12 سبتمبر 2025

تسجيل

غارة الشعيرات..الكيماوي في أمان

12 أبريل 2017

الدماء لا تزال تسيل في كل مكان ولن يكون أخرها التفجير الإرهابي الملعون على كنيسة مار جرجس في طنطا المصرية، فالإرهاب الرسمي في سوريا لا زال يضرب أحياء مدينة إدلب، ولم تفعل غارة "التوماهوك" على مطار طياس العسكري في شعيرات حمص سوى أنها أعطت طيران النظام السوري والطيران الروسي المزيد من الاندفاع للانتقام من تلك التجربة العسكرية الأمريكية الأولى ضد ثاني أكبر مطار عسكري في سوريا، فمخازن السلاح الكيماوي الذي يبدو أنه كنز النظام،لا يزال في الحفظ والصون بكل سلامة، فصواريخ التوماهوك ضربت عددا من مهاجع الطائرات الحربية ولم تلحق ضررا يذكر بالقدرة المقاتلة لسلاح الطيران السوري.في المعادلة العسكرية إذا لم يحقق الهجوم نجاحا بنسبة 50 بالمائة فإنه يعتبر فاشلا، ولكن مع المعلومات المباشرة التي وردت إلى غرفة التنسيق ما بين الروس والأمريكان عن موعد الهجوم، فإن تلك المهمة كانت تنفيسا عن غضب الرئيس دونالد ترامب وفريقه لما رأوه من صور للأطفال وضحايا الهجوم الكيميائي على خان شيخون الأسبوع الماضي، فطائرات الميج 22 و23 الحديثة التي يستخدمها سلاح الجو السوري خرجت كلها من مهاجعها إلى مكان آخر، وما حدث بعد ذلك هو معارك كلامية في مجلس الأمن وعلى المنصات الإعلامية،لم تحم الأهالي والمهجرّين وأطفالهم من القصف الجوي والمدفعي.كان لا بد بعد التحرك الأمريكي ضد قاعدة الشعيرات من إعادة تنظيم الصفوف لجميع الفصائل المعارضة في سوريا، وهذه فرصة لتحقيق مكاسب أفضل على الأرض بعد كل الانهيارات لقطاعات المعارضة، فالحل السياسي لن يخرج إلى النور إلا بعد أن يطفىء النظام بمساعدة روسيا وإيران ومليشياتهم كل الأنوار المضيئة في المدن والبلدات غير الموالية لهم،وهذا استغلال بشع لمتغيرات الصراع في سوريا، فالنظام الذي يعتمد على الغزو الروسي والإيراني المباح للأرض السورية، لا يسمح للسوريين بالدفاع عن أنفسهم وحرمات بيوتهم.الأمر الأكثر خطورة أن الهجوم الصاروخي على مطار طياس،تلاه جدل واسع حول الحق في توجيه الضربات دون الرجوع للكونجرس الأمريكي، وكأن فلاديمير بوتين انتظر الكرملين ليمنحه الإذن بالذهاب إلى سوريا بجيوشه وبوارجه وطيرانه،أو أن القوات الإيرانية جاءت لتحتل سوريا بموافقة البرلمان الإيراني، وهذا يعطي الثالوث الدكتاتوري مزيدا من التعنت والإقدام لتحقيق أكبر عدد من الضربات الجوية ضد معاقل عائلات المعارضة التي تم تهجيرها وحشدها في إدلب ومناطق أخرى، لإخضاعهم وتصفيتهم تماما، وفي المقابل فإن زوبعة الغارة أدارت النظر عن الجرائم البشعة في الموصل ضد السكان الأبرياء، فلم يعد أحد يتحدث عن قتل المدنيين عن طريق الخطأ أو الاستهداف من قبل قوات الحشد والجيش العراقي.الهدف الذي يجب أن يصل إليه مجلس الأمن الدولي ليس مناقشة ما قد سبق، بل يجب عليه اليوم مناقشة فرض حظر جوي على مناطق الساحل الغربي وشمال سوريا أولا وثانيا إرسال فريق من الوكالة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية إلى هناك والتفتيش الفعلي عن المخابىء المفترضة للسلاح البيولوجي، وغير ذلك فستبقى قوات النظام تقتل المدنيين بحجة الإرهاب والروس يقصفون بحجة حماية النظام في الشمال، والمليشيات وقوات الحرس الثوري الإيراني تتمدد في جنوب سوريا، وسيبقى الإرهاب ذريعة للجميع ليقتلوا خصومهم.