31 أكتوبر 2025

تسجيل

نتنياهو.. وقاحة وتطاول على الحليف الرئيسي!

12 فبراير 2015

نتنياهو لا يتميز بعنجهيته وصلفه وجرائمه، وانتهازيته السياسية. وكذبه وافتراءاته على التاريخ والحقائق فحسب. بل بوقاحته الشديدة أيضا! هذا أقّل ما يوصف به رئيس وزراء الكيان الصهيوني. يريد وبوقاحة شديدة إلقاء خطاب في الكونجرنس الأمريكي بمجلسيه: الشيوخ والنواب في منتصف مارس القادم. بناء على دعوة من المتصهينين من رئيس ممثلي الحزب الجمهوري في المجلس. الذين لم يُعلموا رأس هرم إدارتهم. برغبتهم كما جرت العادة. وأخذ موافقته الشكلية على الإجراء! البيت الأبيض الذي أبدى انزعاجه من الدعوة أعلن أن: أوباما لن يستقبل نتنياهو خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن. نائب الرئيس بايدن الذي يحضر في العادة خطابات القادة الأجانب أعلن هو الآخر: أنه سيتغيب عن حضور خطاب نتنياهو (بسبب السفر!)..من الجدير ذكره؛ أن زيارة نتنياهو تأتي في ظل احتدام المواجهة بين الرئيس والجمهوريين.. فالأول لا يريد فرض عقوبات جديدة على إيران (وأعلن صراحة أنه سيتخذ حق: الفيتو الرئاسي، إذا ما اتخذ الكونجرس قرارا بفرض العقوبات) بينما الجمهوريون وآخرون من نواب حزب الرئيس الديمقرا طي.. يريدون فرض العقوبات وحتى أقسى منها. حتى قبل انتهاء المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي! معروف موقف نتنياهو حول المسألة فهو يعتبر: أن البرنامج هو التحدي الأكبر أمام إسرائيل.. وينادي بل يحرض حليفته الرئيسية على تدمير المشروع. ولطالما هدد باحتمال أن تقوم إسرائيل وحدها بتدميره!بداية. ليس من الصعب على المراقب استشراف أهداف نتنياهو من إلقاء الخطاب.. ولعل أبرزها: هدف انتخابي ومحاولة لتعزيز زيادة شعبيته وحزبه في الانتخاب التي ستجرى بعد أيام قليلة من موعد إلقاء الخطاب (17 مارس).. هدف إثبات اليد الطولى لإسرائيل في قلب عاصمة حليفتها الرئيسية. التوضيح للعالم: أن هرم الإدارة الأمريكية في كل المراحل يتوجب أن يكون ببغاء لما تريده دولة الكيان. إثبات القدرة على التحكم في القرارات الرسمية الأمريكية. ابتزاز مرشحي الانتخابات الأمريكية الرئاسية القادمة لإبداء المزيد من الولاء لإسرائيل عن طريق ابتزازهم! وبخاصة أن أوباما يعيش أواخر فترته الانتخابية الثانية. وهو بمثابة "بطة عرجاء" مثلما اصطُلح على تسمية الرؤساء الأمريكيين في نهايات فتراتهم الرئاسية. خطوة نتنياهو وإضافة إلى تطاولها ووقاحاتها على أوباما تحمل غدرا وخيانة لواحد من أكثر الرؤساء الأمريكيين حرصا وتأييدا للكيان! (وهو الذي ما زال يحرص.. وإضافة إلى كل ما قدمه من دعم مادي وعسكري وسياسي لحليفته الرئيسية.. على تأييدها في كل المحافل الدولية.. وآخرها وليس أخيرها: الموقف من منع محكمة الجنايات الدولية من محاكمة قادة إسرائيليين بتهم أقل واحدة منها: ارتكاب جرائم حرب!).. هذه هي دولة الكيان تمارس: التهديد. الابتزاز وكل الأساليب القذرة حتى مع حليفتها الأساسية.. هذه هي الشايلوكية الفعلية والوقاحة المنقطعة النظير. واحتقار الآخر. إن هذه الخطوة تحمل في طيّاتها تعبيرا حيا عن الحقيقة العنصرية للكيان وقادته. ليس هناك من هو أقدر من نتنياهو في محاولاته المستمرة في الافتئات على الآخرين ومحاولته "تحويل الباطل إلى حق"، والعكس صحيح؟ من يريد معرفة وحقيقة نتنياهو عليه قراءة كتابه الصادر بالعربية "مكان تحت الشمس" في أوائل التسعينيات. نتنياهو إرهابي فكرا وممارسة وعنصريا حتى العظم.. وهو أكثر عنصرية من أعتى غلاة المستوطنين المتطرفين من الصهيونيين. لكنه يتصور أنه قادر على خداع الآخرين بالكلام المنّمق الجميل في الحديث عن السلام. إن كل محاولاته مكشوفة تماماً وهو لا يخدع سوى نفسه "فيمكن أن يخدع بعض الناس بعض الوقت، كما أنه يمكن أنه يستطيع أن يخدع كل الناس بعض الوقت، ولكن لا يمكن له أن يخدع كل الناس كل الوقت".. نتنياهو من أكثر السياسيين الصهاينة كَذِباً وانتهازية! هذا ما يتضح لمطلق قارئ عندما يقرأ كتابه المذكور. بالنسبة لجرائم دولة الكيان في زمنه، فحدّث ولا حرج. الاستيطان وصل في ظل حكومة نتنياهو إلى ذروته. تصريح نتنياهو عن ضرورة قتل من يعتبرهم "مخرّبين" من الفلسطينيين (في تبريره لهدم بيوت بأكملها في العدوان الأخير على قطاع غزة!).. حتى مع استشهاد أهاليهم وزوجاتهم وأولادهم. يقول إنه" لا أسف على المدنيين إذا كانوا يسكنون مع إرهابيين". للأسف: البعض من سياسيينا وكتّابنا الفلسطينيين والعرب على حدّ سواء حاكموا ويتوقعون تطورا سلبيا على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. هؤلاء يتحدثون عن إمكانية تطور الموقف إلى أزمة أمريكية – إسرائيلية! بداية، من الضروري القول: إن العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية على درجة من التحالف الإستراتيجي الذي يقع: خارج إطار دخوله مرحلة الأزمة المؤثرة فعليا على العلاقة بين الطرفين.. وهي خارج إطار التدخل الفعلي من قبل أية إدارة أمريكية والتسبب في عوامله الأزموية.. قد ينشأ بعض التعارض أحيانا حول هذا الموقف أو ذاك. أو حول هذه السياسة أو تلك.. لكنه التعارض الآني.. الثانوي الذي لا يؤثر على إستراتيجية العلاقة القائمة بين الطرفين. إن أي مرشح للرئاسة الأمريكية. وأي رئيس ينجح في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. يضع على رأس جدول أعماله: تنمية العلاقات مع إسرائيل. ومدّها بمختلف أنواع المساعدات العسكرية، والاقتصادية المالية، والدبلوماسية أيضاً. ومناحٍ أخرى غيرها. إلى الحد الذي يتسابق فيه المرشحون للانتخابات الرئاسية أو الفائزون من الرؤساء الأمريكيين: على خدمة إسرائيل وإرضاء قادتها وزعماء اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة. إن ما يبدو في بعض الأحيان: تطور وصول الحدث إلى مستوى الأزمة في العلاقة بين الطرفين هو محض خيال! هذا ما لا نقوله نحن فقط وإنما تثبته أحداث الواقع! خذ مثلا أوباما نفسه وخطابه الشهير في جامعة القاهرة والموجّه للمسلمين والعرب، ومراهنات كثيرين من العرب والفلسطينيين والمسلمين على الجديد في مواقفه من إسرائيل حتى بدأوا بتسميته: باراك "حسين" أوباما! أوباما باختصار تنصّل من كل وعوده. وأصبح ببغاء يردد الحل والتسوية الإسرائيلية! لا نشك: أن الرئيس أوباما سيبتلع الإهانة. رغم تطاول نتنياهو عليه في عقر داره!