17 سبتمبر 2025

تسجيل

أقصر الطرق

12 يوليو 2014

إن أدب الظواهر عنوان أدب البواطن ، وحركات الجوارح ثمار الخواطر . إن التحبب إلى الناس أسهل ما يكون وجهًا وأظهر ما يكون بشرًا ، وأحسن ما يكون خلقًا ، وأدفع ما يكون أذىً ، وأعظم ما يكون احتمالاً ؛ فالأعمال نتيجة الأخلاق ورشحها حسنها وسيئها ، إن الدين والأخلاق قرناء جميعًا ، فإذا صح الإيمان صحت العبادات التي فرضت معه وازدهرت الفضائل وتعامل الناس بشرف وتراحم وتسامح واستخفى الغدر والخيانة واللؤم والحسد،لقد جاء في الحديث " إن الله ليبغض الفاحش البذيء " .إن خِلال الجِد هي التي تقود الإنسان إلى الجنة . وحسن الخلق : إن تعتدل فيه الخصال الجبلية فتكون بين الإفراط والتفريط فإذا اعتدل فيه بعضها فهو حسن الخلق في العدل والغضب فيما عداهما كالذي يحسِّن بعض أجزاء وجهه ويهمل البعض الآخر .إن السلبية لا تزكي أمة ولا جماعة ولا فرداً ، لأن الأمة التي تدور حول مآربها لا تزيد عن أعدادها من أعداد الدواب في الحقول أو الوحوش في الغابات ، فالجميع يبحث عن مآربه ؛ من طعام وشراب ومنكح ، فماذا زاد من يبحث عن توفير هذه الأشياء الثلاثة عن دواب الأرض ووحوش الغابات ؟ لذلك جاء في الحديث الشريف : " من ضمن لي ما بين لحييه وفخذيه ضمنت له الجنة " إن معالم الخير والمعروف هي من معالم رسالتنا ، إننا مصابون بشلل عضوي في أجهزتنا الخلقية ، ومكانتنا النفسية مما يعوقنا عن الحراك في الوجهة الصحيحة ، فلابد من إصلاح الخلل الذي أصبنا به وعلاج الأعطاب .إن علاج الأعطاب ، وهذا الشلل الشديد منها والخفيف لا يكون بالكلام الطويل أو القصير ، ولا الخطب ولا الوعود ولا بذل المال أو إعداد السجون ، فمنذ نصف قرن أو يزيد ونحن نسمع الكثير ونرى الكثير من ذلك فلابد من إزالة الخلل ومن إعادة الأوضاع إلى فطرتها الأولى .إن أخلاقاً مقبوحة انتشرت بين الناس دون النظر إلى ما تتركه هذه الأخلاق من آثار حتى تحولت هذه القبائح إلى إلف استمرأته كثير من النفوس ، فالاستهانة بقيمة الكلمة وقلة الاكتراث بإتقان العمل وإضاعة الأمانات التي عجزت الجبال والأرض عن حملها، والكذب وتغيير الحقائق ورفع شأن الرويبضة والأفَّاكين وجعل الأمين خائناً والخائن أميناً والكاذب صدوقاً والصدوق كاذباً والمعروف منكراً والمنكر معروفاً .إن الإنسان إذا كان بدون أخلاق مكينة ومسالك مأمونة لم تأمنه على شيء من الحياة فلا الأوطان في مأمن من خيانته ولا الأديان في مأمن من جحوده ولا الإنسان من غدره فهو القادر على ترويض نفسه وهو أدرى بما ينفعه أو يشينه ، وللجماعة في ذلك دخل في إدراك نجاح الإنسان أو فشله .والأخلاق لغة عالمية لأنها جِبلِّية تتفاهم بها الشعوب على اختلافها وتتحاكم إلى منطقها ، ونحن من بين أمم الأرض من يمتلك مفاتيحها في كتاب منزل وسنة معصومة ، قال تعالى : للمبعوث ( رحمة للعالمين ) محمد عليه الصلاة والتسليم ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) وقال في حق من يؤذيه بالقول أو الفعل: ( فاعف عنهم واصفح...) وقال : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .فهذه الأخلاق وأمثالها في الإسلام دين حتى لو اختلفت التقاليد والأحكام والأعراف ؛ تبقى الأخلاق مرتكزة إلى ما أودع الله في الفطر من تحسين الحسن كالصدق والأمانة والعدل والكرم وتقبيح القبيح كالكذب والخيانة والظلم والبخل ، ونحن نعلم إن من نصوص ديننا أن مِن أركان النفاق الكذب في الحديث وخلف الوعد والخيانة للأمانة والغدر في العهود والفجور في المخاصمة والناس كل الناس في مشارق الأرض ومغاربها لا يختلفون في مثل هذه الأشياء ، إن الأخلاق في أرضنا تتصل اتصالًا وثيقاً بالإيمان ، فإن اهتزت العقيدة ظهر الخلل ، ونَجَم الإثم واضطربت موازيين الأمة ، فلابد من عودة الإيمان الصادق إلى أفئدة الناس حتى يعود سلطان الأخلاق إلى عرشه .يجزم أولو الألباب بأن كل الخزايا والرزايا التي تصيبنا أو أصابتنا إنما هي ممن يقوم على أمر هذه الأمة فيجب أن تنتصر الفضائل فلا يحترم الكذوب ولا يقام لدجال ميزان بين الخلق .لنرمق المستقبل بأمل ، وننشط ونتقدم ونزاحم الأمم في مسيرتها في الحياة .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .