10 سبتمبر 2025

تسجيل

إلى من يهمه أمر "الأُسرة"

12 يونيو 2023

لم يعد خافياً على أحد أن هناك حملة ثلاثية الأبعاد عالمية، منظمة، ومُوجهة على المستويات التشريعات والقانونية والإعلامية والثقافية والسياسية من أجل دعم "مجتمع الميم" وذلك على مستوى العالم. وإن كُنّا في مجتمعاتنا العربية نحاول كالعادة الاختباء وراء الخُنصر، و"تطنيش" هذه الحملة العالمية على أساس قاعدة "لا تفاوض، لا صلح، لا اعتراف"، حيث نعتبر أن مناهضة "الميم" هي مسألة لا نقاش فيها، وأنّنا لا نحتاج حتى إلى مواجهتها، لأننا لا نعترف بها. وقد نتعمّد تطنيش هذه المواجهة لعدّة أسباب على غرار "اعمل نفسك ميت"، وأولّها عدم الانجرار وراء استفزاز الغرب، وعدم اعطائهم ذريعة سياسية -وكأنهم يحتاجون لذرائع-، للدخول مُجددّا من باب حقوق الإنسان المفتوح لهم على الدوام، أو عدم إعطاء الأهمية لهذه الظاهرة الاجتماعية وفق قانون التحجيم. نتفهّم هذا الخيار الاستراتيجي من صنّاع القرار في المجتمع العربي، إلا أن هذا "التطنيش" سيتحول إلى تقصير فتقاعس فعجز فإخفاق والنكبة شاهدة على ذلك. المطلوب هنا، ليس إعلان المواقف الرسمية المناهضة لما يُسمى بمجتمع "ميم" ولا وقف الرقابة الفوري لكلّ ما يُروج له من أفلام ومسلسلات لأن هذه الوسائل التقليدية لن تُجدي نفعاً، وإنما من المهم أن نرى خطوات تقدمية في هذا المجال على مستوى تكريس المناهج التعليمية الواضحة بهذا الشأن وتمويل الإنتاج الإعلامي المعاصر الذي يُركز على مفهومنا للأسرة، وعلى العلاقة الفطرية المشروعة بين الذكر والأنثى، وضخ المشاهد الأُسرية عبر قنوات التواصل الاجتماعي من قبل جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية، بحيث تكون رسالة الأسرة بمفهومنا الثقافي هي الغالبة، لترسيخها في نفوس أبنائنا وشبابنا في مواجهة غزو "الميم" السلس والذي يتسلل عبر الألوان. الألوان المُبهجة التي نفتقدها في صورة الأسرة العربية التي غزت الشاشات في الأعمال الدرامية، حيث الخيانات الزوجية والتحكم الأسري وأسلوب الحوار الهش والتافه داخل الأسرة العربية، وهي مع الأسف صورة سوداوية ومزعجة ومنفرة في كثير من الأحيان، وتتعمد إلى حد بعيد تعميق الفجوة بين المرأة والرجل، سواء عبر دعم الذكورية بشكل مطلق حيث الرجل هو "البعبع" في البيت، أو دعم النسوية حيث تصوير قوة المرأة في صوتها العالي وتحكمها المفرط في أبنائها، وهذا ما يسهم في نفور الأطفال والشباب من الواقع الحالي للأسرة العربية، وبالتالي يتجه الشباب إلى الوهم الوردي الذي يُصور "الميم" على أنه قبول الآخر مهما كانت عيوبه، وهو حقيقة ما لا تجيده العديد من الأسر العربية. نحتاج إلى مبادرة اجتماعية معاصرة لتعزيز صورة الأسرة العربية بشكل مُلون ومُبهج وجاذب وعفوي أو رومنسي. أعتقد أنه آن الأوان للأُسرة العربية أن تفخر بنفسها وأن تكون في مواجهة "الميم" بكل ما تحمله من عفوية وعاطفة ومودة وحب. ملاحظة: يرجى تطوير فكرة الأسرة العربية السائدة عبر "موديلز"، حيث المرأة تحمل أكياس التسوق مبتسمة وتُمسك بيد ابنتها، والزوج مُبتسم ويُمسك بيد ابنه، والأطباق تملأ المائدة.. ابتكروا.