12 سبتمبر 2025

تسجيل

شخبط .. شخابيط

12 فبراير 2015

كثيرا ما يلجأ بعض كُتاب المقالات إلى كتابة عناوين غريبة ومثيرة للجدل بغية جذب نظر القراء لما سيكتبونه فى مقالاتهم .. وأنا لست من هؤلاء .. لأننى أظن – وليس كل الظن إثم – أن من يلجأ لمثل هذه الحيل يكون ما يكتبه غير ذى قيمة .. العنوان هنا يُعطى إنطباعا أننا سنقرأ شيئا عن الأغنية الشهيرة التى تحمل ذات الإسم أو أننا سنقرأ على الأقل شيئا عن الأطفال .. والرأى الثانى هو الأصح .. لأننى سأكتب هنا عن " شخبطة الأطفال " .. وهو ما قد يراه البعض شيئا تافها .. لا يستحق الكتابة عنه . ولهؤلاء أقول .. مهلا أيها الأعزاء .. فإن الطفل عندما يمسك قلما و" يشخبط " على ورق – سواء وجده أمامه أو بحث عنه حتى أحضره لا فرق – فإن ما يفعله الطفل هنا شيئ ذو دلالات نفسية يجب التوقف عندها .. كيف ؟ نحن فى عالم الكبار .. نستطيع أن نعبر عما يدور فى أذهاننا .. أو حتى ما يجيش فى صدورنا .. وكذلك مشاعرنا وإنفعالاتنا .. بأكثر من طريقة لفظية صريحة أو حركية مباشرة .. كما يمكن تحويل هذه المشاعر والإنفعالات من شكل إلى آخر بطريقة لاشعورية .. وهذا معروف لنا جميعا بطبيعة الحال .. فماذا عن الأطفال ؟ من المعروف علميا أن قدرات الطفل العقلية والمعرفية لا تكون قد نمت بشكل كاف فى السن من الثالثة وحتى الخامسة من عمره بما يمكنه من التعبير عن هذه المشاعر التى لا تستطيع حصيلته اللغوية أو قدرته على الكلام أن تفصح عنها .. فماذا يفعل الطفل الذى لم يعد رضيعا ليعبر بالصراخ والبكاء عما يريد كما كان يفعل فى الماضى ؟ .. وإذا أضفنا إلى ذلك القيود الإجتماعية المفروضة عليه من الكبار .. والتى تمنعه من التعبير الصريح عنها .. فسنجد أمامنا – وهذه حقيقة علمية مؤكدة – أن تفريغ هذه المشاعر والأحاسيس على الورق أحد أهم هذه الوسائل التى قد تتمثل فى الرسم والتلوين .. أو الشخبطة .. نعم .. الشخبطة العفوية .. البسيطة والتلقائية .. والتى تعبر فى معظم الأحيان عن مشاعرالأطفال الحقيقية . ويؤكد الكثير من علماء النفس والتربية فى العصر الحديث ومنهم الراحل الكبير " صلاح مخيمر " أن رسومات الأطفال .. وبالتالى " شخبطتهم " على بساطتها وتلقائيتها من أفضل الوسائل لفهم سيكولوجية الأطفال .. بل إن الأطفال يمكنهم عن طريقها التغلب على العوائق التى تحد من قدراتهم على التعبير .. ومنها يمكن أن نستشف أحلامهم وأمنياتهم وميولهم وإتجاهاتهم ومدى إهتمامهم بموضوعات معينة .. وبالتالى يمكن أن نتعرف على طرق تفكيرهم فى مستقبلهم .. يعنى فى قول آخر .. أنها نوع من أنواع الأداء النفسى فى المجال المعرفى .. أو العقلى . وإذا كان ما سبق ممكنا مع الأطفال الأسوياء فإنه من الممكن أيضا أن نستفيد منه فى الإقتراب من ذوى الإحتياجات الخاصة وعلى الأخص من لديهم مشكلات لغوية وفهم حاجاتهم . وغنى عن القول أن هذا الذى يريده الكبار من تحليلات لشخصيات الأطفال لا يحتاج إلى أن يكون الطفل ماهرا فى الرسم والتلوين .. أو أن تكون " شخبطته " ذات معنى .. ولكن المهم أن نتركه يعبر عن نفسه بهذه الطرق العفوية والعشوائية . وأخيرا يا عزيزتى القارئة .. ويا عزيزى القارئ .. فليفعل الطفل ما يشاء من رسم أو تلوين أو " شخبطة " .. وذلك من أجل مصلحته وراحته النفسية .. ولمزيد من فهمنا له . إذا لم تكن مقتنعا بذلك .. أرجوك .. إعادة قراءة المقال من البداية . وإلى لقاء جديد ومقال قادم بحول الله.