24 سبتمبر 2025

تسجيل

المتطوعون بالأفكار الإبداعية والابتكارات

12 يونيو 2012

العمل التطوعي والإنساني لا يقتصر على بذل المال أو الجهد أو الوقت فحسب، بل ثمة جانب يتعلق بالتطوير والابتكار والتجديد، يحتاج لأصحاب الخبرات، والعقليات الإبداعية، التي يعول عليهم الكثير في القفز بالعمل الخيري إلى مساحات أكثر تأثيرا وفاعلية. وكثير من المشاريع المجتمعية والخدمات النوعية في العمل الإنساني تبدأ بفكرة إبداعية بسيطة، يمكن أنت تحدث أثرا مهما على المستفيدين منها.. لذا فالمطلوب من الهيئات والمؤسسات الخيرية والإغاثية ومنظمات المجتمع المدني البحث عن أصحاب هذه الذهنيات الشابة المبدعة، واستقطابها واستثمار قدراتها، كمتطوعين لديها. البحث عن هذه القدرات يتم من خلال إطلاق هذه المؤسسات للمسابقات السنوية التي يمكن أن يطلب فيها من المبدعين الإسهام بمثل هذه الأفكار الخلاّقة، أو من خلال تخصيص صناديق للمنح المالية لدعم وتمويل المشاريع الإبداعية والابتكارات في المجال الإنساني، والبحث عن راع لها من القطاع الخاص، في إطار ما يعرف بالمسؤولية المجتمعية للشركات CSR، أو من خلال قيام جهة حكومية أو خاصة بتخصيص مركز أو مؤسسة لدعم إنجاز المبتكرات والمشاريع النوعية، وما تحتاجه من أبحاث ودراسات واختبارات عملية وميدانية، أو تطوير مبتكرات وخدمات سابقة مع تأمين ما يلزمها من تمويل. ولا بأس أن تستفيد هذه المؤسسات من تجربة " صندوق الإبداع الإنساني " والذي أنشئ قبل ثمانية عشر شهرا لتشجيع طرق تفكير جديدة في الممارسة الإنسانية، باعتبار أنها مبادرة دولية جديدة من نوعها في هذا المجال، رغم أن جهات حكومية أوروبية تقف وراءها، حيث قام الصندوق مؤخرا بتقديم منح مالية لمنظمات مجتمع مدني لتصميم مبتكرات وإنجاز خدمات يحتاجها العمل الإغاثي بصفة خاصة، والإنساني بصفة عامة. وفي هذا الصدد قدمت لنا شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) نماذج من ثمرات صندوق الإبداع الإنساني، ومنها فكرة لامعة يجري اختبارها، وهي مشروع إنترنيوز في جمهورية إفريقيا الوسطى. فيتم العمل مع شبكة تتألّف من 11 محطة إذاعية محلية في المناطق النائية. وكل يوم، يتّصل الصحفيون في العاصمة بجميع هذه المحطات، ثم يقومون بتجميع نشرة يومية مشتركة من الأخبار التي يتلقونها، وبعد ذلك يوزعونها مرة أخرى على محطات الإذاعة المحلية، وينقلون الملفات الصوتية بواسطة الهواتف النقالة. وكانت منظمة موتيفايشن (Motivation) وهي منظمة غير حكومية تدعم ذوي الاحتياجات الخاصة في جميع أنحاء العالم قد حددت الحاجة إلى كرسي متحرك يمكن استخدامه في حالات الطوارئ مثل الزلازل، وطلبت كرسيا رخيصا سهل النقل وجاهزا للاستخدام دون الحاجة إلى عملية تركيب معقدة، وقادرا على التعامل مع التضاريس الوعرة، وقد تلقوا إحدى المنح الصغيرة، واستخدموها لتصميم كرسي متحرك، وبناء النماذج الأولى منه، واختبار التصميم والحصول على شهادة ضمان الجودة من منظمة المعايير الدولية. وهم الآن يتقدمون بطلبات للحصول على إحدى المنح الكبرى لتجربة وتحسين الكرسي وتطوير مواد التدريب والدعم لأولئك الذين سيستخدمونه. ومن تجارب المسابقات التي تحاول استلهام أفكار إبداعية لخدمة العمل الخيري ما قامت به جمعية قطر الخيرية بالتعاون مع جامعة قطر، من تخصيص مسابقة العمل التطوعي والإنساني للشباب الجامعي، وكان من ضمنها فقرة مشاريع تطوعية، بقصد استثارة الشباب من أجل التفكير في هذا الاتجاه، لتقديم أفكار ومشاريع نوعية من شأنها أن تسهم في تطوير خدمات العمل الإنساني والارتقاء، وكان من بين المقدم أفكار خلاقة غير تقليدية، يمكن أن يبنى عليها الكثير مستقبلا. وإذا كانت منطقة الخليج والعالم العربي عرفت بعض الجوائز السنوية في المجال التطوعي والوقفي مثل: مسابقة الكويت الدولية لأبحاث الوقف، وجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي، وجائزة الشيخ فهد الأحمد الدولية للعمل الخيري وغيرها.. فحبذا لو خصصت هذه الجوائز مستقبلا فرعا أو فروعا منها لتطوير الابتكارات والمشاريع النوعية في المجال الإنساني، على أن تركز على احتياجات المؤسسات الخيرية العملية، وأن تجمع بين المبدعين والمخترعين من جهة وهذه المؤسسات من جهة أخرى، لتكون هذه الجوائز ذات منفعة أكبر، وبخاصة المستهدفين من المنكوبين واللاجئين والفقراء والمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم. إن عمل منظمات المجتمع المدني، احتياج إنساني يتزايد، فحتى الدول الأكثر تقدما وثراء لن يكون بمقدورها توفير جودة الحياة لمواطنيها، من دون تشجيع العمل الخيري، لذا فإن المطلوب من هذه المنظمات تطوير منتجاتها وخدماتها وأساليبها وطرائق عملها، بناء على دراسات علمية، وتصاميم مبتكرة، وعلى أن تستفيد من التطور في المجالات العلمية والتكنولوجية وفي مجال وسائل الاتصال والتواصل.