13 سبتمبر 2025
تسجيلالتقرير الدولي الصادر مؤخراً عن ارتفاع حجم الديون العالمية المستحقة لدول اليورو إلى "100" تريليون دولار بنهاية 2013، بزيادة ملحوظة عن العام 2007 التي قدرت ديونها بـ "70" تريليون دولار، يشير إلى المخاوف التي تعتري الأسواق، وأثرت سلباً على مستقبل التعاملات المالية والتجارية.وعلل هذا الارتفاع بأنه الإصدار واسع النطاق للسندات من جانب الحكومات والشركات، أعقاب الأزمة المالية التي شرعت في رفع النمو الاقتصادي، وإنقاذ البنوك بعد الانهيار الذي حدث في 2008.يأتي هذا التقرير في وقت تعاني فيه الكيانات الاقتصادية من وضع مالي مقلق، أبرزها مخاوف الأسواق من تداعيات أزمة أوكرانيا وجمهورية القرم على الديون المتراكمة، والتأثير السلبي على اليورو الذي يعاني أصلاً من هوة الديون، وضعف الإصلاحات ، وتراجع الأداء الاقتصادي فيها، وضبابية الحلول السياسية التي فاقمت من مخاطرها.من الأزمات التي ما زالت عالقة، أزمة اليونان التي بلغ حجم ديونها والعجز في موازناتها المالية بـ "300" مليار يورو، وفي إيرلندا بلغت تراكمات ديون القطاع المصرفي "45" مليار يورو، وارتفاع مستويات البطالة في البرتغال إلى "20%"، وبلغت حجم ديونها "85%"، كما قدرت ديون الولايات المتحدة الأمريكية بـ"14،3" تريليون دولار، ناهيك عن تراجع الناتج الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من عدم استقرار سياسي أثر على النشاط الاقتصادي في مجمله.إذا نظرنا إلى أسباب الأزمة فإنها تعود إلى خلل في النظام المالي العالمي، وتذبذب أسعار الفوائد البنكية، والتأمينات الاجتماعية وتذبذب أسعار النفوط، وتراكمات العجز المالي في الخزانة الأمريكية من التوقعات المقلقة للأزمة المالية المحتملة بين ما تتطلبه مصلحة الدول وبين زيادة الإنفاق الحكومي في سبيل إنعاش ظروفها الاقتصادية، والإسراع بمعدلات النمو، وتوفير فرص العمل للحد من البطالة، وبين زيادة الضرائب، والتوجه نحو التقشف،وتقليص نفقات التعليم والرعاية الاجتماعية والمعاشات التقاعدية والنفقات العامة.من المشكلات التي طفت على السطح وستزيد من مخاوف الأسواق، ما أعلن مؤخراً من منظمة الأغذية العالمية "الفاو" عن توقعاتها بنقص الإنتاج الغذائي إذا لم تتم زيادة إنتاجه بنسبة "60%" بحلول منتصف القرن، لتجنب النقص الشديد في الغذاء الذي قد يثير اضطرابات اجتماعية.وأشارت "الفاو" إلى أنّ الإنفاق على البحوث الزراعية بدأ يتراجع، مما زاد من مخاوف الدول في التشكيك من إمكانية مجاراة نمو الطلب عليه، وأنّ التحدي الملح في الدول النامية، هو زيادة محاصيلها بنسبة "77%"، ووجود أكثر من نصف مليار شخص يعانون من الجوع ونقص الغذاء في آسيا وأفريقيا مما سيزيد من صعوبة الحل.وفي تقرير حديث للبنك الدولي أشار إلى أنّ العالم يفقد ما نسبته "25 ـ 33%" من الغذاء الذي ينتجه للاستهلاك، وهذا بسبب سياسات توزيع الغذاء والتخزين والإنتاج والتوريد والبيع. والمشكلة الأخيرة.. في تقرير صدر عن منظمة العمل الدولية يشير إلى ارتفاع معدلات البطالة حول العالم، خصوصاً في الشرق الأوسط بنسبة "11،5%" في 2013 في حين كانت تبلغ "6%" قبل ذلك، وهذا يشير أيضاً إلى غياب الدور الحكومي المنظم في التعامل مع تأثيرات الأوضاع الحالية للاقتصاد من بطالة ونزاعات وأزمات مالية، وبالتالي لن يساهم في التنمية بشكل مجد.وكنت قد ذكرت في مقال سابق توقعات تقرير الأمم المتحدة الصادر مؤخراً، من نمو الطلب على مصادر الطاقة والمياه والغذاء حول العالم بمعدل "40% ـ50%" بحلول 2030، نظراً لزيادة أعداد السكان، ونمو احتياجاتهم، بما سيسهم بدوره في الضغط الكبير على هذه المصادر الحيوية.من هذا المنطلق فإنّ الزيادة السكانية تزيد الضغط على موارد الطاقة والغذاء والمياه، التي بدورها تزيد الضغط على الحكومات والمؤسسات، لإيجاد البدائل، خصوصاً في ظل الطفرة العمرانية والاقتصادية والتوسع الجغرافي.كما تصدرت مخاوف عالمية من انهيار مالي وشيك اهتمامات الدول، وهي انتهاء مدة التجميد لسقف الدين الأمريكي، وعدم وضوح رؤيته، ورغبة الاقتصاديين رفعه إلى حوالي "17" تريليون و"300" مليار دولار، لتمكين أمريكا من سداد ديونها والإيفاء بالتزاماتها.من هنا يتبين أنّ العالم يعكف بمؤسساته وخبرائه على معالجة قضايا مالية، التي ستؤثر بدورها على تمويلات الطاقة والمياه والإنتاج الغذائي.وفي رأيي أنّ أبرز تلك المشكلات هي غياب التخطيط المنظم، والدراسات الميدانية الواقعية ، التي تستشرف الأداء الفاعل على الأرض، وغياب التنسيق بين الكيانات الاقتصادية الكبيرة ، إذ رغم وجود مصادر تمويل ميسرة وضوابط قانونية ممهدة لنشوء اقتصادات ناجحة، إلا أنّ عدم التنظيم والعشوائية من شأنه أن يزيد من المخاوف العالمية بشأن قضايا حيوية مثل الغذاء والمياه والطاقة والعمل ، إضافة ً إلى تأثيرات الديون العالمية التي وصلت إلى طريق مسدود.