13 سبتمبر 2025
تسجيلفي عدد الشرق ليوم 27/5/2018 كتب الدكتور حسن رشيد مقالًا بعنوان (المتاجرة بإبداعات عبدالعزيز ناصر.. تشويه لتاريخ قطر). وتطرَّقَ الكاتب إلى خبرٍ ورد في الصحف المحلية حول إنتاج فيلم تلفزيوني يحمل اسم الراحل عبدالعزيز ناصر، ونبّه الكاتبُ إلى ضرورة الاهتمام بالجانب التوثيقي، وكذلك الجوانب الفنية المتعلقة بأصول كتابة السيناريو والإخراج، وأيضًا المصادر، وهي مسألة حيوية في التوثيق. كما تطرق الكاتب إلى رفقاء درب الفقيد عبدالعزيز ناصر، وذكَر بعض الأسماء ، وفاتته أسماءٌ أخرى عاصَرت الفقيد في فترة مهمة من تاريخ تأسيس فرقة الأضواء الموسيقية عام 1966، ودعا الكاتب في نهاية مقاله إلى عدم المتاجرة بالمبدعين، مشيرًا إلى عدم جواز تشويه تاريخ الإبداع القطري. بداية ، لا بد من الترحيب بحُسن توجّه الدكتور حسن رشيد، وضرورة أن تكون هنالك أمانة تاريخية وأدبية لدى من يتصدى للتأريخ في دولة قطر، وفي كافة الميادين! وقد نُضيف مجموعة من الأفكار التي لا بد من تناولها ومناقشتها عندما يتعلق الأمرُ بالتاريخ والتأريخ للظواهر الأدبية والفنية في دولة قطر. 1 - إن كتابة التاريخ والتأريخ يتطلب خبرةً وسِنًّا معينًا يؤهلُ الكاتب لرصد ومتابعة وقراءة الموضوع الذي يتصدى له، مع توفر عنصر الأمانة والنزاهة، والبُعد عن " الأنا " التي نراها واضحة في العديد من الكتابات الحديثة. 2 - الكتابة عن الرموز الأدبية والفنية، أيضًا، يتطلب مُعاصرة، ذلك أن الكاتب لا يمكن أن يُحيط بعوالم الموضوع أو الشخص الذي يكتب عنه، دون أن يكون قد عاصرَه، خصوصاً في ظل قُرب حقبةِ وجود الفنان الراحل عبدالعزيز ناصر! وأنا لا أتصور – كما ألمح د. حسن رشيد – أن شخصًا قابلَ الفقيد مرة أو مرتين بعد أن وصل إلى سن ما بعد الخمسين، ويستطيع الكتابة عنه بشكل وافٍ ومستفيض!؟ ويستتبع موضوع المُعاصرة، الرجوع إلى الأشخاص الذين عاصروا الفقيد، وهم مازالوا على قيد الحياة، وحتى هؤلاء سوف نجد لديهم مناطقَ اختلافٍ حول قضايا مُحددة متعلقة بحياة الفقيد. 3 - هنالك من ينسى بعضَ الوجوه والحوادث التي صاحبت المرحلة التي يتصدى لها كاتبُ التاريخ، وهنا لا بد من سؤال أكثر من مَرجع، بل والرجوع إلى الوثائق والمستندات والصور، إذ كان هنالك من عاصروا الفقيد في فرقة الأضواء الموسيقية اعتباراً من عام 1966، ومنهم مَن لم نرهُ في مقر فرقة الأضواء – وهي مرحلة ناضجة وثرية في حياة الفقيد – بل عاصروا الفقيد في دراسته بالقاهرة، والبعض الآخر لم يقابل الفقيد إلّا بعد أن تخرّج وترأَس مراقبة الموسيقى والغناء في الإذاعة! وبعضهم لا يسمح سنُّهم بالكتابة عن الفقيد!؟ وعليه، فإن الرجوع إلى أكثر من مصدر يُعين المُتصدي للكتابة عن الفقيد، ولا يترك ثغرة قد تكون مفيدة للتوثيق. ولقد ظهرت كتبٌ عن الفقيد، لم يُعاصر بعضُ مَن وضعوها الفقيد إلّا في آخر خمس أو ست سنوات من عمره!؟ وهذا تسرّع وتشويه لما يُمكن أن يُكتب عن الفقيد. 4 - أعترف ، هنالك من الساعين نحو الشهرة السريعة، وقد يتعرضون لقضايا متعلقة بالتأريخ في بلادنا، ولكن الأمر يستوجب كبحَ جماحِ هذا النزوع والتسرع، لأن الإعلام – بشتى فروعه – قد لا يحفل، أو يذكِّر المتلقين، بالحدث أو الشخصية، وهنالك من المُعدين أو المحررين الذين لم يعاصروا الحدث أو الشخصية، وقد " يجرّهم هؤلاء المتعطشون للشهرة، دونما تفكير لما يُمكن أن يؤول إليه هذا الأمر، من تشويه للذاكرة الجماعية، أو الإخفاق في ذِكر الحقيقة التي يجب أن يعلمَها الجمهور. 5 - وفي زحمة " التكالب" ، والخروج على المهنية، نسمع يوميًا عن كُتّاب للسيناريو، لم يدرسوا فنَّ كتابة السيناريو، بل ولم نقرأ لهم مقالًا عن السينما أو فن كتابة السيناريو للتلفزيون، ! نراهم – ضمن " شهوة " الشهرة – تتم استضافتهم في الوسائل الإعلامية المختلفة، ويتحدثون عن " خبراتهم " في كتابة السيناريو، الذي هو فنٌ يُدَرَّس في الجامعات، وله أسسٌ وقوانينُ ، لا يُمكن أن يُحيط بها بعضُ " الهواة" الذين يُقدّمهم "صغارُ" الصحافيين على أنهم "كُتّاب سيناريو"! وهذه دعوة للسادة رؤساء التحرير لدينا، وبعض مديري القنوات التلفزيونية والإذاعية، بأن يُحسن محرروهم ومعدوهم اختيار المتحدثين، في التاريخ والتأريخ، وأن لا تكون نيّة تشجيعِ الشباب على حسابِ الأمانة والمهنية والإبداع.