ. وَلاَ أَدْرِي كَرِهَ التَّزْكِيَةَ، أَوْ قَالَ: لاَ بُدَّ مِنْ غَفْلَةٍ وَرَقْدَةٍ. - وفي رواية: لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنِّي قُمْتُ رَمَضَانَ كُلَّهُ. قَالَ قَتَادَةُ: فَاللهُ أَعْلَمُ أَخَشِيَ التَّزْكِيَةَ عَلَى أُمَّتِهِ، أَمْ يَقُولُ: لاَ بُدَّ مِنْ رَاقِدٍ، أَوْ غَافِلٍ[1].والحديث وإن ضعف سندا ؛ إلا أن الآيات القرآنية السابقة ، تؤكد معناه.فالفضل لله وحده.أولا وآخرا.معنى الْفَرَحُهذا والفرح بمعنى السرور. والفرح لذة في القلب بإدراك المحبوب.والفَرَح: ضدُّ التَرَح، وهو انشراح الصَّدْر بلذَّة عاجلة، والفَرِح: الكثير الفَرَح قال الله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين} . ولك عندى فَرْحة، أَى بشرى.وأَفْرَحَهُ: غمَّه، وأَزال فرحه، وتقول: أَفرحتنى الدُّنيا ثم أَفرحتنى، والهمزة للسّلب ورجل مِفراح: كثير الفرح[2].وَالْفَرَحُ : لَذَّةٌ تَقَعُ فِي الْقَلْبِ بِإِدْرَاكِ الْمَحْبُوبِ وَنَيْلِ الْمُشْتَهَى. فَيَتَوَلَّدُ مِنْ إِدْرَاكِهِ حَالَةٌ تُسَمَّى الْفَرَحَ وَالسُّرُورَ. كَمَا أَنَّ الْحُزْنَ وَالْغَمَّ مِنْ فَقْدِ الْمَحْبُوبِ. فَإِذَا فَقَدَهُ: تَوَلَّدَ مِنْ فَقْدِهِ حَالَةٌ تُسَمَّى الْحُزْنَ وَالْغَمَّ. وَذَكَرَ سُبْحَانَهُ الْأَمْرَ بِالْفَرَحِ بِفَضْلِهِ وَبِرَحْمَتِهِ عَقِيبَ قَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] وَالسُّرُورُ يُذَكِّرُ بِالسُّرُورِ. وَاللَّذَّةُ تُذَكِّرُ بِاللَّذَّةِ. وَصِيَانَةُ السُّرُورِ أَنْ يُدَاخِلَهُ أَمْنٌ. إِنَّ السُّرُورَ وَالْفَرَحَ يَبْسُطُ النَّفْسَ وَيُنَمِّيهَا. وَيُنْسِيهَا عُيُوبَهَا وَآفَاتِهَا وَنَقَائِصَهَا. إِذْ لَوْ شَهِدَتْ ذَلِكَ وَأَبْصَرَتْهُ لَشَغَلَهَا ذَلِكَ عَنِ الْفَرَحِ.الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرَحُ والرِّضَاالْفَرَحَ أَعْلَى أَنْوَاعِ نَعِيمِ الْقَلْبِ، وَلَذَّتِهِ وَبَهْجَتِهِ. وَالْهَمُّ وَالْحُزْنُ عَذَابُهُ. وَالْفَرَحُ بِالشَّيْءِ فَوْقَ الرِّضَا بِهِ. فَإِنَّ الرِّضَا طُمَأْنِينَةٌ وَسُكُونٌ وَانْشِرَاحٌ. وَالْفَرَحُ لَذَّةٌ وَبَهْجَةٌ وَسُرُورٌ. فَكُلُّ فَرِحٍ رَاضٍ. وَلَيْسَ كُلُّ رَاضٍ فَرِحًا. وَلِهَذَا كَانَ الْفَرَحُ ضِدَّ الْحُزْنِ، وَالرِّضَا ضِدَّ السُّخْطِ. وَالْحُزْنُ يُؤْلِمُ صَاحِبَهُ، وَالسُّخْطُ لَا يُؤْلِمُهُ، إِلَّا إِنْ كَانَ مَعَ الْعَجْزِ عَنِ الِانْتِقَامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.وطلاب الدنيا وأصحاب الحظوظ الدنيوية ، تجدهم راضين بها فرحين غرورا قال تعالى "إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ*أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ {8}يونس/7-8-  " وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ" الرعد/26} ولبيان الفرق الدقيق بين الفرح والرضا، عند ظهور نتيجة العام الدراسي يجد بعض الطلاب اسمه في كشوف الناجحين ؛ ولكن بنسبة 50 % ، بينما يجد طالب آخر اسمه في كشوف الناجحين بنسبة فوق 95% بحيث يتمكن من دخول الكلية التي يرغب فيها ، بينما الأول صاحب الخمسين في المائة بمجموعه هذا لا يصل إلى الكلية التي يريدها، فما تقول في مشاعر كل منهما ، لا شك أن صاحب الخمسين في المائة راضٍ لأنه ناجح ، ولكنه غير فرح ، بينما صاحب النسبة فوق الخمسة والتسعين فرح وراضٍ ، حيث نجح  بمجموع يُؤهله لدخول ما يرغب من كليات القمة كما يقولون. ولهذا قلنا فَكُلُّ فَرِحٍ رَاضٍ. وَلَيْسَ كُلُّ رَاضٍ فَرِحًا.الْفَرْقُ بَيْنَ الفرح وَالِاسْتِبْشَارِوَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِبْشَارِ: أَنَّ الْفَرَحَ بِالْمَحْبُوبِ يكون بَعْدَ حُصُولِهِ ووقوعه، وَالِاسْتِبْشَارُ يَكُونُ بِهِ قَبْلَ حُصُولِهِ ووقوعه ؛إِذَا كَانَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ حُصُولِهِ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} [آل عمران: 170] .وَالْفَرَحُ صِفَةُ كَمَالٍ وَلِهَذَا يُوصَفُ الرَّبُّ تَعَالَى بِأَعْلَى أَنْوَاعِهِ وَأَكْمَلِهَا، كَفَرَحِهِ بِتَوْبَةِ التَّائِبِ أَعْظَمُ مِنْ فَرْحَةِ الْوَاجِدِ لِرَاحِلَتِهِ الَّتِي عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فِي الْأَرْضِ الْمُهْلِكَةِ بَعْدَ فَقْدِهِ لَهَا، وَالْيَأْسِ مِنْ حُصُولِهَا.في الصحيح " لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ نَزَلَ مَنْزِلًا وَبِهِ مَهْلَكَةٌ وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ نَوْمَةً فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ رَاحِلَتُهُ حَتَّى إِذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ وَالْعَطَشُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي فَرَجَعَ فَنَامَ نَوْمَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ" صحيح البخاري، كِتَاب الدَّعَوَاتِ. باب التَّوْبَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: 124] نماذج للفرح المحمود في القرآن الكريم.1-فرح المؤمنين من أهل الكتاب بالقرآن الكريمقَالَ تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [الرعد: 36] .2-فرح الشهداء بما آتاهم الله من فضلهقال تعالى "فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ"آل عمران/170-173-فرح المؤمنين بنصر اللهقال تعالى"لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ*بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ"الروم/4-5.4-الفرح بنعمة الإسلام والقرآن الكريمقال تعالى:"قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" يونس/58}غالبا ما يكون الفرح في أمور دنيويةوعن مشاعر أعداء المؤمنين نحوهم يقول تعالى: "إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" آل عمران/120.وقال جلَّ مذكورا وعز مرادا "إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ" التوبة/50.وقال سبحانه :"فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ" النمل/36وَالْجَنَّةُ مِنْ أَعْظَمِ الْبُشْرَيات. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 25] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30] .قِيلَ: وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُؤَثِّرُ فِي بَشَرَةِ الْوَجْهِ. وَلِذَلِكَ كَانَتْ نَوْعَيْنِ: بُشْرَى سَارَّةٌ تُؤَثِّرُ فِيهِ نَضَارَةً وَبَهْجَةً، وَبُشْرَى مُحْزِنَةٌ تُؤَثِّرُ فِيهِ بُسُورًا وُعُبُوسًا. وَلَكِنْ إِذَا أُطْلِقَتْ كَانَتْ لِلسُّرُورِ. وَإِذَا قُيِّدَتْ كَانَتْ بِحَسَبِ مَا تُقَيَّدُ بِهِالفرق بين السرور والفرحقَالَ صَاحِبُ الْمَنَازِلِ:السُّرُورُ: اسْمٌ لِاسْتِبْشَارٍ جَامِعٍ. وَهُوَ أَصْفَى مِنَ الْفَرَحِ. لِأَنَّ الْأَفْرَاحَ رُبَّمَا شَابَهَا الْأَحْزَانُ. وَلِذَلِكَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِاسْمِهِ فِي أَفْرَاحِ الدُّنْيَا فِي مَوَاضِعَ. وَوَرَدَ السُّرُورُ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ فِي حَالِ الْآخِرَةِ. يُرِيدُ بِهِمَا: قَوْلَهُ تَعَالَى {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: 7] وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي: قَوْلُهُ: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11] وَوَرَدَ السُّرُورُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا فِي مَوْضِعٍ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: 10] . فَقَدْ رَأَيْتَ وُرُودَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ فِي الْقُرْآنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَأَحْوَالِ الْآخِرَةِ، التَّرْجِيحُ لِلْفَرَحِ: لِأَنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُوصَفُ بِهِ. وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُهُ دُونَ السُّرُورِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَكْمَلُ مِنْ مَعْنَى السُّرُورِ، وَأَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58] وَأَثْنَى عَلَى السُّعَدَاءِ بِهِ فِي قَوْلِهِ: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 170]السُّرُورُ وَالْمَسَرَّةُ: مَصْدَرُ سَرَّهُ سُرُورًا وَمَسَرَّةً. وَكَأَنَّ مَعْنَى سَرَّهُ: أَثَّرَ فِي أَسَارِيرِ وَجْهِهِ. فَإِنَّهُ تَبْرُقُ مِنْهُ أَسَارِيرُ الْوَجْهِوَلِذَلِكَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِاسْمِهِ فِي أَفْرَاحِ الدُّنْيَا فِي مَوَاضِعَ. أي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَسَبَ الْفَرَحَ إِلَى أَحْوَالِ الدُّنْيَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأنعام: 44] وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: 76] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود: 10] . فَإِنَّ الدُّنْيَا لَا تَتَخَلَّصُ أَفْرَاحُهَا مِنْ أَحْزَانِهَا وَأَتْرَاحِهَا أَلْبَتَّةَ. بَلْ مَا مِنْ فَرْحَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا تَرْحَةٌ سَابِقَةٌ، أَوْ مُقَارِنَةٌ، أَوْ لَاحِقَةٌ. وَلَا تَتَجَرَّدُ الْفَرْحَةُ. بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَرْحَةٍ تُقَارِنُهَا. وَلَكِنْ قَدْ تَقْوَى الْفَرْحَةُ عَلَى الْحُزْنِ فَيَنْغَمِرُ حُكْمُهُ وَأَلَمُهُ مَعَ وُجُودِهَا. وَبِالْعَكْسِ.الفرح المذموموقد ورد ذم الفرح في مواضع كثيرة من الكتاب العزيز  وبالملاحظة تجد أنها قد جاءت كلها بالفرح مقرونا بالمعصية من أشر وبطر واستمراء للمخالفة واستملاح لها وذلك1-كقوله تعالى:" لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"[3]2-كقوله تعالى:" فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ"[4]3-وقوله تعالى:" فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ* فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ"[5]4-وقوله تعالى : " وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ  فَخُورٌ*إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ"[6]5-وقال تعالى :" وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ"[7]  وقال تعالى:" فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ * فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ"[8]6-وكقوله تعالى : " إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ"[9]7-وقال تعالى:" وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ*مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ"[10]8-وقال تعالى:" ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ* ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ"[11]9-وقال تعالى:" فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون* فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ*فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ"[12] في كل هذه المواضع جاء الفرح مذموما لاقترانه بمعصية من المعاصي كما أشرنا من قبل أما إذا اقترن بطاعة وتجرد من الملابسات السابقة كان مشروعا محمودا.1-لقوله تعالى : " فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ" آل عمران: 170[13]]2-وقوله تبارك وتعالى:"قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ"[14] أي بالقرآن والإسلام فليفرحوا؛ لقد جاء الأمر بالفرح هنا بأجل نعم الله تعالى وهو القرآن والإسلام وفي الحديث " مَنْ سَرّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيّئتُهُ فَذَلِكُمْ المُؤْمِن"[15] صحيح الجامع حديث رقم: 2546 فالسرُور بِطَاعَة الله والاغتمام بِمَعْصِيَة الله من علامات الإيمان ، كما نص على ذلك هذا الحديثوكان السرور والفرح هنا مشروعا للتوفيق للطاعة والعكس الغم والهم عند المعصية فالمنهي عنه من الفرح ما كان أشرا وبطرا وكان اغترارا وخداعا وعدوانا والمرح : شدة الفرح. وقال الضحاك: الفرح السرور، والمرح العدوان قال تعالى:" وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً*كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً"[16]وفي الصحيح: (للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه) صحيح مسلم كتاب الصيام. باب فضل الصيام.‏ولكن ما سبب هذا الفرح فيما ترى ؟!رحمة التشريع في حرمة الوصال1- هل الرحمة في تشريع  الإفطار بمغيب الشمس ؟ ولم يأذن  بالوصال بل حرَّمه ، فأزال عن الصائم سبباً من أسباب الهلاك والْوِصَالَ تَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وسائر المفطرات فِي اللَّيْلِ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ، والقول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابتة الصحيحة أن الوصال حرام ففي صحيح البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ فَقَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ قَالَ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ" صحيح البخاري كِتَاب الصَّوْمِ. باب الْوِصَالِ وَمَنْ قَالَ لَيْسَ فِي اللَّيْلِ صِيَامٌ. وعن أبي ذرٍّ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم واصَلَ بينَ يومينِ وليلةٍ، فأَتاهُ جبريلُ فقالَ: «إنَّ اللهَ قدْ قبلَ وِصالَكَ، ولا يحلُّ لأحدٍ بعدَكَ[17]، وذلكَ بأنَّ اللهَ قالَ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187] قالت عائشة - رَضِيَ الله عنها -  : (الليل غاية الصوم )، وَاللَّيْلُ لَيْسَ بِزَمَانِ صَوْمٍ شَرْعِيٍّ، حَتَّى لَوْ شَرَعَ إِنْسَانٌ فِيهِ الصَّوْمَ بِنِيَّةِ مَا أُثِيبَ عَلَيْهِ، ومحل الإفطار ساعة غروب الشمس ، وافتراق النهار عن الليل كما في الصحيح  "إذا أقبل الليل وأدبر النهار، وغابت الشمس، فقد أفطر الصائم".أخرجه أحمد في المسند وأورده مسلم في صحيحه كتاب الصيام. باب بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار. ،هذا والحكمة في النهي عن الوصال في الصيام هي درء المفسدة المترتبة على الوصال، وهي الملل من العبادة والتعرض للتقصير في بعض وظائف الدين، من إتمام الصلاة بخشوعها وأذكارها وآدابها، وملازمة الأذكار وسائر الوظائف المشروعة في نهاره وليله، والله أعلم. وقد ورد في رواية عند مسلم " فَاكْلَفُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ"وقال الطيبي رحمه الله: الجوع يضعف القوى ويشوّش الدماغ فيثير أفكاراً ردية وخيالات فاسدة، فيخل بوظائف العبادات والمراقبات ولذلك خص بالضجيع الذي يلازمه ليلا ومن ثم حرم الوصال. والليل ليس زمانا لصومٍ شرعي، حتى لو شرع إنسان فيه الصوم بنية ما أثيب عليه، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال مخافة الضعف على الأبدان وكل  ما سد الجوعة وسكن الظمأ، فمندوب إليه عقلا وشرعا، لما فيه من حفظ النفس وحراسة الحواس ولذلك ورد الشرع بالنهي عن الوصال؛ لأنه يضعف الجسد ، ويميت النفس ، ويقعد به عن العبادة ، ويميت النفس، ، وذلك يمنع منه الشرع ويدفعه العقل. . كما يكره صوم الدهر، لأنه يضعفه، أو يصير طبعاً له، ومبنى العبادة على خلاف العادة. فأفرح قلبه بتشريع الفطر والنهي عن الوصال. وليس لمن منع نفسه قدر الحاجة حظ من بر ولا نصيب من زهد؛ لأن ما حرمها من فعل الطاعة بالعجز والضعف أكثر ثوابا وأعظم أجرا.راجع بحثنا (مِن حِكم الصوم وأسراره)التميز وعدم التشبه بأهل الكتاب2- أم بالتميز وعدم التشبه بأهل الكتاب الذين يُواصلون، فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ لَيْلَى امْرَأَةِ بَشِيرِ ابْنِ الْخَصَاصِيَةِ قَالَتْ أَرَدْت أَنْ أَصُومَ يَوْمَيْنِ مُوَاصَلَةً فَمَنَعَنِي بَشِيرٌ وَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْوِصَالِ وَقَالَ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ النَّصَارَى[18] صوموا كما أمركم الله، وأتموا الصوم كما أمركم الله و {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ، فإذا كان الليل فأفطروا"[19].قال شيخ الإسلام: "فعلل النهي عن الوصال بأنه صوم النصارى، وهو كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ويشبه أن يكون من رهبانيتهم التي ابتدعوها"الدعوة المستجابة عند الفطر3- أم الدعوة المستجابة عند الفطر للحديث عند أحمد في المسند من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم. مشكاة المصابيح (2/ 695) وَكَانَ ابْنُ عَمْرٍو إذَا أَفْطَرَ يَقُولُ "اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِرَحْمَتِك الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي"[20]. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: (لَكَ صُمْنَا وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْنَا فَتَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ: (ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ[21]) رواه أبوداود وحسنه الألباني... وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ: (أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ).فالمسلم  يبدأ صيام يومه من وقت مبارك من آخر ثلث  الليل الأخير وهو وقت الفيض الإلهي والتجلي الرباني حيث تكون أبواب السماء  مفتحة لكل داعٍ  أو سائل أو تائب  أو مستغفر أو مستغيث كما في الصحيح أن رسول اللّه - صَلَّى الله عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - قال: "ينزل اللّه تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: هل من سائل فأعطيه هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر"[22].  فهذا الوقت مظنة القبول وإجابة الدعاء ، والصائم كامل ومقبول الصوم هو الذي صان جميع جوارحه عن المخالفات فيُجَاب دعاؤه لطهارة جسده بمخالفة هواه.ولا سيما أثناء صومه_ في ‏كنز العمال/ للمتقي الهندي /الفصل الرابع في إجابة الدعاء باعتبار الذوات والأوقات المخصوصة ((ثلاث حق على الله أن لا يرد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر،والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع)).وعزاه الهندي إلى البزار من حديث أبي هريرة رَضِيَ الله عنه _ قال الدميري: يستحب للصائم أن يدعو في حال صومه بمهمات الآخرة والدنيا له ولمن يحب وللمسلمين لهذا الحديث، والمسلم ينتهي صيام يومه بوقت مبارك يستجيب الله تعالى فيه الدعاء وذلك من ناحيتين الأولى نهاية يوم الصوم ووقته ، والصيام عمل صالح ، والتوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة لا خلاف فيه بين العلماء كما في حديث أصحاب الغار الثلاثة، والناحية الثانية عند الآذان لصلاة المغرب فعند النداء تُفتَّح أبواب السماء كما في الحديث  ، ويؤيد استجابة الدعاء عند الفطر رواية "إن للصائم عند فطره لدعوة ما تردّ وقول _ كثير من الفقهاء _يستحب للصائم أن يدعو عند إفطاره. والنص الذي استنبط منه العلماء خصوصية وقت الإفطار وفضيلته بأنه من الأوقات الفاضلة التي يستجاب فيها الدعاء  /عند الترمذي / كتاب صفة الجنة /باب مَا جَاءَ في صِفَةِ الْجَنةِ وَنَعِيمِهَا_ منْ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنه قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم "… ثَلاَثٌ لاَ تُرَدُ دَعْوَتُهُمْ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَالصّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الغَمَامِ، وَتَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السّمَاءِ، وَيَقُولُ الرّبّ عز وجل: وَعِزّتِي لأَنْصُرَتّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ". _ كما أخرجه أحمد في المسند وابن ماجة/ كتاب الصوم/ باب في (الصائم لا ترد دعوته. فالمسلم يصوم فترة من الوقت من طلوع الفجر إلى غروب الشمس خلال هذه الفترة يكون مستجاب الدعوة سحابة نهاره  لحاله ويكون مستجاب الدعوة في البداية والنهاية باعتبار فضيلة الوقتين، ولأمر ما توسطت آية الدعاء آيات الصوم وأعقبت الأمر بإكمال العدة " قال تعالي :"وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"البقرة/185-186، قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى (وفي ذكره تعالي هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام  الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العِدَّة ونهاية شهر الصوم بل عند كل إفطار بنهاية نهار الصوم من كل يوم ) ألا يدعو ذلك إلى الفرح ؟الإباحة بعد الحظر4- أم في الإباحة للطعام  والشراب وسائر النِّعم والمتع  بعد الحظر من طلوع الفجر إلى غروب الشمس  وإن لم يتناول شيئا من المفطرات لما في طبع النفس من محبة الإرسال وكراهة التقييد.  قال تعالى:" أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ"البقرة/187. ولعلك تُلاحظ كلمة " أُحِلَّ لَكُمْ " أي أن هذا الأمر قد كان من قبل حراما ، قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله تعالى - في تفسيره للآية: هَذِهِ رُخْصَة مِنْ اللَّه تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ وَرَفْع لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْر فِي اِبْتِدَاء الإِسْلام فَإِنَّهُ كَانَ إِذَا أَفْطَرَ أَحَدهمْ إِنَّمَا يَحِلّ لَهُ الْأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع إِلَى صَلاة الْعِشَاء أَوْ يَنَام قَبْل ذَلِكَ فَمَتَى نَامَ أَوْ صَلَّى الْعِشَاء حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَام وَالشَّرَاب وَالْجِمَاع إِلَى اللَّيْلَة الْقَابِلَة فَوَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ مَشَقَّة كَبِيرَة.روى البخاري في صحيحه كتاب الصوم.  باب: قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم عن البراء قال: كان أصحاب محمد - صَلَّى الله عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وأن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما - وفي رواية: كان يعمل في النخيل بالنهار وكان صائما - فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت لا، ولكن أنطلق فأطلب لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته فلما رأته قالت: خيبة لك فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي - صَلَّى الله عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - فنزلت هذه الآية: "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم" ففرحوا فرحا شديدا، ونزلت: "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر"البقرة {187}.وفي تفسير القرطبي وَفِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لَا يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:" عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ". يُقَالُ: خَانَ وَاخْتَانَ بِمَعْنًى مِنَ الْخِيَانَةِ، أَيْ تَخُونُونَ أَنْفُسَكُمْ بِالْمُبَاشَرَةِ فِي لَيَالِي الصَّوْمِ. وَمَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ خَانَ نَفْسَهُ إِذْ جَلَبَ إِلَيْهَا الْعِقَابَ. وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: أَصْلُ الْخِيَانَةِ أَنْ يؤتمن الرجل على شي فَلَا يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ فِيهِ. وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَجَعَ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سَمَرَ عِنْدَهُ لَيْلَةً فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ نَامَتْ فَأَرَادَهَا فَقَالَتْ لَهُ: قَدْ نِمْتَ، فَقَالَ لَهَا: مَا نِمْتُ، فَوَقَعَ بِهَا. وَصَنَعَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ مِثْلَهُ، فَغَدَا عُمُرُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَعْتَذِرُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ، فَإِنَّ نَفْسِي زَيَّنَتْ لِي فَوَاقَعْتُ أَهْلِي، فَهَلْ تَجِدُ لِي مِنْ رُخْصَةٍ؟ فَقَالَ لِي: (لم تكن حقيقا يَا عُمَرَ) فَلَمَّا بَلَغَ بَيْتَهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَنْبَأَهُ بِعُذْرِهِ فِي آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ. -أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ ..الآية - " فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ...وَكُلُوا وَاشْرَبُوا" هَذَا جَوَابُ نَازِلَةٍ قَيْسٍ، وَالْأَوَّلُ "بَاشِرُوهُنَّ"...جَوَابُ عُمَرَ، وَقَدِ ابْتَدَأَ بِنَازِلَةِ عُمَرَ لِأَنَّهُ الْمُهِمُّ فَهُوَ الْمُقَدَّمُ""" كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ، أَيْ قَدْ أَحَلَّ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ. وَسُمِّيَ الْوِقَاعُ مُبَاشَرَةً لِتَلَاصُقِ الْبَشَرَتَيْنِ فِيهِ. ابْتَدَأَ بِهِ لِأَنَّهُ الْمُهِمُّ الذي نزلت الآية لأجله. تفسير القرطبي (2/ 315)إتمام الله نعمة صوم  اليوم5-      أم بإتمام الله نعمة صوم  اليوم قال تعالى :" وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ"البقرة/187. وفي الناس من لم يُتم صيام اليوم ، وعرض له ما أفسد عليه صومه. عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله بعد الله وَجهه عَن النَّار سبعين خَرِيفًا " الجمع بين الصحيحين (2/ 453)هذا فضل الله تعالى في جزاء صيام يوم في سبيل الله في غير رمضان كما جاء الحديث هكذا مطلقا، فما بالك إذا كان اليوم من أيام رمضان؟! وفي الصحيح " الصوم جُنّة وحصن حصين من النار " رواه أحمد 2/402 وهو في صحيح الترغيب 1/411 وصحيح الجامع 3880 ، ألا يدعو ذلك إلى الفرح ؟!إتمام الله تعالى النعمة وإكمال العدة6-   أم بإتمام الله تعالى نعمة صوم الشهر وإكمال العدة برؤية الهلال ، قال تعالى :" فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ"البقرة/185. وبذلك حقَّقَّ ركن الإسلام  وشعبة الإيمان، وفي الصحيح :" عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ."صحيح البخاري صحيح البخاري كِتَاب الْإِيمَانِ. بَاب قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -" بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ".صحيح مسلم  كتاب الإيمان. باب بيان أركان الإِسلام ودعائمه العظام. وفي الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلوات الله وتسيلاماته عليه -: " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ."صحيح البخاري كِتَاب الْإِيمَانِ. بَاب صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنْ الْإِيمَانِ.وذلك مدعاة للفرح والسرور ، ولا يأتي على المسلم شهر خير له من سائر شهور العام مثل رمضان، فعن أبى هريرة -رضي الله عنه :عن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال:أظلكم شهركم هذا بمحلوف رسول الله ما مر على المسلمين شهر هو خير لهم منه ولا يأتى على المنافقين شهر شر لهم منه إن الله يكتب أجره وثوابه من قبل أن يدخل ويكتب وزره وشقاءه قبل أن يدخل وذلك أن المؤمن يعد فيه النفقة للقوة فى العبادة ويعد فيه المنافق اغتياب المؤمنين واتباع عوراتهم فهو غُنْم للمؤمن ومعصية على الفاجر"[23] قال تعالى" قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون" يونس/58 وقد مضي معنا فضل الله تعالى في جزاء صيام يوم في سبيل الله بإبعاد النار عن وجه الصائم سبعين عاما، في غير رمضان فما بالك إذا كان هذا اليوم في رمضان المضاعف الأجر والمثوبة ، فالعمل الصالح يضاعف الله تعالى الأجر عليه لفضيلة الزمان أو المكان إلى آخر هذه الأسباب التي استوفيناها في بحثنا " أولئك يؤتون أجرهم مرتين" بحمد الله ومنته . فإذا أتم الله تعالى النعمة على العبد فصام الشهر حتى أحل الله تعالى له الفطر برؤية هلال شوال، فأفرح قلبه ، وشرح صدره فقد باعد الله تعالى بصيامه الشهر كاملا النار عن وجهه ألفين ومائة عام ، حرَّم الله تعالى بشرتنا وشعرنا على النار بحرمة وجهه الكريم. جعل الله تعالى الصوم  "أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ"7-أم لأن الله تعالى جعل الصوم  "أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ" هي أَيَّام رَمَضَان، ثلاثون يوما أو تسعة وعشرون يوما لما روى سعيد بن العاص إنّه سمع ابن عمر يحدّث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إنّا أمّة أميّة لا تحسب ولا تكتب الشهر هكذا وهكذا وهكذا» وعقد الإبهام في الثالثة والشّهر هكذا وهكذا وهكذا تمام ثلاثين"السنن الكبرى للنسائي: 2/ 74.  ففِيه إِشَارَة إِلَى التَّيْسِير، حَيْثُ لم يُوجب صَوْم كل السّنة، وَإِنَّمَا أوجبه أَيَّامًا معدودات ، تَسْهِيلًا عَلَى الْمُكَلَّفِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ يَحْصُرُهَا الْعَدُّ لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ الَّتِي تَفُوتُ الْعَدَّ فمعنى مَعْدُوداتٍ موقتات بعدد معلوم. أو قلائل، وَلِهَذَا وَقَعَ الِاسْتِعْمَالُ بِالْمَعْدُودِ كِنَايَةً عَلَى الْقَلَائِلِ، كَقَوْلِهِ: "فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ"  سورة البقرة: 2/ 203.لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً "سورة البقرة: 2/ 80."وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُود" سورة يوسف: 12/ 20. وأصله أنّ المال القليل يقدّر بالعدد. والذي يُرجِّح أنه تعالى جعل الصيام"أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ"  هي أَيَّام رَمَضَان أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ أَوَّلًا: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ [البقرة: 183] وَهَذَا مُحْتَمِلٌ لِيَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ وَأَيَّامٍ ثُمَّ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَزَالَ بَعْضُ الِاحْتِمَالِ ثُمَّ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [الْبَقَرَةِ: 185] فَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ يُمْكِنُ جَعْلُ الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ بِعَيْنِهَا شَهْرَ رَمَضَانَ.قال الفخر الرازي – رحمه الله تعالى :" وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: إِنِّي رَحِمْتُكُمْ وَخَفَّفْتُ عَنْكُمْ حِينَ لَمْ أَفْرِضْ عَلَيْكُمْ صِيَامَ الدَّهْرِ كُلِّهِ، وَلَا صِيَامَ أَكْثَرِهِ، وَلَوْ شِئْتُ لَفَعَلْتُ ذَلِكَ وَلَكِنِّي رَحِمْتُكُمْ وَمَا أَوْجَبْتُ الصَّوْمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا فِي أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ" تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (5/ 242) ألا يدعو ذلك إلى الفرح ؟؟ !!توفيق الله تعالى فصامها وأقامها دون زيادة8-أم لأنه وفَّقه الله تعالى فصامها وأقامها "أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ" فلم يزد في أولها ولا في آخرها ، ولم يُحدث عليها ما يرده الله تعالى عليه –كما فعلت الأمم السابقة - للحديث الصحيح " عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ".صحيح مسلم كتاب الأقضية. باب نقض الأحكام الباطلة، وردُّ محدثات الأمور. وقد أضافت الأمم السابقة علي هذه الأيام المعدودات أياما أُخَر قَالَ الشَّعْبِيُّ: لَوْ صُمْتُ السَّنَةَ كُلَّهَا لَأَفْطَرْتُ يَوْمَ الشَّكِّ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّصَارَى فُرِضَ عَلَيْهِمْ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ كَمَا فُرِضَ عَلَيْنَا، فَحَوَّلُوهُ إِلَى الْفَصْلِ الشَّمْسِيِّ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يُوَافِقُ الْقَيْظَ فَعَدُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمْ قَرْنٌ فَأَخَذُوا بِالْوَثِيقَةِ لِأَنْفُسِهِمْ فَصَامُوا قَبْلَ الثَّلَاثِينَ يَوْمًا وَبَعْدَهَا يَوْمًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْآخَرُ يَسْتَنُّ بِسُنَّةِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ حَتَّى صَارُوا إِلَى خَمْسِينَ يَوْمًا"تفسير القرطبي (2/ 275)ثم لكي يبقي الصيام والقيام "أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ" هي شهر رمضان – كما وضحنا - حرَّم الشرع الحنيف صوم اليوم الذي قبله وهو يوم الشك ففي الصحيح عن عمار ابن ياسر – رضي الله عنه -: "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم r"([24]).صحيح البخاري كِتَاب الصَّوْمِ. باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا" وحرَّم صوم اليوم الذي بعده لقول عمر – رضي الله عنه:" هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَالْيَوْمُ الْآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُم" ([25]).لهذا الحديث وغيره قد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك..وفي الصحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَىَ عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ[26].ألا يدعو ذلك إلى الفرح؟؟!!اللحاق والانتظام بركب المتقين السابقين9- أم لأنه بتمكنه من الصيام نَظَم نفسه في سلك  العابدين وموكب القائمين بأمر الله وركب السابقين لأصالة هذه العبادة وقِدَمِهَا فالصوم عبادة قديمة أصلية ما أخلى اللَّه أمّة من افتراضها عليهم، فلم يفرضها عليكم وحدكم، بل فرضها عليكم كما فرضها على من سبقكم لعلكم تنتظمون في زمرة المتقين، لأنّ الصوم شعارهم.قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"البقرة/183. ولأن الصوم عبادة شاقة والشيء الشاق إذا عم سهل عمله.سعة رحمة الله في قبول القضاء كالأداء10- أم لأنه رأي فضل الله تعالى عليه فوَّسع عليه ، إذا لم يتمكن من تحقيق الصيام خلال الشهر لعذر من سفر أو مرض ، قَبِل الله تعالى منه تأخير صيام الشهر أو أيام العذر في وقت آخر ، قال تعالى:" وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"البقرة/185 -وَفِي الْحَدِيثِ. «دِينُ اللَّهِ يُسْرٌ"وفيه أيضا"يَسِّروا وَلَا تُعَسِّروا» ."وَمَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أيسرهما"، وفي القرآن: "مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ"سورة الحج: 22/ 78. "وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ"سورة الأعراف: 7/ 157. - فسبحانه ما أكرمه ، وما أعظم فضله وجوده ، حيث قَبِل من عبده في القضاء ما قَبِلَه منه ومن غيره في الأداء ، وهذا من عظيم فضل الله ورحمته وهو من موجبات الفرح. قال تعالى:"قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ"يونس/58}رحمة الله في تشريع ما يتم به نيل شرف التقوى11-أم لأن الله تعالى بفضله وجوده شرع لعبده ما به ينال شرف التقوى وكرامة العابدين فشرع الصوم ، ولو لم يُشرعه لفات العبد هذا الشرف  "..كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"البقرة/183 قَالَ الْقَفَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ: انْظُرُوا إِلَى عَجِيبِ مَا نَبَّهَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ سَعَةِ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ فِي هَذَا التَّكْلِيفِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ أَنَّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فِي هَذَا التَّكْلِيفِ أُسْوَةً بِالْأُمَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْأُمُورَ الشَّاقَّةَ إِذَا عَمَّتْ خَفَّتْ، ثُمَّ ثَانِيًا بَيَّنَ وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِي إِيجَابِ الصَّوْمِ، وَهُوَ أَنَّهُ سَبَبٌ لِحُصُولِ التَّقْوَى، فَلَوْ لَمْ يَفْرِضِ الصَّوْمَ لَفَاتَ هَذَا الْمَقْصُودُ الشَّرِيفُ، ثُمَّ ثَالِثًا: بَيَّنَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، فَإِنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ أَبَدًا أَوْ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ لَحَصَلَتِ الْمَشَقَّةُ الْعَظِيمَةُ ثُمَّ بَيَّنَ رَابِعًا: أَنَّهُ خَصَّهُ مِنَ الْأَوْقَاتِ بِالشَّهْرِ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ لِكَوْنِهِ أَشْرَفَ الشُّهُورِ بِسَبَبِ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ خَامِسًا: إِزَالَةَ الْمَشَقَّةِ فِي إِلْزَامِهِ فَأَبَاحَ تَأْخِيرَهُ لِمَنْ شَقَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمُسَافِرِينَ وَالْمَرْضَى إِلَى أَنْ يَصِيرُوا إِلَى الرَّفَاهِيَةِ وَالسُّكُونِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ رَاعَى فِي إِيجَابِ الصَّوْمِ هَذِهِ/ الْوُجُوهَ مِنَ الرَّحْمَةِ فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِهِ كَثِيرًا. تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (5/ 243)النجاح في التحريم المؤقت تدريب وتأهيل للنجاح في التحريم المؤبد12- أم بالذي تَخرَّج به من مدرسة الصوم خلال ثلاثين يوما فقد نجح في التحريم المؤقت لأنواع من المباحات  بها حفظ نوعه ، وبقاء جنسه، وفي هذا تدريب