17 سبتمبر 2025
تسجيليردد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في مجالسه ولقاءاته الخاصة، أن نائبه رئيس وزرائه السابق خالد بحاح، ليس خياره في المنصبين. كان تعيين بحاح رئيس وزراء بموجب اتفاق السلم والشراكة الوطنية في سبتمير 2014 ولا دخل للرئيس في ذلك، وكان تعيين بحاح إلى جانب منصبه السابق نائبا لرئيس الجمهورية في أبريل 2015، كما يقول الرئيس في مجالسه لم يكن خياره أيضًا. ومن هذا المنطلق لم يكن هناك وفاق بين الرجلين، والأسباب عندي تعود إلى أن خالد بحاح شاب طموح فصيح اللسان ومتحدث جيد، مقنع في حواراته مع الأطراف الأخرى، له تجربة دولية، ونقطة الضعف لدى الرئيس هادي علمه شخصيا أنه جاء إلى منصب رئيس الجمهورية لأنه كان نائب الرئيس علي عبد الله صالح، ولما ضعف الأخير وقلّت حيلته كان النائب هادي البديل، فخشي على مركزه ذلك، وراح يثبط عزائم نائبه بحاح ويثير حوله الشكوك والعقبات.(2)صدر التسريب الأول عن فشل بحاح في إدارة الدولة عن وزير جاوز الثمانين حولا من العمر، مقربا من كرسي الرئيس عبد ربه. وقد تناولت الأمر في مقالة نشرت بتاريخ 21/8/2015 بعنوان "الحكمة والنميمة السياسية يمانيتان"، ومقالة أخرى بتاريخ 18/1/2016 بعنوان "أحاديث مع قيادات يمنية"، تناولت فيهما أمراض الإدارة السياسية اليمنية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور، وحذرت من النميمة والغيبة والتقليل من قدرات القيادات السياسية اليمنية، لأن ذلك يضعف الدولة اليمنية أمام قيادات التحالف العربي الذي يتكون عموده الفقري من دول مجلس التعاون الخليجي. بقي الخلاف والتباعد بين الرئيس ونائبه بحاح يزداد يوما بعد يوم، وجاءت اللحظة، وأطيح بالنائب بحاح وأخرج من رئاسة الوزارة، وعين مستشارا لا يستشار في ديوان الرئاسة.(3)لا جدال في أن الرئيس عبد ربه منصور قد ارتكب خطأ سياسيا لا يغتفر في حق نائبه رئيس وزرائه بحاح، في خطابه الموجه إلى الرأي العام اليمني وقوى التحالف العربي وإلى بحاح شخصيا، يقول في ديباجة خطابه ذلك إن الحكومة فشلت في تحقيق مهامها الوظيفية، وعلى ذلك يقال نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء بمفرده وتبقى الوزارة (الفاشلة) بكامل أعضائها في إدارة البلاد. السؤال: لماذا بقي الوزراء في مناصبهم، ولماذا لم يكلف رئيس الوزراء الجديد أحمد عبيد بن داغر بتشكيل حكومة كي تتجاوز القصور في أداء الوزارة الأولى، كما قال الرئيس هادي، الذي أعتقد أنه يجهل أبسط قواعد اللياقة الدبلوماسية وكان عليه أن يشكر رئيس وزرائه السابق بحاح على جهوده، أي كانت تلك الجهود وينحّيه بطريقة تليق بمقام الرئاسة.يجب أن يعلم عبد ربه منصور أنه هو أول الفاشلين في إدارة الدولة اليمنية منذ أن بدأ الحوثيون يتحركون نحو العاصمة من صعدة مرورا بدماج، ثم إلى عمران، وهو القائل بأن الجيش يجب أن يكون محايدا في النزاعات القبلية إلى أن تمكن الباغون على الدولة من الاستيلاء على العاصمة صنعاء، ثم التمدد جنوبا حتى أكملوا السيطرة على كامل أراضي الجمهورية اليمنية، والرئيس القائد العام للقوات المسلحة كان سلبيا في التعامل مع البغاة من نقطة البدء في صعدة إلى احتجازه رهينة في منزله، وهو رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة.يعلم الرئيس عبد ربه أن الحكومة اليمنية بلا ميزانية ولا دخل لديها يكفي صرف مرتبات موظفي الدولة، والبلاد في حالة حرب أهلية شاملة، فماذا فعل الرئيس ليجنب البلاد هذه الحرب؟ وماذا فعل ليجد موارد لتمويل ميزانية الدولة؟ الحق أن أي رئيس وزراء سيأتي به عبد ربه منصور دون أن يوفر له الموارد، ودون أن يعطيه الحق في تشكيل وزارته لا جدال بأن الفشل سيكون حليفه.(4)رغم احترامي وتقديري للسيد خالد بحاح وقدراته السياسية والإدارية، فإن ذلك لا يمنعني من قول الحق إنه أخطأ في إصدار بيانه، والذي مؤداه الرفض البيّن لقرار إقالته من من منصبيه. كنت أتمنى لو أصدر بيانين، يهنئ فيهما الفريق علي محسن في مركز نائب رئيس الجمهورية، وأحمد بن داغر في منصب رئيس الوزراء، ويتمنى لهما التوفيق في مهامهما، مقتديا بقرار خالد بن الوليد عندما عزله عمر بن الخطاب، وهم في معركة اليرموك وتولية أبي عبيدة بن الجراح قيادة جيوش المسلمين، رحب خالد بقرار الخليفة، وأعلن أنه سيعمل جنديا تحت إمرة ابن الجراح، وكنت أتمنى أن يلتقيهما كلا على انفراد لوضعهما في صورة تجربته مع الرئيس والمصاعب التي لاقاها في إدارة الدولة تحت قيادة الرئيس منصور.(5) في تقديري، قرار تعيين الفريق علي محسن الأحمر نائبا للرئيس، أكثر القرارات الرئاسية صوابا، فهو الر جل المناسب في المكان المناسب وفي الزمن المناسب، ولكن على الرئيس وقوى التحالف، خاصة المملكة العربية السعودية، أن تعطي الرجل كل الإمكانات المادية والعسكرية والصلاحيات من أجل تحقيق الأهداف المرجوة، والتي في أول قائمة تلك الأهداف تحقيق النصر على الباغين على السلطة، وتوفير الأمن والاستقرار في ربوع اليمن وجواره الجغرافي.ولا نشكك في قدرات رئيس الوزراء الجديد أحمد عبيد بن داغر ولا في خبراته ومهاراته السياسية ووطنيته، لكن سلفه خالد بحاح لم يكن أقل منه قدرة وكفاءة، وهما إلى حضرموت ينتسبان، فما الجديد الذي أتى به الرئيس ليجعله يزيح بحاح؟تقول الروايات اليمنية إن الرئيس عبد ربه منصور هادي، بإقالته بحاح من موقع نائب رئيس الجمهورية، اطمأن على مستقبله، فالحوثيون وصالح لن يطالبا بتنحيته وتسليم الرئاسة إلى نائبه علي محسن الأحمر في مفاوضات الكويت المرتقبة، بينما لو بقي بحاح فقد يكون طلب إزاحة الرئيس وتسليم السلطة إلى نائبه بحاح شرطا لتسليم السلاح الثقيل، وإخلاء المدن اليمنية من الانقلابيين على السلطة، وإنهاء الصراع المسلح.آخر الدعاء: اللهم وفق الرجلين علي محسن الأحمر، وأحمد عبيد بن داغر في مهامهما واحمهما من تقلبات مزاج الرئاسة.. إنك على كل شيء قدير.