19 سبتمبر 2025
تسجيليعيش حوالي 80٪ من سكان العالم على بعد ست ساعات فقط من قطر، حيث تقع البلاد في مفترق طرق بين قارات أوروبا وأفريقيا وآسيا. ونظرًا لموقعها الاستراتيجي ومناخها الدافئ وسواحلها الخلابة، هناك إمكانات كبيرة لتعزيز مساهمة السياحة في الاقتصاد الوطني. ومن الواضح أن استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم خلال العام الماضي أدت إلى حدوث زيادة كبيرة في أعداد الزوار القادمين إليها، مع وصول أكثر من مليون زائر إلى البلاد خلال شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين. وقبل البطولة، كان هناك التزام استراتيجي بالاستمرار في جذب السياح بشكل متواصل، واستخدام كأس العالم لتعزيز صورة قطر باعتبارها دولة آمنة وممتعة وغنية بالمعالم السياحية التي تستحق الزيارة، سواء عبر تقديم تجربة إيجابية للزوار، وتعزيز مكانة قطر وسمعتها من خلال التغطية التلفزيونية. وتوفر البنية التحتية الحديثة لخدمات النقل والمواصلات ومرافق الإقامة السياحية التي كانت مطلوبة لاستضافة بطولة كأس العالم حافزًا إضافيًا لمواصلة الجهود الرامية لاستقطاب المزيد من الزوار والسياح بدايةً من عام 2023 وما بعده، لتجنب ركود الطلب على قطاع الفنادق والمطاعم، وتطوير السياحة باعتبارها صناعة مربحة. وهناك هدف استراتيجي للدولة يتمثل في زيادة المساهمة الاقتصادية لقطاع السياحة إلى 10-12٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مقارنةً بمعدل 3٪ في عام 2019. وخلال نفس الفترة، هناك هدف يتمثل في زيادة العدد السنوي للزوار من 2 مليون إلى 6 ملايين زائر. وقد ساعدت المبادرات الحالية في تعزيز عوامل الجذب في دولة قطر بصفتها وجهة سياحية مهمة، ولكن يمكن النظر في إمكانية اتخاذ إجراءات أكثر جرأة لتسريع وتيرة التقدم نحو تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 وزيادة عدد السياح للدولة. إحدى هذه الإجراءات مرتبطة بمشروع توسعة مطار حمد في الدوحة لترقية البنية التحتية لقطاع النقل الدولي في استجابة لطموحات القطاع في عام 2030. ومع ذلك، ستتحقق فوائد كبيرة إذا أمكن خدمة المزيد من الوجهات عبر إعطاء حقوق النزول وتوفير المزيد من الفرص والرحلات لشركات طيران مختلفة من البلدان التي تتميز بوجود أعداد كبيرة من الأسر التي تتمتع بقوة شرائية عالية. ويمكن أن يشمل ذلك شركات الطيران الأوروبية الرئيسية من أمثال شركة إيزي جيت ورايان إير. ومن الوارد أن تساهم زيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة القادمة من الأسواق المستهدفة في تعزيز مستويات الراحة وتقليل التكلفة للعديد من الزوار من العائلات. ويجب أن تتبنى شركة الخطوط الجوية القطرية أيضًا استراتيجية لخفض أسعار التذاكر على مدار السنوات الثلاث القادمة، بحيث تبيع تذاكر الرحلات المباشرة القادمة إلى قطر من تلك الدول المستهدفة بأسعار التكلفة أو أقل من تلك الأسعار. وسيكون لهذه الخطوة تأثير ضئيل على ربحية الشركة ولكنها ستوفر دفعة كبيرة للاقتصاد المحلي وشريحة كبيرة من رواد الأعمال المحليين بسبب ارتفاع عدد السياح، وهو ما سيساعد الحكومة على تعويض الإيرادات من شركة الطيران. ومن بين ميزات الموقع الاستراتيجي لدولة قطر نجاح الخطوط الجوية القطرية في جذب السياح لزيارة البلاد لفترة قصيرة أثناء سفرهم على الطريق ما بين شرق آسيا وأوروبا أو الأمريكتين. ورغم أن هذا العرض السياحي متخصص ويتميز بإمكاناته العالية، إلا أن هناك حاجة أيضًا للترويج لقطر بصفتها وجهة سياحية رئيسية. ويميل الناس إلى الإنفاق بشكل يومي وإجمالي أعلى في قطاعات الاقتصاد المحلي عندما يستمتعون بعطلاتهم الرئيسية أكثر مما يفعلون عند بقائهم لمدة يومين أو ثلاثة أيام في طريق سفرهم إلى مكان آخر، وينطبق هذا المثال أيضا على زوار البواخر السياحية. ولا تزال هناك خطوة أكثر طموحًا تتمثل في دخول هيئة قطر للسياحة إلى السوق مباشرة عن طريق شراء غرف فندقية بالجملة (كمثال 50% من الغرف الفندقية المتوفرة) في عملية مزاد عكسي Reverse Auction، وتنظيم صفقات عروض لتسويقها على المستوى الدولي. وسيساهم تعزيز سهولة الوصول إلى جانب توفير أسعار تنافسية في جعل قطر وجهة أكثر جاذبية لقضاء العطلات، حيث قد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً للانتهاء من ترتيبات السفر والإقامة الخاصة بالزوار في حال إقبالهم على تنظيمها بشكل شخصي. كما سيوفر ذلك دفعة للسوق المحلي وخاصة الفنادق المحلية حيث سيكون لديها مبيعات مضمونة للغرف، وهو ما سيساعدها على ضمان الاستمرار في أداء عملها. وكانت دولة قطر قد عززت بنيتها التحتية، بما في ذلك مرافق النقل الجوي والبحري والبري، بالإضافة إلى السعة الفندقية بشكل كافٍ لكي تتمكن من استضافة بطولة كأس العالم بنجاح منقطع النظير في عام 2022. وتمتلك دولة قطر حاليًا حوالي 31,000 غرفة فندقية. ويتطلب ضمان الاستخدام المستمر أو المحسّن لهذه الموارد ومساهمة قطاع السياحة في تحقيق إيرادات كبيرة للاقتصاد الوطني بعض الخطط الجريئة.