10 سبتمبر 2025
تسجيلتسعى حكومة دولة قطر إلى تعزيز استقرار وسلامة ومرونة الموازنة العامة والميزانية العمومية الحكومية على المدى البعيد، وذلك كأحد أهم النتائج الاستراتيجية الوطنية، ومن الطموحات التي تسعى لتحقيقها زيادة العائدات الحكومية من القطاع غير الهيدروكربوني وموازنة مالية ومستويات دين مستدامة وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي وفاعليته. وتركز النتيجة الوطنية على إعداد إطار موازنات عام متوسطة المدى أكثر استدامة وأكثر قدرة على مقاومة الصدمات، إلى جانب الوصول إلى ميزانية عمومية مرنة تتميز بمستويات صحية من الديون وذلك عبر مجموعة من الإجراءات منها زيادة مساهمة القطاعات غير الهيدروكربونية في الإيرادات الحكومية. هذه النتيجة مرتبطة بشكل أو بآخر بما ترغب الاستراتيجية في تحقيقها للشركات والمستثمرين من بيئة عمل رائدة عالمياً يتحقق فيها تكافؤ الفرص. وبالربط بين النتيجة التي نتطلع لتحقيقها والوعد الذي تقدمه الإستراتيجية نجد أن دور وزارة المالية ينحصر في ضبط الإنفاق العام وتحقيق كفاءة أفضل في المشتريات العامة، ولعل هذا الأمر لا يمكن تحقيقه دون أن تكون هناك مراجعة حقيقية لإجراءات المشتريات الحكومية وخاصة المنصة (منصة المشتريات الحكومية) التي لا تزال بسبب تعنت الجهات في التعاون معها وبسبب الحاجة لتطوير القوانين والانظمة داخل الوزارة لا تحقيق ما نتطلع لتحقيقه. هناك دور حقيقي كبير على وزارة المالية في تحقيق كفاءة الإنفاق أولا، وتعويد الجهات الحكومية على قياس الحاجة الحقيقية للإنفاق وفق أرقام حقيقية تساعد الطرفين على تأدية المهام المطلوبة منهما، فلا الجهات الحكومية تقدم أرقاماً مبالغاً فيها ظناً منها أن وزارة المالية ستخفض كثيراً دون سبب، ولا وزارة المالية تخفض كثيراً دون سبب مقنع ظناً منها أن الجهة تبالغ في وضع الميزانية. لقد مرت سنوات على حالة عدم الثقة المتبادلة في التقييم والاعتماد بين الجهات الحكومية ووزارة المالية، وأعتقد أنه آن الأوان ونحن في طريق بناء الاستدامة المالية للدولة أن نعيد الثقة ونضبط الميزانية بحوكمة مرضية لكل الأطراف، لا تأتي من طرف دون مشاركة غيره، فذلك أنجح لتحقيق الجهات لأهدافها، وأفضل لوزارة المالية لقياس الحاجة الحقيقية للميزانية. ما يشجع في نتيجة الاستدامة المالية هي عناوين الخطوات التي أعلن أنها ستتخذ وهي توضح أيضا نوعاً من الشفافية في الطرج، بوضع اليد على موضع الخلل، والتأكيد على الرغبة في إصلاحه، حيث تهدف إستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة إلى القيام بخطوات تتضمن وضع إطار لإعداد موازنات متوسطة المدى على أساس البرامج، ومواءمة عمليات التخطيط وإعداد الموازنات واعتماد الموازنات القائمة على البرامج في مختلف المؤسسات الحكومية، وتبسيط إجراءات المشتريات العامة لتحسين الكفاءة والمرونة والجودة وإنشاء وحدة لمراجعة فعالية الإنفاق الحكومي وتحسين إطار إدارة الدين الحكومي للحد من التعرض لمخاطر العجز عن السداد. والقارئ لهذه الخطوات لا يمكنه إلا أن يجزم أن أيا منها لن يتحقق دون تعاون الجهات تعاوناً تاماً هدفه التكامل في تحقيق الهدف الوطني، لا الفرعي الخاص بكل جهة على حساب الأخرى.