11 سبتمبر 2025
تسجيلنواصل الحديث عن موقف الإسلام من ممارسة الرياضة وأنواع الرياضات التي عرفها المسلمون الأوائل ومارسوها ومنها: رفع الأثقال ومثله ألعاب القوى: كان يعرف عند العرب باسم "الربع " وهو أن يُشال الحجر باليد، يفعل ذلك لتعرف شدة الرجل، والربيعة والمربوع هو الحجر الذى يرفع، وفى الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم "مَرَّ بقوم يَرْبَعون حَجَراً أي يُشِيلُونَه" أو يتربعون — يُرِيدُونَ الشِّدَّةَ — (فلم ينكر عليهم) فقال: عمال الله أقوى من هؤلاء وفى بعض الرِّوَايَات أَنه قَالَ (أَلا أخْبركُم بأشدكم) قَالُوا بلَى قَالَ (من ملك نَفسه عِنْد الْغَضَب) ويُروى عن النبي: أنه مرَّ بقوم يتجاذَوْنَ مِهْراساً فقال: (أتحسبون الشدَّةَ في حمل الحجارة، إنّما الشدة أَنْ يمتلىءَ أحدُكم غيظاً ثم يغلبه) والمهراس: حجر مستطيل منقور يتَوَضَّأ مِنْهُ شَبيه بالهاوون الَّذِي يهرس فِيهِ والهرس: الدق الشَّديد. جاء في تصحيفات المحدثين للعسكري (المتوفى: 382هـ)( هَذَا الحَدِيث فِي موضعٍ فِيهِ تصحيفٌ قولُهم مَرَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قوم يَرْبَعُون حَجَرًا بالباءِ تحتهَا نقطة وَمن لَا يعلم يرويهِ يرفعون وَلَيْسَ بخطأ فِي الْمَعْنى وَلَكِن الروايةُ المضبوطة بالباءِ لَا بالفاءِ، (وأول من فكر فى تلك اللعبة جابر بن عبد الله الأنصاري، وكان مشهورا بقوته البدنية، وقد اشتهر بالقوة البدنية على بن أبى طالب عَنْ أَبِي رَافِعٍ مولى رسول الله — صلوات الله وسلامه عليه —، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حين بعثه رسول الله — صلوات الله وسلامه عليه — بِرَايَتِهِ، — يوم غزوة خيبر — فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنِ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ، فَقَاتَلَهُمْ فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَطَرَحَ تِرْسَهُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ، فَتَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ حِينَ فَرَغَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي نَفَرٍ سَبْعَةٌ أَنَا ثَامِنُهُمْ، نَجْهَدُ عَلَى أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نَقْلِبُهُ". وفى البداية والنهاية لابن كثير:عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَلِيًّا حَمَلَ الْبَابَ عَلَى ظَهْرِهِ يَوْمَ خَيْبَرَ حَتَّى صَعِدَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فَفَتَحُوهَا، فَلَمْ يَحْمِلْهُ إِلَّا أَرْبَعُونَ رَجُلًا. الكرة وهى تشبه لعبة البولو فى هذه الأيام، وقد وضعوا لها آدابا مذكورة فى كتب الأدب، وَفِي شرح السنة عن أَبِي رَافِعٍ وفى مجمع الزوائد، وغيره عَنْ أَبِي شَدَّادٍ ((كُنْتُ أُلَاعِبُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمَا بِالْمَدَاحِي)) الدَّحْوَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ: دَحْرَجَةُ الْأَشْيَاءِ الْقَابِلَةِ لِلدَّحْرَجَةِ كَالْجَوْزِ وَالْكَرَى وَالْحَصَا وَرَمْيِهَا، والمداحى: هِيَ أَحْجَارٌ أَمْثَالُ الْقُرْصَةِ كَانُوا يَحْفِرُونَ — حفرة — وَيَدْحُونَ — أي يُدحرجون — فِيهَا بِتِلْكَ الْأَحْجَارِ، فَإِنْ وَقْعَ الْحَجَرُ فِيهَا غَلَبَ صَاحِبُهَا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ غُلِبَ،،وَقَالَ ابن منظور في لسانه: الدَّحْوُ: هُوَ رَمْيُ اللَّاعِبِ بِالْحَجَرِ وَالْجَوْزِ وَغَيْرِهِ، وَهي لُعْبَةِ مَأْلُوفةٌ عِنْدَ الصِّبْيَانِ فِي بعض البلدان وَيُسَمُّونَها لَعِبَ الْأُكْرَةِ، وَيُحَرِّفُهَا بَعْضُهُمْ فَيَقُولُ: الدُّكْرَةُ. قلت: هي لعبة قريبة جدا من لعبة "البِلْي" وَقَالَ الرَّاغِبُ فِي مُفْرَدَاتِ الْقُرْآنِ قَالَ — تَعَالَى —: (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا)، أَيْ أَزَالَهَا عَنْ مَقَرِّهَا، وَسُئِلَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنِ الدَّحْوِ بِالْحِجَارَةِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، أَيِ: الْمُرَامَاةُ بِهَا وَالْمُسَابَقَةُ. السباحة: ممارسة النبي صلوات الله وسلامه عليه للسباحة في كثير من كتب السيرة النبوية — قديما وحديثا — منها — المختصر الكبير في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لابن جماعة المتوفى: 767هـ): 1 / 27) وإمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع المقريزي (المتوفى: 845هـ): 8 / 143 تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس لحسين بن محمد بن الحسن الدِّيار بَكْري (المتوفى: 966هـ): 1 / 299) وغيرها الكثير من كتب السيرة النبوية المطهرة رُوِى أن النبى صلى الله عليه وسلم سَبَح وهو صغير عندما زارت به أمه أخواله فى المدينة، فإنه عليه الصلاة والسلام لما هاجر ونظر إلى دار التابعة حيث دُفِن أبوه قال: هاهنا نزلت بى أمى وأحسنت العَوْم في بئر بنى عدى بن النجار، واستدل به السيوطى على أن النبى عَامَ — سَبَحَ — وذكر أنه روى أبو القاسم البغوى وغيره وفى مجمع الزوائد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ — صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ — وَأَصْحَابُهُ يَسْبَحُونَ فِي غَدِيرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ — صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ —: " لِيَسْبَحْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمُ إِلَى صَاحِبِهِ ". فَسَبَحَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى صَاحِبِهِ، وَبَقِيَ النَّبِيُّ — صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ — وَأَبُو بَكْرٍ، فَسَبَّحَ النَّبِيُّ — صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ — إِلَى أَبِي بَكْرٍ حَتَّى عَانَقَهُ — وَقَالَ: " أَنَا إِلَى صَاحِبِي، أَنَا إِلَى صَاحِبِي».فى شرح مذاهب أهل السنة لابن شاهين "تَفَرَّدَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ، لَمْ يَشْرَكْهُ فِيهَا أَحَدٌ". وهذه نماذج للتربية البدنية أقرها الإسلام، وشجع عليها. بضوابط وقواعد دقيقة تُثمر ثمرتها المرجوة من خلالها تعرف مدى مرونة الإسلام وشمول هدايته لكافة جوانب الشخصية الإنسانية وسائر مظاهر الحضارة الصحيحة. وفى الإطار العادل الذى وضعه للمصلحة، وهناك ألوان من الرياضة البدنية فى الإسلام كثيرة، بل إن التكاليف الإسلامية نفسها يشتمل كثير منها على رياضات — وإن لم تُقصد لذاتها — للأعضاء إلى جانب إفادتها رياضة للروح واستقامة للسلوك، فالصلاة بما فيها من طهارة وحركات — قياما وقعودا وركوعا وسجودا — لمعظم أجزاء الجسم، والحج بمناسكه المتعددة والتنقل بين مشاعره، وزيارة الإخوان وعيادة المرضى والمشى إلى المساجد في الجُمع والجماعات، وسائر أنواع النشاط الاجتماعى كلها تمرين لأعضاء الجسم وتقوية له ما دامت فى الحد المعقول. هذا وبالله التوفيق