13 ديسمبر 2025
تسجيلتُفاجئنا الفضائيات العربية بنماذج عجيبة وغريبة لمذيعين تخصصوا في البرامج السياسية، وقابلوا العديد من الشخصيات التي لعبت أدواراً هامة في التاريخ العربي.ومع اتقاد "شهوة" النجومية لدى بعض هؤلاء وتركيزهم على التمحور حول الذات، وشعورهم بأن المسؤولين يحيطونهم بالرعاية و"الحماية" وتيسير أسباب الرزق، نجدهم يبالغون في إبراز النرجسية، والتلذذ بإحراج الضيف، بل والمجاهرة بأنه مع فريق ضد آخر، وهذا بحد ذاته يُخرج المذيع عن نُبل الحياد ويضعه في خانة الانحياز الذي لا يمكن أن يكون في الإعلام، مع كل التقدير لموضوع "الإثارة" التي يختلقها المذيع لكسب الجماهير.ولقد شاهدنا نماذج من هذه النوعية، التي تُرسل رسائل إلى جهات سياسية معينة، نختلف معها سياسياً وفكرياً، بأنها "رسول" تلك التنظيمات أو الأحزاب، عبر محطات خليجية، وبكل علانية، علماً بأن عمل المذيع في الحوارات لا يخرج عن البحث عن الحقيقة، وشرح كافة وجهات النظر – وبحيادية - حول الموضوع المُثار.وللأسف، ظهر بعض هؤلاء – وهم يحملون أجندات خارجية – في محطات فضائية خليجية، وشمّر هذا البعض عن سواعده، وكشّر عن أنيابه في ذم وتحقير الطرف الآخر، الذي لا يتفق معه فكرياً أو ثقافياً. وصار أن "جَيَّر" هذا البعض المنابر الإعلامية لصالح نفسه وجماعته، وهذا ليس من نُبل الإعلام وسلامة الحياد في الرسالة الإعلامية.وهذا البعض أيضاً لم يكتف بأن يكون "بوقاً" في الليل لصالح جماعة معينة ينتسب إليها ويستغل المنبر الإعلامي لصالحها، بل نجده في النهار مُنظِّراً سياسياً وعقائدياً عبر الصحافة يجاهر بانتمائه لجماعة معينة، ولكأنه الناطق الرسمي باسمها!؟ وهذا بحد ذاته يؤثر على الرسالة الإعلامية، وعلى مصداقية المحطة التي تبث الرسالة.إن الحماية والرعاية التي "تُوفَّر" لمثل هذه الشخصيات الهشة، التي وجدت نفسها بين يوم وليلة، تخرج من لهيب البحث عن أدنى مستلزمات الحياة إلى " جنة عدن"، وتسافر على الدرجة الأولى، وتسكن في أرقى الفنادق الأوروبية لا شك سوف تجعلها " تبْطر" وتضرب عرض الحائط كل القيم الإعلامية، والأصول المهنية، وحتما سوف تبالغ في تحقير ضيوفها، والاستهزاء بمشاهديها عبر تمرير رسائل كاذبة ومضللة وغير حيادية، يكون وراءها هدف آخر غير الوصول إلى الحقيقة! ولقد ظهرت في العالم العربي أشكال عديدة للإعلام السياسي، الذي لا يستند إلى الحجة وقوة المنطق، فتم اعتماد خطاب التخوين، والتحقير، والسب، والشتم، في صياغات حاقدة على بعض الدول والشعوب العربية المساندة للحق العربي وللشعوب المُضطهدة، دونما أي خجل من تجاوز الدقة والاتزان واحترام عقلية المشاهد. ولقد سمعنا – ضمن ما سمعناه – كلمات لا تليق بشخص تجاوز الخامسة والخمسين أو الستين، يتلفظ بكلمات نابية عبر شاشة التلفزيون، لا يمكن أن نسمعها على طاولات "الحشاشين" في المقاهي المنسية في الحارات العربية. كلمات يخجل المرء أن يسمعها ابنه أو ابنته أو حتى زوجته. وللأسف، وهم يشاهدون برنامجاً سياسياً كان يجب أن يعتمد المنطق والتاريخ والتحليل السليم وعفة اللسان.