11 سبتمبر 2025

تسجيل

فن زراعة الأخلاق

12 يونيو 2016

أعلم تماما أن عنوان هذا المقال غير مألوف وقد يكون وقعه على الآذان غير عادى .. كما قد يثير علامات الدهشة أو التساؤلات حيث من غير المعتاد أن تُزرع الأخلاق .. كما أعلم أيضا أن مثل هذه الموضوعات لا تستهوى الكثير من القراء ولا يقبلون عليها لأسباب عديدة لعل أهمها أن صفحات الجرائد تمتلئ بالمقالات والدراسات التى تتناول هذه الموضوعات .. ولأنها فى أغلب الأحيان تكون جافة ومليئة بالوعظ والإرشاد .. والإنسان بطبعه لا يميل إلى أن يكون فى مقاعد " التلاميذ " الذين يتلقون هذا السيل من العبارات التى تلقنهم دروسا فى " الأدب " وهو ما لا يعتقد الكثيرون أنهم فى غير حاجة إليها. وأجدنى فى حاجة إلى الإعتذار عن تلك المقدمة الطويلة نسبيا ولكننى أعتبرها جزءاً هاماً للدخول ومناقشة هذا الأمر الغاية فى الأهمية .. الأخلاق .. نعم الأخلاق – وهى كما نتفق جميعا – أولى خطوات النجاح والتقدم لكافة المجتمعات .. وفى كل العصور القديمة والحديثة على السواء .. ولأنها تتعلق بالآداب العامة فى التعامل والتى من خلالها تتكون ملامح المجتمعات والحضارات . وفى مجتمعاتنا العربية تجد أننا فى حاجة أكثر من غيرنا من الشعوب إلى التأكيد على مفهوم الأخلاق لأننا شعوب تعتبر الدين أهم الأسس الذى تقوم عليه حياتنا .. ولا يوجد ثمة تعارض بين الدين والأخلاق .. بل إن الدين هو الدعامة الأساسية للأخلاق وليس أدل على ذلك من الإهتمام بالأم التى تلقى إهتماما بالغا فى كل الأديان .. ودورها الغاية فى الأهمية فى تنمية العلاقات والقيم بين أفراد الأسرة والمجتمع. ولأن تنمية الأخلاق تكون من خلال محاكاة الواقع .. ومحاكاة الواقع هو أفضل وسيلة للتعليم كما يجمع علماء الأديان المختلفة وكذلك العلماء فى مجالات التربية وعلم النفس .. ومن هنا كان التأكيد على دور الأم والمعلم والقدوة الحسنة بشكل عام .. وهل هناك من هو أقوى تأثيرا من الأم التى هى أول وأهم من يؤثر فى الإنسان. ولا يمكن فى هذا المجال أن نغفل دور الإعلام والذى يوصف دائما بأنه مرآة المجتمع.. وأقل ما يمكن أن يقوم به فى هذا الصدد هو الإبتعاد عن الألفاظ البذيئة والإيحاءات الجنسية التى لا تعطى القدوة الصالحة للناشئة.. كما يجب الإهتمام بالإعلانات التى يهواها الصغار والكثير من الكبار وذلك بالإبتعاد عن الإعلانات الغير هادفة والتى تعطى القيمة الحقيقية للأشياء والبعد عن المغالاة وهو ما يساعد على تنمية الأخلاق. وهنا يجب أن ننوه إلى الأهمية القصوى للدراما والإعلانات فى غرس الأخلاق الحميدة وهو ما نرى من واجبنا أن تكون لكل منهما مقالات منفصلة تناقش دورهما بالتفصيل والتحليل والدراسة. ويمكننا أن نقول بإطمئنان أنه من أجل تنشئة أجيال جديدة لديها الإرادة والتحدى وهما المحركان الأساسيان لتنمية أى مجتمع وضرورة مواصلة الجهد لتحقيق هاتيك الأهداف وتوريث قيمة الولاء للأوطان والتمسك بالدين والإخلاص فى العمل .. وكذلك تعزيز أسس الديمقراطية من خلال عدم التعصب لرأى واحد والإستماع للرأى الآخر وإحترامه. تحية منا لكل من يساهم فى زرع الأخلاق الكريمة بالقدوة الحسنة والمثال المحترم الذى يهدى الناشئة .. تحية إلى كل أم وكل معلم وكل رجل دين وكل فنان محترم. وفى النهاية نتمنى أن يكون الله قد وفقنا فى العنوان الذى إخترناه لمقالنا هذا .. وأن ينتفع البعض بما جاء فيه .. وندعو الله أن نلتقى معكم فى موضوعات ومقالات هادفة .. فإلى اللقاء ومقالنا القادم بحول الله.