30 أكتوبر 2025

تسجيل

برقيات عاجلة بمناسبة الأيام العالمية للمرأة واللغة الأم

12 مارس 2015

البرقية الأولى حول اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق الثامن من مارس كل عام، وبهذه المناسبة أكثر ما يشغل البال هو حال المرأة العربية والمسلمة في مناطق الكوارث والصراعات، ومدى العنت الذي ينالها بسبب ذلك. أشارت منظمة حقوقية عراقية على سبيل المثال لا الحصر إلى أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون أرملة في عموم العراق بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في العراق منذ 2003، وهناك أكثر من ثلاثة ملايين يتيم لنفس السبب. ولا تقلّ آلام المرأة السورية والليبية والصومالية عن ذلك، بسبب الظروف الاستثنائية، فالمرأة بمجرد غياب عائلها تتعرض للكثير من الانتهاكات وهضم الكثير من حقوقها، وابتزازها من أجل لقمة عيشها وتربية أطفالها والمصاريف المعيشية التي تحتاجها أسرتها، فضلا عن الخوف والفزع بسبب الاختطاف وظروف النزوح اللجوء بعيدا عن ديار الأهل، والقلق على مستقبلها ومستقبل أبنائها. وقد رأيت بنفسي في مخيمات النزوح السورية نساء مع أطفالهن فقط بدون عائل أو قريب بسبب استشهاد أزواجهن، ورأيت أيتاما مع جداتهن بسبب موت الأب والأم، ورأيت فتيات لاجئات بدون تعليم ومدارس يعلمن رغم صغر سنهنّ من أجل تأمين لقمة العيش الضرورية بكل ما يكتنف ذلك من إشكالات ومضايقات وعنت. ما تتعرض له المرأة النازحة واللاجئة والتي تعيش في ظروف الحروب والكوارث، إذا كانت أمّا لا يقتصر عليها، بل يتعداه لأبنائها وأسرتها التي غالبا ما تقوم هي على رعايتها بعد فقد الزوج والمعيل، لذا فإن الخسارة كبيرة في حال تعرضها للأذى، بمعنى فقد أسرة بكاملها. لذا وجب أن تحظى هذه المرأة بالحماية والرعاية لكي تتمكن من تربية الأجيال والأبناء وتوفير الحنان والدعم لهم، خصوصا أنهم يكونون بأمسِّ الحاجة إليها، خصوصا في ظل الأوضاع المرتبكة. ولعلّ هذا يفرض على المنظمات الحقوقية والإنسانية إيلاء هذا الجانب الاهتمام ما يستحقه وإلا فالخسارة مضاعفة. البرقية الثانية حول اليوم العالمي للغة الأم الذي يصادف الحادي والعشرين من شهر فبراير كل عام، ولعل ما ينبغي التنويه به بالنسبة لأمتنا في هذه المناسبة هو تحبيب الناشئة بلغتهم العربية، وهذا الأمر ـ كما أفهمه ـ هو الأخذ بيد هذه الشرائح كي: ـ تتذوّق تراكيب لغتها وصورها الفنية الجميلة التي ترد في الشعر والنثر وتتلذّذ بها.ـ تهوى التحدّث بلغتها الأمّ وتترنم بموسيقى كلماتها، وتطرب لسماعها وتتحدث بالفصحى دون لحن. ـ تحبّ التعبير عما تريد بلغتها الأم، وتكتب بلغة مفهومة وجميلة وسلسة وخالية من الأخطاء.ـ تحبّ القراءة وتعشق مطالعة الكتب بالعربية.ـ تفهم أن العربيّة لغة حيّة قادرة على التعامل مع المتغيرات المعاصرة واستيعابها في الجوانب العلمية والحياتية المختلفة، وأنها بسبب ذلك ينبغي أن تعتز بها وبجذورها الراسخة، وأن تكون مرتكز ثقافتها وسبيل تواصلها مع الآخرين.الأمر يحتاج إلى تحديد ورسم إستراتيجيات وسياسات دقيقة وتحديد وسائل وأساليب سليمة للوصول إليها، وإلاّ فإن كلّ جهد خارج هذه الدائرة قد يكون غير مجدٍ. لقد اطلعت على تجربة جديدة يريد أصحابها منها تحبيب الناشئة واليافعين بلغتهم العربية وتعزيز صلتهم بها، من خلال: ـ حصر كتابة القصص والمواد المقدّمة لهم بالنحو والصرف واللغويات وموضوعاتها.ـ قصر الموضوعات المقدّمة لهم على الجوانب التراثية..ورغم تقديري لجهودهم الكريمة ونواياهم الطيبة، فإني أعتقد أنه لا ينبغي ألا ترتبط لغة الضاد في ذهن الأجيال بالماضي فقط، مع أهمية الاعتزاز بالجذور، وإنما يجب أن تكون حيّة في واقعهم المعاصر تستخدم من قبلهم كلغة للعلم وأداة التواصل مع الآخرين، مع يقين راسخ بقدرتها على التعامل مع المتغيرات المعاصرة واستيعاب الجديد، وتذليل كل العقبات التي تحول دون ذلك، أو تدفعهم للهيام بلغات أخرى على حساب لغتهم الأمّ.البرقية الثالثة عن محاسن مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك وتويتر ـ وقبلها المدونات ـ فمن محاسنها أنها كشفت عن مقدرة متميزة في الكتابة لبعض أصحاب الحسابات فيها، بعضهم في مجال الخواطر والبوح والسير، وبعضهم الآخر في مجال القصص القصيرة أو القصيرة جدا، أو في التعليق والنقد السياسيين..كانت بدايات بعضهم من هذه المواقع التواصلية تحديدا.. والآن لهم مقالات أو أعمدة صحفية دورية محل تقدير وثناء، وبعضهم صدرت له كتب عن دور نشر، ولبعضهم الآخر ما تطبعه بعض وسائل الإعلام المقروءة من نسخ، وبعضهم صارت لهم شهرتهم الكبيرة التي عبرت حدود الدول، ووفّرت لهم بعد ذلك مواقع متميزة في العالم الحقيقي. إنها بسبب الفرصة التي منحها فضاء الإنترنت لهم أولا، ثم التطور في هذا المجال من خلال الدربة وتعليقات متابعي الصفحة وإعجاباتهم ثانيا.ظاهرة تستحق من وجهة نظري الرصد والتقصي من خلال التحقيقات الصحفية والدراسات العلمية للإعلام الرقمي، والإفادة منها في الكشف عن أصحاب المواهب والقدرات، لاسيَّما في أوساط الناشئة والشباب واستثمار حاضنة غير مُكلفة لتطوير ملكاتهم... ما رأيكم؟ وهل من نماذج وأمثلة تودون الإشارة إليها؟