14 سبتمبر 2025
تسجيلعاد الرجل ! عاد ليبحث عن حل للخروج من عدوى الربيع العربي التي أصابت بلاده فتحولت من دولة المليون شهيد إلى بلد مستعد لتقديم المزيد من الشهداء ! عاد ( بوتفليقة ) ولا أحد يعلم هل لازال يتكلم وينظر ويميز من حوله أم أنه عاد ذلك الرئيس المقعد الذي يريد حزبه والمستفيدون من حكمه البقاء على الكرسي حتى إتمام المصلحة وهو الذي لم يعد له ناقة ولا جمل في الحكم ! عاد الرئيس الجزائري وقد اندست طائرته بين طائرتين حطت جميعها في مطار الجزائر للتخفي وحتى لا يميز أحدهم أين الرئيس فيهم وهل سينزل محييا مستقبليه أم أنه وكما يشاع لا يزال في غيبوبة منذ أن غادر مستشفى في جنيف حيث كان يتلقى العلاج فيها وحضر إلى بلاده لعل خبر قدومه يهدئ من ضجيج الشوارع التي خرجت منذ أكثر من ثلاثة أسابيع رافضة ترشحه للمرة الخامسة ومستنكرة حكمه الذي امتد منذ شهر إبريل من عام 1999 وحتى هذه اللحظة في أربع ولايات حكم أراد بوتفليقة أو المستفيد من بقائه حاكماً أن يزيدها لولاية خامسة لكن الشعب لم يكن بذلك الهدوء ليتقبل خبراً مثل هذا ولينتفض ويصاب بحمى الربيع العربي ويواصل نهاره مع ليله في رفض أن يبقى هذا الرجل رئيساً لدولة باتت في حاجة ليتجدد فيها دم من يحكمها وليصروا على شعار ( الشعب يريد إسقاط الرئيس ) رغم أن متحدثاً باسمه قد خرج ممثلاً عن حملته الانتخابية يرجو الشعب ليسمح له بالترشح مرة خامسة وأخيرة والبقاء حاكماً لمدة عام فقط ثم التنحي طواعية وكأنه بذلك يؤكد أن العملية الانتخابية ماهي إلا مهزلة من مهازل الديمقراطية العربية في تأكيده أن بوتفليقة سيفوز بلا شك بل وسيستمر عاماً إضافياً قبل أن يتكرم على هذا الشعب بالتنازل عن الحكم قناعة منه واستكفاءً !. اليوم يحط الرجل في بلاده ويجد استنكاراً غير مسبوق لهذه العودة التي وصفها المراقبون بأنها العودة غير الميمونة وغير مأمونة العواقب فالجزائر تعدت مرحلة الاحتجاجات الشعبية وباتت الشوارع تئن من اكتظاظ الرافضين لابوتفليقة الذي لا يبدو أنه واعياً لما يجري حوله أساساً نظراً لوضعه الصحي الحرج الذي لم يعد يؤهله لبقائه على سدة حكم الجزائر ولا للقيام بمسؤوليات الرئيس لا سيما وأن إصرار حزبه ومن وراء ثورة شعبه الذي خرج غاضباً للشوارع قد أكد المفهوم العربي بالتمسك بالسلطة حتى آخر نفس وأنه لا يمكن للحاكم العربي مهما تكالبت عليه الظروف القاسية أن يتخلى عن كرسي الحكم طواعية ولذا رأينا ما رأيناه في كثير من الرؤساء العرب الذين حصدوا عواقب هذا التمسك الأعمى بكرسي السلطة فكلنا يتذكر معمر القذافي الذي لم يترك شارعاً ولا بيت ولا ( زنقة ) إلا قال إنه سيلاحق فيها ما أسماهم بالمتمردين وفي الأخير وجدوه مختبئا في إحدى حفر الصرف الصحي وليتلقى ضرباً مبرحا لينتهي به الأمر مقتولاً ومرمياً في إحدى ثلاجات الخضراوات ونهاية علي عبدالله صالح المؤلمة الذي حاول شراء ذمم الجميع لينتهي بيد الأخوة الأعداء وبطلقة واحدة أنهت حياته ووصولاً إلى زين العابدين بن علي الذي استطاع الفرار إلى أحضان الرياض ليعيش فيها حتى الآن بعد أن قال كلمته المشهورة ( لقد فهمتكم ) وفر بعدها مذعورا ثم رأينا النهاية الناعمة التي وصل إليها حسني مبارك وتحوله من رئيس مخلوع مريض قضى معظم محكوميته في المستشفى العسكري حتى وصل الحال لتبرئة نجليه ووزير داخليته وكل أذنابه الأمنية من جريمة قتل المتظاهرين وليتحول إلى شاهد ملك ضد الرئيس المنتخب بصناديق الاقتراع بفضل قضاء السيسي الذي قلب موازين نهايات الرؤساء العرب ولذا لم كان على أبوتفليقة أن يعود وهو القادر فعلاً على التنحي دون أن يطالب الشعب محاكمته حتى الآن ؟! لم على المستفيدين من حكمه والمختبئين حتى الآن تحت أستاره أن يستمروا في هذه المطالبة وهم يعلمون أن الشارع الجزائري لن يهدأ بعد اليوم ولن تكون عودة أبوتفليقة سبباً لإعادة المتظاهرين إلى بيوتهم بل إنها قد تكون سبباً مضاعفاً لهيجانهم وربما تكون هذه المرة الثورة التي لن يخمدها سوى الرحيل بأي طريقة كانت سلمية أو في حاوية أو ثلاجة !.. نسأل الله السلامة للجزائر وأهلها. ◄ فاصلة أخيرة: أطال الله في عمر الوطن ( حمد ) فقد كان أول المتنحين بحب عن الحكم وقد كان ولازال يمتلك قلوبنا بحبه. [email protected]