13 سبتمبر 2025

تسجيل

دراسات تشخيصية لمشكلات الجفاف في العالم

12 مارس 2017

تسببت موجات الجفاف التي اجتاحت عدداً من الدول في إضعاف القدرات الاقتصادية من زراعة ورعيّ وإنتاج وتشغيل، وعملت على إعادة عجلة التنمية إلى الوراء، وكلفت الدول والمنظمات الإنسانية موازنات ضخمة من أجل إنقاذ ملايين البشر من مخاطر الهجرة والمرض والفقر والتشرد. فقد أعلنت مؤسسات الإغاثة الإنسانية الدولية مؤخراً عن حاجتها لملايين الدولارات ، من أجل إنقاذ النازحين من ديارهم فراراً من الحرب والدمار ، ولتكوين مناطق إغاثة عاجلة توفر الطعام والدواء لهم ، وهذا ألقى بظلاله على القطاعات الاقتصادية الدولية . وتعالت مطالبات المنظمات الدولية لتقديم دعم مالي عاجل للصومال والسودان والعراق وليبيا واليمن لرسم سياسات مالية جديدة لتوفير الأمن الغذائي والمياه والطاقة في الدول المتضررة ، وتقوم على مهمة الإنقاذ في الأزمات الراهنة . إعادة التخطيط لسياسات مالية واقتصادية تتناغم مع الأزمات وتقدم حلولاً شافيةتكلف عمليات الإصلاح المعيشي في تلك الدول مليارات الدولارات ، لكونها تحتاج إلى جهود تنموية بعيدة عن الضبابية والعشوائية ، تقوم بتقديم خطط آنية تعالج الأوضاع ، وتتجنب الحلول طويلة الأمد . فإذا كان الشرق الأوسط يعيش مرحلة صراعات مسلحة ، تسببت في فرار ملايين البشر إلى قارات العالم ، فإنّ تلك القارات في المقابل تعاني من البطالة ونقص الأغذية والفقر وضعف الإصلاحات المعيشية وتراكم الديون وتذبذب الأسواق ، فالخلل يرافق الاقتصاد وأثر سلباً على إنتاجيته . ففي الوقت الذي يسارع عالمنا خطاه نحو التنمية ، ويعيش مرحلة جديدة هي الصناعة الرقمية ، فإنّ الإنتاجية بكافة صورها مهددة بموجات النزوح الكبيرة لمجتمعات تضررت من الحروب ، وبتقلبات مناخية سلبية أبرزها التغير المناخي والحرارة الشديدة ، بالإضافة إلى الأوبئة والأمراض الفتاكة. وصارالعالم مطالباً إعادة النظر في صياغة رؤاه الاقتصادية ، لأنه لم يعد بالإمكان استشراف الغد على أرضية تثير المخاوف من الصراعات السياسية ، وتراجع الأداء الاقتصادي ، وضعف الإنتاجية ، وتأثر كبير في المقدرات الطبيعية التي وهبها الله للعالم العربي . فقد تضررت الأراضي الزراعية ، ومصادر المياه والأنهار ، وتأثرت الثروتان الحيوانية والسمكية ، بالإضافة إلى الصراعات حول منابع الطاقة ومصادرها وهي بدورها أهدرت الثروات الكامنة فيها. ويتطلب الأمر من صناع القرار إعادة التخطيط لسياسات مالية واقتصادية تتناغم مع الأزمات ، وتقدم حلولاً شافية ، بعيدة عن المشكلات السياسية والحزبية التي أضرت بالعمل الدولي ، وصارت الاقتصاديات الدولية مطالبة بتشخيص أكثر موضوعية ، وليس الاعتماد على الموازنات المالية لإيجاد مخرج للأزمة . وأرى أنّ التخطيط السليم لابد أن يتخلله دراسات تشخيصية عاجلة للغذاء والمياه والطاقة والخدمات التي تقوم عليها ، حتى لا يتسبب الجفاف في حصد الأخضر واليابس.