14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يبرز على نحو جلي أن معظم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية باتت تواجه مشكلة ظهور وتنامي ظاهرة البطالة في مجتمعاتها، وأصبحت تواجه وضعا غير مسبوق بالتزايد المطرد في عدد طالبي العمل من المواطنين من خريجي الجامعات والمعاهد وغيرهم. وإذا كانت القوى العاملة في دول مجلس التعاون تمتاز بسمات مشتركة من حيث انخفاض حجم القوى العاملة الوطنية بالنسبة إلى إجمالي قوة العمل وارتفاع معدلات وحجم العمالة الوافدة، فإن اشتراك دول المجلس في ظهور معدلات البطالة قد شابها بعض التباين تبعا لظروف كل دولة من الدول الأعضاء. إلا أن المحصلة النهائية تشير إلى الحاجة الملحة إلى تبني برامج ناجحة وقادرة على توفير المزيد من فرص العمل المناسبة للمواطنين ووضع وتنفيذ برامج ناجحة للإحلال والتوطين سعيا إلى تحقيق الاستخدام الكامل للقوى العاملة الوطنية وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية التي أصبحت تحمل الاقتصاد أعباء باهظة وتستنزف ما يعادل ثلث عائدات النفط عن طريق التحويلات الخارجية للعمال الأجانب. والسؤال الهام الذي يطرح نفسه مرارا وتكرارا هو: هل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعاني بالفعل مشكلة البطالة؟ وكيف يحدث ذلك ولا تزال العمالة الوافدة تشكل فيها نسبا مرتفعة بالنسبة إلى إجمالي قوة العمل في جميع الدول الأعضاء حيث يتراوح متوسط هذه النسبة نحو 70 – 75% من إجمالي قوة العمل بدول مجلس التعاون. وهنا تبرز العديد من الأسباب التي لا ترتبط فقط بهيكلية القطاع الخاص فحسب، بل وبمجمل هيكلية الاقتصاد الوطني. ولعل من أبرز المشكلات أو العوامل التي تؤدي إلى إضعاف قدرة القطاع الخاص على امتصاص الأيدي العاملة الوطنية وعلى الأخص تلك المتدنية أو المتوسطة المهارة منها، هو تدني مستوى الأجور، ذلك أن تحديد الأجور يتم حاليا بواسطة الأداء الذاتي لآليات السوق وعوامل العرض والطلب ونتيجة لندرة الأيدي العاملة الوطنية في دول الخليج، كان يفترض أن يفضي تفاعل آليات السوق إلى ارتفاع الأجور ولكن وعلى العكس من ذلك فإن وجود عدد كبير من قوة العمل الأجنبية قد قلب المعادلة، حيث أدت وفرة العرض وزيادته على الطلب إلى اختلال ميزان الأجور واتجاهه إلى مستويات أدنى تأثرا باشتداد المنافسة بين عارضي قوة العمل وخاصة في القطاعات التي تزداد فيها كثافة العمالة الآسيوية، حيث إنه من المعروف أن قوة العمل هذه- وغير الماهرة منها بوجه خاص – أقدر على المنافسة لأنها تعرض قوة عملها بثمن رخيص. وعامل ثان حد من فعالية ونتائج برامج الإحلال والتوطين في دول مجلس التعاون وهو محدودية توافر المهارات والمؤهلات المطلوب لدى الباحثين عن العمل، فالتعليم الفني والتدريب المهني كانا غير مهيأين لمواكبة التغييرات الكبيرة في أساليب الإنتاج الفنية حتى وقت قريب ولم يكونا قادرين على تنويع التدريب وأنماطه والتركيز على تعدد المهارات لمواجهة كافة احتياجات التنمية في مختلف المجالات. وقد بينت بعض الإحصاءات الصادرة عن وزارات العمل والشئون الاجتماعية بدول مجلس التعاون أن 70% من إجمالي الباحثين عن عمل هم من فئات غير مؤهلة للعمل لعدم تلقيهم التدريب المناسب. ومن بين المهارات التي أغفلتها برامج التعليم الفني والتدريب المهني خلال المرحلة الماضية، بناء وتنمية الاتجاهات الإيجابية لدى المواطنين تجاه قيم العمل والالتزام واكتساب المهارات السلوكية والقدرة على التعامل مع الآخرين وإطاعة الأوامر. وهي مهارات أثبتت الأيام مدى أهميتها وتأثيرها على النجاح أو الإخفاق الذي تحققه برامج الإحلال والتوطين. وثالث هذه العوامل هو الإسراف الزائد في استقدام العمالة الأجنبية وضعف وسائل مراقبتها وتنظيمها. فقد توافقت مجموعة من الأسباب والعوامل منذ أوائل السبعينيات ولغاية سنوات قليلة خلت، لجعل أسواق العمل في دول مجلس التعاون تشهد تدفق أعداد هائلة ومتكدسة من العمالة الأجنبية، حيث تهافت القطاع الخاص على جلب أعداد كبيرة من العمالة الرخيصة غير المدربة، مستفيدا من انخفاض الرسوم وسهولة إجراءات الاستقدام من الخارج مع غياب الضوابط الرقابية الصارمة للحد من مخالفات الاستخدام أو التساهل في تطبيقها. فغرقت الأسواق بفائض من العمالة الهامشية أو بعمالة تعمل بصورة غير قانونية، واعتمدت الكثير من المنشآت على الاستخدام الكثيف للعمالة الآسيوية الرخيصة. وقد غدى هذه الظاهرة بشدة نمط الأنشطة الاقتصادية التي يزاولها القطاع الخاص في دول المجلس.