27 أكتوبر 2025

تسجيل

بلاغة القران في "آدم وعيسى" عليهما السلام

12 أبريل 2016

في هذه الايام وأنا في مناسك العمرة وفي جو من الروحانية المتجلية بعد صلاة الصبح وانصراف المصلين، باستثناء القليل من المعتمرين الذين لا تخلو الكعبة من طوافهم، انزويت جانبا لأقرأ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم، بدأت بسورة "آل عمران" وكان على يميني علماء أفاضل أكرمني الله بقربهم مني، فوجدت منهم متابعة لما أقرأ، وعند مروري بالآية الكريمة رقم 59 (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) تدخل أحدهم كأنه يريد أن يختبرني إلى المعنى المقصود من هذه الآية.فلم أرد القفز عليه فطلبت الرد لان معنى الآية عميق وصعب فهمه، فانبرى محدثي قائلا حسنا، هل تعرف أن جميع البشر لهم قوم باستثناء نبيين كريمين هما "آدم وعيسى" عليهما السلام.. هل أغفل القرآن هذه الحقيقة: حقيقة عيسى وآدم؟ لا، فقد ذكر القرآن هذه الحقيقة في هذه الآية الكريمة التي توقفت عندها.. هل تعرف أنها الآية الوحيدة في القرآن التي يجتمع فيها اسما "آدم وعيسى" معاً.طلبت منه الاسترسال بتفسير ذكر "عيسى وآدم" مع قومهما، فلم يبخلوا علي خاصة أننا تحدثنا عن خلفياتنا فعرفوا أني صحفي ولي مقال يومي فشعروا بارتياح بان ما سينقلونه سيجد له طريقا للنشر، وهذه محصلة ما سمعته وسجلته منهم:من بلاغة القرآن أن عيسى عليه السلام ليس له قوم! إنها دقة لغوية مذهلة تتجلى في كتاب الله تعالى، وكل كلمة جاءت في موضعها الصحيح، وكل كلمة في كتاب الله لها مدلول قوي يناسب مقام الآية، وفي قصص الأنبياء نجد أن كثيراً من الأنبياء خاطبوا قومهم بكلمة يا قومِ، ولكن ماذا عن عيسى وقد أُرسل إلى بني إسرائيل أيضاً؟الحال يختلف مع سيدنا عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام! فلا توجد أي آية في القرآن تجمع كلمة (عيسى) أو (المسيح) مع كلمة (قوم).. فكان يخاطبهم بقوله: "يا بني إسرائيل" دائماً من دون أي ذكر للقوم، يقول سيدنا المسيح: (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) ويقول أيضاً: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم) وهكذا في كل القرآن لا نجد ذكراً لقوم عيسى!الآية الوحيدة التي ذكر فيها سيدنا عيسى مع كلمة (قوم) هي: (وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) إلا أن كلمة (قَوْمُكَ) هنا لا تدل على قوم عيسى، بل هم قوم نبينا محمد لأن الخطاب في هذه الآية للنبي الكريم!!لماذا سيدنا عيسى ليس له قوم مثل بقية المرسلين؟ وماذا سيحدث لو أن سيدنا عيسى قال لبني إسرائيل: يا قوم؟ أو أن القرآن قال: لقد أرسلنا عيسى إلى قومه.. مثل بقية الأنبياء، لان سيدنا المسيح لا ينتمي لأي قوم لأنه وُلد بمعجزة وجاء إلى الدنيا من غير أب!! ولذلك من الخطأ أن يقول المسيح لبني إسرائيل: يا قوم!! وكان لابد أن يناديهم بقوله: يا بني إسرائيل.. وهذا ما فعله القرآن.لو تحدثنا بنفس المنطق وطرحنا السؤال التالي: ماذا عن آدم عليه السلام ونحن نعلم أنه جاء من غير أب ولا أم، بل خلقه الله من تراب، هل ذكر القرآن قوم آدم؟ بالتأكيد لا يوجد أي ذكر لقوم آدم، فلو بحثنا في القرآن كله لن نجد أي آية تتحدث عن قوم آدم، بل الآيات تتحدث عن بني آدم. وهذا من دقة القرآن الكريم وإحكامه. وسلامتكم.