14 سبتمبر 2025

تسجيل

الخريطة الصناعية الخليجية بين التحديات والآمال

12 يونيو 2012

ألمحت الخارطة الصناعية لدول مجلس التعاون الخليجي التي أعلنت عنها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية مؤخراً "جويك" إلى غياب الدور الفاعل للقطاع الخاص في إقامة شراكات مع القطاع العام، وعدم الاستفادة من الفرص الاستثمارية لتحويلها إلى مشاريع تنموية، وغياب فرص تنشيط القطاع الصناعي الزراعي والسياحي والتعديني، والحاجة الملحة للتصنيع الغذائي. ونوهت إلى ضرورة أن يتوجه رجال الأعمال والشركات إلى توطين الصناعات المعرفية، وتعزيز مناخ البحث العلمي لكونه مطلباً دوليا في جميع المجالات، وتنمية صناعة الخدمات والاتصالات والبيئة ومصادر الطاقة البديلة. وترسم الخارطة التي بذلت فيها منظمة "جويك" جهوداً جبارة إستراتيجية عملية للسنوات العشر القادمة تقوم على خيار أساسي وهو التصنيع، استناداً إلى حجم النمو الهائل في مشروعات الطاقة والبتروكيماويات والبنية التحتية والطرق والنقل والتعليم والصحة، حيث يتطلب كل مجال النهوض بصناعاته ومبتكراته والأخذ بنتائج البحوث والدراسات التي تناولته طيلة السنوات الماضية. وتهدف رؤية الخارطة إلى تهيئة مناخ صناعي واستثماري ملائم للشركات الوطنية والأجنبية بغرض تجنب الركود أو الدخول في معترك الديون المتفاقمة. وتعتبر أيضاً أحدث تشخيص للوضع الاقتصادي في دول المجلس من حيث الاستثمارات ورءوس الأموال وفرص العمل والتقنيات الإنتاجية والشراكات البينية، وهي تستشرف الفرص المناسبة للشباب، وتشدد على ضرورة الإسراع في إنشاء مدن صناعية متكاملة، وتوفير التمويل الجيد للمشروعات في خطواتها الأولى، خصوصاً بعد توقعات ببلوغ حجم الاستثمارات تريليون دولار بحلول 2020. وفتحت الباب أمام رجال الأعمال والمستثمرين لدراسة الفرص الممكنة لترويج الصناعة وهيأت آفاق الاستثمار الأجنبي بهدف تحسين أوضاع التنافسية الصناعية بما يساعد في رفع كفاءة الإنتاج. كما أتاحت لصناع القرار والاقتصاديين إعادة النظر في الإستراتيجيات القائمة لمواكبة المستجدات، وشجعت المستثمرين على إعداد دراسات تفصيلية قبل الدخول في توسعات أو مشروعات جديدة من الممكن ألا تلبي الاحتياجات المستقبلية، وحددت كذلك الأفضلية في الصناعات والنوعية المطلوبة في السوق مثل اقتصاد المعرفة والاتصالات والخدمات والنقل ومصادر الطاقة المتجددة والنفايات والعقارات والرياضة والتنمية الاجتماعية والبحث العلمي. ونوهت أيضاً إلى أهمية التطرق إلى صناعات غائبة مثل إنتاج الألبان والتمور والسكر والزيوت وحفظ الأسماك وتجارة اللحوم والدواجن. وإذا استعرضنا مؤشرات النمو الصناعي فإنه يرتكز في مجمله على الطاقة والنفط والبتروكيماويات والصناعات القائمة على نواتج الغاز، في حين نرى انخفاضا في نمو الصناعات الصغيرة والمتوسطة في قطاعات النقل والسياحة والبيئة.. إلا أنّ ما نشهده من حراك في دول التعاون يبشر بالخير. فقد تجاوز حجم الاستثمار التراكمي في القطاع الصناعي "220"مليار دولار حتى 2010، ورغم استحواذ صناعات البتروكيماويات على "78%" من جملة الاستثمارات، واعتزام دول التعاون استثمار ما بين "1،5 إلى 2" تريليون دولار في مشاريع البنية التحتية على مدى السنوات العشر القادمة، كما يجري حالياً تنفيذ "44" مشروعاً جديداً في قطاع الطاقة، إلا أنّ ما يشهده العالم من تطور تقني وصناعي يتطلب التطرق لقطاعات أخرى بهدف تنويع المصادر. وفي قراءة متأنية للوضع الراهن فإنّ نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة لم يرتق لمستوى الطموح الخليجي، رغم تبني الحكومات مشروعات تنموية ذات عوائد ضخمة، وهيأت القوانين والتشريعات المعززة لنموها، وذللت الكثير من العقبات الجمركية لتمكينها من القدرة التنافسية في الأسواق. وعن التحديات فقد أشار البنك الدولي في تقريره إلى عزوف المواطنين عن العمل في القطاع الخاص، وزيادة أعداد مخرجات التعليم الجامعي دون تحقيق فرص وظيفية مناسبة، وعدم توافر العمالة المتمرسة، وغياب الوعي التجاري بأهمية اقتناص الفرص المتاحة لعقد شراكات بناءة، وافتقار الشباب إلى عنصر التدريب، وعدم وجود شبكة إلكترونية عن الصناعات الخليجية لتكون قاعدة بيانات موحدة تنطلق منها أو تقوم عليها المشروعات المستقبلية. أما المعوقات التي أشارت إليها الخارطة فهي ضعف دور القطاع الخاص في تمويل البحوث، وغياب إستراتيجية البحوث المطورة للصناعة، وعدم وجود منهجية لتنفيذ البحوث بعد اعتمادها، وضعف الثقة في القطاع الصناعي القائم على مشروعات خدمية وغذائية وتقنية ويدوية، ونقص الوعي بحاجة المؤسسات إلى التطوير المؤسسي. كما أنّ عدم أخذ هذه التحديات والمعوقات بعين الاعتبار لن يعزز القدرة التنافسية للصناعة الخليجية في السوق الدولية، والتي تعتمد بشكل رئيسي على الثقل الإنتاجي لتمكينها من أخذ مكانتها.