13 سبتمبر 2025
تسجيللا شك أن الأسرة فى أى مجتمع هى العامل الأساسى فى بناء الأمة وعليها – بالإضافة إلى المدرسة بطبيعة الحال – تقع مسئولية غرس قيم الأخلاق والمواطنة .. فضلا عن وضع البداية المرجوة للنسيج الثقافى الوطنى لهذا المجتمع .. وتعميق الإحساس بقيمة الوطن وقيم المواطنة .. وهذا لأن الطفل هو المستقبل .. وبقدر ما نهتم به بقدر ما يتحدد مدى نجاح وطننا فى حجز مكان متقدم له بين أوطان العالم الأخرى. وأهم ما يمكن أن نستند إليه فى هذا الصدد هو أن يكون للطفل العربى شخصيته التى تميزه – ولا أقول تُفَضِله – عن سائر أبناء الأمم الأخرى .. والرأى عندى أن شخصية الطفل تتحدد بشكل أساسى من الموروث الثقافى والمتمثل فى القصص التى يسمعها وهو صغير أو يقرأها فيما بعد .. وهى اللبنة الأولى فى الوسائط التربوية والإعلامية التى تقدمها الدول للأطفال والشباب ويمكن من خلالها للكبار فهم شخصية الصغار ودعم بناء المواطنة السليمة كما أسلفنا. وتأسيسا على ما سبق فإنه لا يمكن أن نتخيل أن يحصد مجتمع أو شخص ثمارا غير تلك التى وضع بذورها فى الأرض .. وبرغم أن هذه مسألة بديهية لا يمكن أن يختلف عليها إثنان .. أو يتناطح من أجلها عنزان .. كما كان الأدباء يقولون سابقا على سبيل الدعابة .. إلا أن شيئا من هذا يحدث الآن .. وكل يوم .. والغريب أن هذا يحدث منا نحن الكبار .. إذ نتوقع أن نحصد من أبنائنا ثمارا لم نضع لها بذورا .. والغريب هنا بالطبع أن نشعر بالحزن الذى قد يصل إلى حد التعاسة عندما يتصرف أولادنا بطريقة تختلف عما غرسناه فى نفوسهم صغارا .. ولست أدرى كيف يبرر الكبار حزنهم هذا ويلقون باللوم على أبنائهم دون لوم أنفسهم للتقصير فى الغرس أو الزراعة. والمقصود بالكبار هنا .. نحن جميعا .. أنت وأنا .. وكل الآباء والأمهات والمعلمين فى دول وطننا العربى الكبير .. ولا أستثنى من ذلك أحدا .. وسأتناول الأمر من زاوية واحدة فقط أجد فيها الكفاية للتدليل على وجهة النظر هذه .. وهى " حب الوطن " .. إن أبناء العرب يعرفون وطنهم من خلال الكتب المدرسية ممثلة فى مناهج التاريخ والجغرافيا وبعض المعلومات والأناشيد الوطنية التى يحفظونها حفظا أصما تمهيدا لكتابتها فى ورقة الإجابة والحصول على صك " شهادة " تثبت نجاحهم والإنتقال إلى الصف الدراسى الأعلى .. وهذه والله آفة التعليم فى بلادنا .. ولكن هذا مقام آخر يستحق أن نخصص له مقالات ودراسات مستقلة .. ولكننى فيما نحن بصدده فى مقالنا هذا أتساءل .. كم من صغار التلاميذ أو حتى كبارهم يعرفون معنى كلمات نشيد بلادهم الوطنى التى يرددونها كل صباح ؟ الإجابة معروفة سلفا وهو ما سيقودنا إلى نتيجة مؤسفة مفادها أن الوطن بالنسبة لأبناء وطننا العربى ليس أكثر من منهج مدرسى .. وهذه هى نقطة الضعف الكبرى التى تتحدى إنتماءات المواطن العربى الصغير الذى لا يعرف عن وطنه سوى ما إكتسبه من معلومات مدرسية جافة لا تكفى لزرع حب الوطن داخل نفسه. والخلاصة أنه يجب على كل منا أن يقف أمام مرآة ضميره ويواجه نفسه ويسألها.. من منا حجز مكانا فى نفس إبنه الصغيرة لوطنه .. من منا غرس حب الوطن كزهرة صغيرة أو وردة يانعة وتعهد هذا الحب بالرعاية والعناية اللازمتين قبل أن تتفتح تلك الزهور وهاتيك الورود لينتج رائحة عطرة وشذى يليق بما غرسناه . آمل أن ننتبه نحن الكبار لهذه الحقائق حتى نحصد نتاجا طيبا لما سبق أن غرسناه . وإلى لقاء قادم ومقال جديد بحول الله.