23 سبتمبر 2025
تسجيلمظاهر الحياة وترف المعيشة شوها الصورة الإيمانية الرمضانية الجميلة بكل ماتحمله من قدسية في العبادة والسلوك والمعاملة، وانتزعت من القلوب الاطارالرباني الذي كان يطوقها مع بزوغ الهلال الرمضاني في انتظار شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار والاستعداد له روحانيا ونفسيا،الى إطار آخر في التفكير والإنشغال بالبحث عن كل جديد في دهاليز الأسواق من متطلبات وكماليات يغلب عليها الطابع الشكلي بكل فنونه في الملبس والمأكل والأواني والتسابق على اقتنائها لعرضها والافتخار بها بين الآخرين، وتقديمها كهدايا رمضانية قبل الاستعداد الروحي الإيماني الذي يميز هذا الشهر حتى أصبحنا أسرى للشهرة وعبيدا للمقتنيات، وليس أدل على ذلك ما يعرض في المانشيتات من فنون في العرض لاتخلو من الجنون،ومعها نشطت تجارة الهدايا الرمضانية بأنواعها وزاد الهوس في التسوق حتى أصبحت آفة مجتمعية تزداد عاماً بعد آخر وأين ومتى!! في شهر خير من ألف شهر، كضيف ننتظر قدومه حيث تصفد أبواب الشياطين وترفع الأعمال كما ترفع الأيادي بالدعاء متوسلة وتنتشر الرحمات بين العباد، وتكثر الطاعات وتتضاعف الصدقات، حتى الحروب والصراعات تحرم وتتوقف والخلافات تنتهي والقلوب تتسامح والأيادي تتصافح احتراما وقدسية لهذا الشهر الفضيل. …. اليوم انقلبت الموازين وتلوثت بأفكار صنعتها سموم المادة واللهفة عليها، وأصبحنا نستقبل رمضان بما نجود به من عطايا وهدايا باهظة متناقلة بيننا، وبما تمتلئ به بيوتنا من أطعمة وأوانٍ يغلب عليها التنافس في الشكل والنوع والسعر، وكأننا في سباق حميم حتى "النقصة الرمضانية " البسيطة المألوفة قديما التي يلمس خلالها جماليات التواصل والكرم والعطاء وتعزيز الروابط،وينتظرها المحتاج والجار، تحولت مع الرفاهية المادّية والجهل بمعانيها من الاقتصار على الأطعمة الرمضانية المتبادلة إلى " نقصة" مكلفّة من الأواني والفضيات والعطور وكتيبات رمضانية مزركشة، وأصبح لها طقوس في ترتيبها ونوعها واختيارها دخلت العصرية بمظاهرها المكلفّة ماديّا على طبقها يتبارى في تفنينها وبأسعار وأشكال ما أنزل الله بها من سلطان، وتعرض في المجمعات التجارية والأسواق باختلاف الهدايا والترويج لها،. ففقدت معناها كما فقدت قيمتها، فتدفع معها الآلاف وتستنزف الشركات المنتجة المستفيدة الجيوب، وتضج الوسائط بصور استعراضية لها وتهدى في علب وأغلفة وصوانٍ خاصة مزينّة مكلفّة يُدوّن عليها عبارات التهنئة " مبارك عليكم الشهر " وغيرها، وندرك أن التعاطي وتبادل الهدايا في رمضان عادة محمودة بهدف التواصل والتكافل، وقديما كانت تمنح لفئات محتاجة من الأطعمة إذا لم تتجاوز الإسراف والتبذير والمبالغة كما يحدث الآن، ولكنها خرجت عن إطارها المحمود إلى الإطار المذموم لتكون موضع استنكار واستفسار فلماذا !!! والى متى لم نعِ قوله تعالى ؛ " إن المبذّرينَ كانوا إخوانَ الشياطين " ولماذا ربطنا استقبال رمضان بتبادل الهدايا واقتناء الذهب والملابس " الجلابيات " الاستعراضية، دون احترام المشاعر الربانية والأجواء الإيمانية،، دون الاستشعار بالآخرين الذين يقطنون تحت وطأة الحروب والفقر والجوع،، وكأننا ننتظر رمضان لنحوله إلى معرض للعرض، ناهيك عن السهرات الليلية المتواصلة بموائدها وأراجيلها وعلى أنغام الموسيقى والأغاني التي تحييها الفنادق والمراكز الثقافية والسياحية في شهر رمضان، الذي ومنذ صغرنا ندرك أحياءه بالدعاء والذكر وصلة الرحم، أجواء إيمانية تمر في حياتنا كسحابة صيف مثقلة ومحملة بممارسات وسلوكيات خاطئة تدخل في النهي والحرمة، تزداد عاما بعد عام، كما تزداد الحروب وإسالة الدماء، والخلافات القائمة بين الدول إعلاميا وعسكريا دون أن تجد من يوقف وتيرتها. إن قيمة الشهر الكريم بالذكر وتلاوة القرآن والدعاء وإحياء بيوت الله وإقامة الموائد الرمضانية للفقراء وغيرها من الممارسات الإيمانية، فهناك من يدرك ذلك وهنا من يضيّع عليه فرصة الأجر والقبول. Wamda .qatar@gmail .com