10 سبتمبر 2025

تسجيل

الحب القديم

12 يونيو 2015

مقالنا هذا يختلف عن كل ما سبقه من مقالات .. فهو عبارة عن قصة قصيرة ضمن المجموعة القصصية التى صدرت لى فى الآونة الأخيرة تحت عنوان " عودة مواطن مصرى شقيق " .. وبغض النظر عما يحمله العنوان من معان فإننى أو أن يلتمس القراء الأعزاء لى العذر عن هذه المقدمة التى أردت أن أقول فيها بأننى ولدت فى مدينة دسوق الجميلة التى تقع فى أحضان النيل بين مدينتى طنطا والإسكندرية .. ودسوق هذه مدينة جميلة حقا وليس لأنها مسقط رأسى .. فبالرغم من أن النيل يلفها فإنه يقع فيها مسجد العارف بالله " سيدى إبراهيم الدسوقى " والتى أطلق عليها هذا الإسم حبا فى تلك الشخصية الدينية العظيمة .. وكان من الطبيعى أن يكون ترددى على مدينة الإسكندرية الرائعة وإقامتى بها شأن كل أبناء مدينة دسوق .. وأكرر إعتذارى عن طول هذه المقدمة التى سيلتمس لى القارئ العذر فى إضافة معان جميلة على القصة.. والآن هيا نقرأ القصة الأولى .. عندما كنت أقترب منها كانت تغمرنى فرحة غامره وسعادة لا حدود لها .. رأيتها تفتح ذراعيها .. ألقيت بنفسى فى أحضانها وضغطت على جسدها بكل قوتى .. وددت أن ألف ساقى وذراعى حولها كما كنت أفعل وأنا صغير.. أحسست بها تعتصرنى بين أحضانها بكل قوة .. تمنيت أن أظل هكذا طويلا .. أتنسم العطر من خصلاتها المنسابة .. ألتمس الأمان من أنفاسها الذكية . نظرت إلى متسائلة .. قرأت فى عينيها ما كانت تود قوله .. وعندما عجزت عن الكلام قالت معاتبة : - تأخرت كثيرا ..! أخفضت رأسى خجلا لا أدرى ماذا أقول ..نظرت إلى مشجعة .. لملمت أطراف شجاعتى وقلت : - لقد آذانى نفر من أولادك إبان رحلتى الطويلة .. - لم يؤذك أحد . - هل كنت أتخيل ؟ - لا .. الأمر ليس كذلك على الإطلاق .. المسألة كلها أنك إنسان مرهف الحس . - لقد خلقنى الله هكذا . - حاول أن تتغير .. الحياة كلها ليست حبا ورومانسية . - حاولت ولم أنجح . - هذا لأنك كنت بعيدا عنى . قالت هذا وهى تعتصرنى .. لذت بأحضانها أكثر. - لن اغيب طويلا مرة أخرى .. لقد قتلنى شوقى إليك . - وأنا أكثر منك شوقا . - هل لا زلت تحبيننى كما كنت فى الماضى ؟ - بل أكثر .. وأنت ؟ - لازلت أحبك أكثر من أى شئ آخر ؟ - حتى هى ؟ - هى شئ آخر .. هى أمى . - وأنا ؟ - أنت الحب كله .. أنت محبوبة الصبا والشباب .. أنت الحضن الجميل والملاذ الآمن . - فلماذا تأخرت إذن ؟ - إنها مشاغل الحياة ومشاكلها .. لقد سافرت بعيدا ..وطويلا .. تعبت كثيرا .. ذقت حلاوة النجاح وقاسيت مرارة الفشل .. ولكن هذا ليس مهما طالما أننى عدت . - ماذا تنوى أن تفعل ؟ - سأبيت هنا الليله .. ثم ... - الليلة فقط ؟ ثم ماذا ؟ - لابد أن أذهب إليها فى الصباح .. إن لها فى قلبى مكانة عظيمه ..ثم إنها صاحبة فضل على . - أنا لا أنكر عليها هذا الحق .. ولكننى لا أستطيع أن أمنع نفسى من الغيرة .. ليتنى كنت هى . إبتسمت وأنا افك ذراعيها برفق من حول جسدى .. وأدخل إليها ..إلى مدينة الاسكندرية .. معشوقتى الجميله .. وفى الصباح الباكر كنت أحجز تذكره فى القطار المسافر إلى مسقط رأسى .. مدينة دسوق . بقلم : د. مصطفى عابدين شمس الدين