16 سبتمبر 2025
تسجيلإن البداية الصحيحة لإيقاظ القلب والسير في طريق الله إنما تكون بعلو الهمة والابتعاد عن الفتور والكسل فيفيق وينتبه الغافل، ويستيقظ النائم ويستشعر الجميع حاجتهم إلى الله وإلى النجاة من حسابه، فلا نستطيع أن نغير ما بأنفسنا ونحن نعيش في كسل وفتور، فالهمة لا تدعو إلى الكسل والتراخي عن العمل، بل تحتاج إلى صبر واحتساب، ويتسلح فيها العبد بقوة الإرادة والعزيمة فينطلق نحو التغيير بهمة عالية وبإيمان قوي من أجل البناء والإعداد. كثير منا يصيبه الفتور ولم يستشعر أهمية وجوده في هذه الدنيا والغاية من خلقه، ونسي الطريق إلى الله وإلى الجنة وصرفت أوقاتنا في غير فائدة، وهذه حالة كثير منا، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم يوضح لنا الحل في حديثه الذي قال فيه: (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة). لقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم نقطة بداية لمن ضعفت عزيمته، فمن استشعر أهمية ما يريد وخاف ضياعه فإنه لا ينتظر إلى الصباح ليذهب إليه، بل يبادر بالسير ولو ليلا، من كانت هذه همته وصل إلى مقصوده فكيف بأعظم وأغلى سلعة – الجنة – أليس من الأحرى أن يبادر الجميع إلى تحصيلها مثل مبادرتهم للحصول على السلع الأخرى؟. يقول ابن القيم: (فأول منازل العبودية اليقظة وهي انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة العبودية والله ما أنفع هذه الروعة وما أعظم قدرها وخطرها، وما أشد إعانتها على السلوك فمن أحس بها فقد أحس والله بالفلاح، وإلا فهو في سكرات الغفلة فإذا انتبه سمر لله بهمته إلى السفر إلى منازله الأولى وأوطانه التي سبي منها، وأعلم أن العبد قبل وصول الداعي إليه في نوم الغفلة، قلبه نائم وطرفه يقظان فأول مراتب هذا النائم اليقظة والانتباه من النوم، وكأنها هي القومة لله المذكورة في قوله تعالى: (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى). إذن فالتغيير يبدأ من أنفسنا والله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فالخلل في أنفسنا، فلماذا التشاؤم والعلاج بأيدينا، ولنترك باب الأمل مفتوحا، وهذا يبعد عنا الضيق والحزن وتذكر قول الله تعالى: (فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا). همسة إياك واليأس، بل دائماً ارسم في ذهنك صور التفاؤل، وأخرِج من عقلك الباطني الأفكار الوسواسية، وأنك قادرٌ على التَّغلب على هذه الأفكار وطردها من عقلك الواعي، وبإذن الله ستطمئن وترتاح، وتزول عنك كل هذه الأفكار.