13 سبتمبر 2025
تسجيلقدمت صحيفة نيويورك تايمز خطبة نصائح للرئيس الأمريكي باراك أوباما في كيفية التعامل مع قادة الدول الخليجية خلال اللقاء المرتقب الخميس المقبل، وتدعو الصحيفة ذات التأثير الكبير في دوائر صنع القرار إلى اعتماد أوباما لسياسة التطمين بخصوص الاتفاق مع إيران فيما يتعلق بالملف النووي، والأهم من ذلك نصيحة بعدم عقد أي اتفاق أو معاهدة دفاع ما بين الولايات المتحدة والدول الخليجية والسبب كما ترى الصحيفة ألا تتورط واشنطن مستقبلا في صراعات جديدة في الشرق الأوسط، وألا تتقيد في اتفاق محرج للدفاع عما أسمتها بالأنظمة غير الديمقراطية التي قد تواجه حالات تمرد وانتفاضات من المعارضة الداخلية، ولكن الصحيفة الأبرز، لم تذكر الهدف الأصلي الذي يمنع التفكير في عقد هكذا معاهدات دفاعية وهو التفوق العسكري لإسرائيل.في المقابل تقدم الصحيفة وجهة نظر خاصة لمؤسسة بحث متخصصة تحمل دعوة للإدارة الأمريكية لدفعها باتجاه إقناع الدول الخليجية لاستيعاب إيران، واصفة الاتفاق النووي بأنه سيكون أكثر فائدة لمنطقة الخليج، بحيث تتمكن الدول الخليجية من التعاون مع إيران في العديد من القضايا التي تهم المنطقة غير السياسية، كالبيئة والتغير المناخي والاستثمار الاقتصادي. وتخلص وجهة النظر إلى أن إيران ليست هي صندوق الشر فقط، ولكن من وجهة نظرنا فإنه يغيب عن مراكز البحوث الغربية والدراسات التي تقدم النصائح لمراكز القرار الأمريكي الخطر الكبير الذي تشكله العقلية الاحتلالية للنظام الإيراني، وكأن ما يجري في سوريا واليمن والعراق ليس سوى فيلم خيالي من إنتاج هوليوود ينسب فيه العدو الافتراضي لإيران، والسبب في تلك الرؤية الغربية ألا أحد يأخذ على محمل الجد المصلحة العربية الخاصة في أي أزمة أو نزاع مع أي طرف غير عربي، كإيران أو إسرائيل مثلا ولا في أي اتفاق يتعلق بالتفوق العسكري أو الاقتصادي.غدا الأربعاء من المفترض أن يكون الزعماء على طاولة عشاء رسمي في البيت الأبيض، يقابلهم الرئيس أوباما كطرف ثان، ولو تخيلنا الطاولة فحتما ستكون مستديرة لغايات بروتوكولية، وإذا كان موضوع الحديث الأصلي هو الملف النووي، فحتما سيتطرق الحديث غدا عن قضايا أخرى بعيدا عن البرنامج الرسمي ولعل أهمها هي عاصفة الحزم وما تلاها من محاولة لتصفية وكيل إيران في اليمن وهي قوات الحوثي التي لا تزال تحارب للسيطرة على اليمن نيابة عن إيران، وهذا ما يجب أن يدفع "الضيوف" للوقوف خلف مبدأ واحد وهو رفض أي تنازل فيما يتعلق بالملف اليمني مقابل تحسين شروط التفاوض الأمريكي والدول الكبرى مع إيران، فإذا لم تتوحد وجهات النظر الخليجية في قضايا الصراع الجانبي الذي تقف خلفه إيران، فلن نحلم بنهاية سعيدة لأي اتفاق قادم تعقده واشنطن وشركاؤها مع الجانب الإيراني العنيد الذي هدد مؤخرا بإلغاء المفاوضات بخصوص الملف النووي.في كامب ديفيد سيكون الحديث من الجانب الأمريكي أكثر دبلوماسية، بل من المتوقع أن يرسم أوباما قوس قزح فوق خارطة الخليج العربي على أساس أن شمسا جديدة ستشرق من الضفة الأخرى للخليج، ولكن يجب أن ينتبه الزعماء العرب هناك أن أي حديث لا ينتهي باتفاق يحدد ويوثق لمرحلة آمنة لمنطقة الخليج أمام التهديد الإيراني، سيكون مجرد تضييع للوقت يخدم إيران بالدرجة الأولى، وسيمنحها الوقت للمضي في العمليات السرية لتسريع برنامجها النووي، لهذا على الأمير تميم بن حمد آل ثاني، والأمير محمد بن نايف، أن يكونا واضحين ومباشرين في الخطاب الفصل، لأنهما الأكثر وعيا لما ستؤول إليه الأمور إذا ما انتهت المفاوضات لاتفاق يمنح النظام الإيراني فرصة العمر، إنتاج آمن للطاقة النووية المتدرجة دون إعاقة، ورفع العقوبات الاقتصادية، والإفراج عن عشرات المليارات من الدولارات التي ستتدفق إلى خزينة النظام، ولا يستبعد عقد اتفاق خارج إطار النظرة الشيطانية لإيران للعب دور المعاون فيما يتعلق بالدول التي تسيطر عليها طهران عن طريق حلفائها في سوريا والعراق واليمن ولبنان أيضا.إذا نحن أمام مرحلة مفصلية للمنطقة العربية عموما والخليج العربي خصوصا، فإما أن يكبح جماح النظام الإيراني ويمنع من التمدد الأفقي جيوسياسا على الأرض العربية كما نرى اليوم بفضل تشرذم الجهد العربي واختلاف وجهات النظر والغايات الخاصة لبعض الدول العربية، وإما أن تستريح الدول العربية وتعقد مصالحة عامة مع الواقع الذي ستقرره إيران قريبا، وفي النهاية سيضطر الجميع إلى الخضوع لسياسة الأمر الواقع وسيعقدون اتفاقات فردية مع إيران لضمان أمن كل دولة على حدة، وهذا ما لا نتمناه، ومن هنا يجب على قادة مجلس التعاون العمل بسرعة للمكاشفة والاتفاق في الأهداف والآليات والخروج من حالة التردد، وهذا يحتم عليهم إعادة جيش خليجي قوي، مدرب ومجهز لحماية بلادهم، فواشنطن لا يعول عليها في هذه المرحلة، والأولى أن تتجه دول الخليج إلى عمقها العربي، لأن المستقبل بعيد جدا ولا أحد يعرف ماذا ستخبئ الأيام.