19 سبتمبر 2025

تسجيل

النافلة بين الأصيل والدخيل

12 يونيو 2014

الموروثات الشعبية، والعادات والتقاليد تحتل مكانة اجتماعية وثقافية كبرى لدى الشعوب والأمم، حيث تستند إلى عقائد وأسس راسخة تتوارثها الأجيال وتجسد ملامحها وتبرز شخصيتها وتثبت بها هويتها وأصالتها وتميزها الثقافي والحضاري بين مختلف الأعراق البشرية عبر التاريخ. ونحن ننتمي إلى بلاد طيبة مباركة يعتز شعبها بثوابته الاجتماعية والثقافية، لارتباطها الوثيق بأحكام وتعاليم شريعتنا الإسلامية الغراء وعقيدتنا الراسخة، وهذا يدفعنا نحو تأصيل وتنقية كل ما ينسب إلى موروثنا الشعبي وتراثنا العزيز من مناسبات وعادات، قد نوسم بها أو ندعى إليها، رغم كونها دخيلة او مشوهة! وقد دأب بعض الأفراد والجهات على الاحتفال بليلة النصف من شعبان واتخاذها احتفالية موسمية، يدرك الباحثون والعارفون من المواطنين المنصفين أنها ليست من تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا في شيء، ومن ذلك ما يشاع حاليا من مظاهر الاحتفال بهذه الليلة المعروفة محليا بالنافلة وتخصيصها بأنواع من العبادات والقربات، مما لم ترد نصوص صحيحة في شأنه، وقد ثبت بالبحث والمقارنة أن تلك العادة انتقلت إلينا بفعل التمازج الثقافي والاجتماعي مع بعض الأجناس والعرقيات الوافدة أو التي استوطنت منطقة الخليج العربي وجلبت معها عاداتها وتقاليدها الخاصة ذات الصبغة الدينية التي تخالف عقيدتنا الخالصة الصافية. ويتضح ذلك إذا علمنا أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان تعود إلى إحياء ذكرى مولد المهدي المزعوم عند بعض اتباع المذاهب الباطلة، وما يماثلها عند بعض الطوائف والفرق الأخرى. وخطورة الأمر أن تكرار تقليد الاحتفال بهذا اليوم من شهر شعبان على وجه التحديد وإشاعة أجواء الاحتفال به يعد بدعة تكرس اختزال العبادات والمناسبات في مظاهر احتفالية تنافي شريعتنا الغراء وتخالف هدي النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام وسنته الشريفة المطهرة وتزور حقائق تراثية نعتز ونتمسك بها !! ونذكر إخوتنا وزملاءنا المهتمين في هذا الشأن بأهمية تحري الدقة والموضوعية عند الحديث عن عاداتنا وتقاليدنا وضرورة التفريق بين الأصيل منها والدخيل، ويمكن الرجوع إلى فتاوى كبار علمائنا الأجلاء الراحلون منهم والأحياء حول الاحتفال بليلة النافلة. أما فيما يخص شهر شعبان والأحاديث الواردة فيه فذاك مبحث آخر، علما بأنه لم يرد عن النبي عليه السلام وصحابته الكرام ومن تبعهم من سلف أمتنا أن اختصوا النصف من شعبان بصيام نهاره أو قيام ليله أو توزيع الطعام والشراب وتريد بعض الأدعية أوالأهازيج واستعراض الأطفال والفتيات بأزياء خاصة. فمن اتبع الصواب نجا ومن ابتدع في دينه هوى.