11 سبتمبر 2025

تسجيل

قومٌ تعاونوا ما ذلوا.. المنتخب العنابي أنموذجاً

12 فبراير 2019

" قومٌ تعاونوا ما ذلوا "، من الأمثال الشعبية المتداولة في ثقافتنا العربية و التي تترجم الروح الجماعية في أي نشاط يعود بالفائدة على الجميع. و لا ننــسى بالتأكيد، أن كلمة التعاون وردت في القرآن الكريم ( وتعاونوا على البرّ والتقـــوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) آية: 2، سورة المائدة . و التعاون مطلبٌ ينشــده الجميع، دون استثناء من أحد؛ ولكن الذي أثار فضولي في طرح هذه المقالة القصيرة، هو ما شاهده الملايين من عشّــاق كرة القدم لمستــوى المنتخب القطري في بطولة كأس آسيــا 2019، حيث أذهل المنتخبُ العنابي جماهيرَ الكرة العربية من صنعاء إلى تطــوان مروراً بالأردن وبعض محبــي الكرة القطرية، خاصة في تركيا ودول أخرى . ومما زاد إعجابي بالمنتخب القطري، هو المستوى الفني والأخلاقي للاعبيــن؛ حيث كنتُ أركــز على هذا الأداء البطولي في هزيمة منتخبات عريقة في كرة القدم . لم يأت هذا الفوز الأسطوري لولا أن وراء هذا العمل الخارق رعاية كريمة من القيادة العليا، واستعدادا رائعا، وإدارة طموحة، وتدريبا عالي المستوى . الجميع تحــدّث عن هذا الحــدث الرياضي الكبير، و على الرغم من أنني لست متخصصا بالدرجة الأولى في تحليل لعبة كرة القدم، إلا أني نظرت لهذا الإنجــاز المذهل من زاويتين : الأولى – هو التغيـّـر الملحوظ في مفهوم أداء لعبة كرة القدم وأداء اللاعبين، كونها انتقلت من خطة اللعب الفردي ( أو ما يسميه البعض أنانية اللاعب في وسط الملعب ) إلى مفهوم اللعب الجماعي، وهذه نقلة كبيرة جداً في تطور الكرة العربية، والقطرية بالدرجة الأولى ؛ والزاوية الأخرى- هو المستوى الأخلاقي لأداء اللاعبين في الملعب، حيث رأينــا أحدهم يُقبــل أحــد الخصوم على رأسه، اعتذرا عمّــا ارتكبه من خطأ، وهذه الحركة ليست هيّنــة في مناسبة مثل هذه المناسبات الكروية العالمية، و التي تتسم عادة بالتوتر والعصبية والنرفزة ؛ وهذا دليــل على سيطرة اللاعبين القطريين على أعصابهم، رغم الظروف الصعبة التي عاشوها في الملعب الإماراتي، والمعروفة لدى الجميع، كغياب الجماهير القطرية ، من أجل مساندة فريقهم . فرغم تلك الظروف التي أحاطت بالفريق، خلال مدة البطولة الآسيوية، إلا أن الثبات والعزيمة والاستعداد الممتاز واللياقة البدنية والتدريب الرائع أثمــرت وآتت أكلهــا في الملعب . هنيــئاً لنــا جميعاً بهذا المظــهر الرائع للمنتخب، والذي بالفعل جســّد روح العمل الجماعي في الملعب، حيث أثبتت تجربة اللعب الجماعي أنــها أقوى وسيلة لتحقيق الفوز والتفوق؛ فضلاً عن تماسك اللاعبين في عدم الانزلاق نحــو العصبية والتوتر، خلال مباريات البطولة . وبالفعــل، بقــدرْ الاستعداد يأتي الإمــداد؛ فالمنتخب العنابي كان على درجة من الجهوزية الفنيــة، والتي أهلتــه لتحقيق هذا الفوز التاريخي، راجياً أن يكون ذلك حافزا ومشجعــا و دافعــاً قويــا ليكون المنتخب على درجة من الاستعداد للبطولات القادمة، وخاصة كأس العالم 2022 . [email protected]