12 سبتمبر 2025
تسجيلكثير من الناس — ولا سيما الشباب — ليس على دراية ولا رواية للعلم الشريف وقد يجادل بعضهم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير والقصور عندهم في فهم الدين وحقيقته وكونه نظام حياة واضح جدا في حوارهم مع بعضهم وكأن الدين فقط والفقه فقط فقه الحيض والنفاس والوضوء والاغتسال بينما الدّين لفظ مُشْتَرك بَين مَعَاني كَثِيرَة مُخْتَلفَة. فمن معاني الدّين: الْعِبَادَة، الْجَزَاء، الطَّاعَة، الْحساب، السُّلْطَان، الْملَّة، الْوَرع، الْقَهْر، الْحَال، الْعُبُودِيَّة، الْإِسْلَام وَبِمَعْنى مَا يتدين بِهِ الرجل قال ابن فارس: الدَّالُ وَالْيَاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ وَاحِدٌ إِلَيْهِ يَرْجِعُ فُرُوعُهُ كُلُّهَا. وَهُوَ جِنْسٌ مِنَ الِانْقِيَادِ، وَالذُّلِّ. فَالدِّينُ: الطَّاعَةُ، يُقَالُ دَانَ لَهُ يَدِينُ دِيناً، إِذَا أَصْحَبَ وَانْقَادَ وَطَاعَ. وَقَوْمٌ دِينٌ، أَيْ مُطِيعُونَ مُنْقَادُونَ. وَالْمَدِينَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُقَامُ فِيهَا طَاعَةُ ذَوِي الْأَمْرِ"، والقرآن الكريم وهو القاسم المشترك بين الجميع فضلا عن الأمة ينبذ هذا العوار بدليل آخر آية نزلت حيث قال فيها تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم..." فكل مافي القرآن دين والأخذ به كله في حركة الحياة اليومية — على كافة المستويات تديُّن كامل وإلا فَإِذا ترك شَيْئا من هذا الْكَمَال فَهُوَ نَاقص، ففِي هذه الْآيَة تَصْرِيح بإكمال الدّين، — والدين هنا شعب الإيمان التي تربو على السبعين — وَلَا يُمكن أن يحمل الدين هنا على التَّوْحِيد، لِأَنَّهُ كَانَ كَامِلا قبل نزُول هَذِه الْآيَة، وتصوّر إكمال الدين يَقْتَضِي تصوّرّ نقصانه. وفي الأثر: "ليس يقوم بدين الله جل وعز إلا من حاطه من جميع جوانبه". وفي رواية "وَإِنَّ دِينَ اللَّهِ لَنْ يَنْصُرَهُ إِلا مَنْ أَحَاطَهُ اللَّهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ". وفي تطبيق الحدود "ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله". وفي النظام والتنظيم "ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك"، والعلم الموصول بالله دين في الصحيح إن هذا العلم دين ". وجهاد الكفار والمنافقين والملحدين دين بدليل "جاهد الكفار والمنافقين..." وفي صحيح الترغيب "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد" والتجارة دين "يقول عمر: "لا يبع في سوقنا إلا من قد تفقه في الدين"، الاتفاقات الدولية من الدين "يوم الحديبية قال عمر: فيم نعطي الدنية في ديننا". والفنون بضوابط من الدين "حتى تعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة"، والأخلاق الحسنة دين " إن لكل دين خلقا وإن خلق الإسلام الحياء". انتشار التوحيد دين في الصحيح: لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ» وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ، يَقُولُ: "قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ".رعاية حرمات الأشهر الحرم وسائر الحرمات المكانية والزمانية دين "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" تحكيم شريعة الله وتعبيد الناس لله تعالى دين"إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" مراعاة الفطرة ومسايرتها وعدم مصادمتها أو مصادرتها دين "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"، اللجوء إلى الله تعالى والاعتصام به عند الشدائد وإخلاص الدعاء له دين "وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ".الاعتصام بحبل الله والتمسك بالأصول والثوابت وعدم التفرق عنها دين "شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ". "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ.." تصفية الإيمان من شوائب النفاق ونفايات الرياء دين جاء في توبة المنافقين ".. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلهِ.." التعلُّم ومعرفة أحكام الدين ولا سيما معالم الحلال والحرام في كافة مناشط الحياة من صلب وصميم الدين "فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" الطاعة الدائمة لله تعالى امتثالا للأمر واجتنابا للنهي هي حقيقة الدين "وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً".وفي تفسير الطبري رحمه الله — وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} يَقُولُ: وَلَا يُطِيعُونَ اللهَ طَاعَةَ الْحَقِّ... طَاعَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ. وَكُلُّ مُطِيعٍ مَلِكاً أَوْ ذَا سُلْطَانٍ، فَهُوَ دَائِنٌ لَهُ" الجزاء على الأعمال والمكافأة عليها دنيا وأخرى من متين الدين قال الجوهري: "وَ (الدِّينُ) أيضا الْجَزَاءُ وَالْمُكَافَأَةُ يُقَالُ: (دَانَهُ) يَدِينُهُ (دِيناً) أَيْ جَازَاهُ. يُقَالُ: كَمَا (تَدِينُ تُدَانُ) أَيْ كَمَا تُجَازِي تُجَازَى بِفِعْلِكَ وَبِحَسَبِ مَا عَمِلْتَ.: «إِنَّا لَمَدِينُونَ» أَيْ لَمَجْزِيُّونَ مُحَاسَبُونَ وَمِنْهُ (الدَّيَّانُ) فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى". المنهاج هو: مجموعة أفكار أو مبادئ مرتبطة ومنظَّمة، فمنهج الحياة ونموذج أو خطة السير إلى الله تعالى — بحق أو بباطل دين "لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" والدعاة إلى الدين الحق مكلفون بدعوة غيرهم إلى ترك الباطل الذي هم عليه واتباع الحق، بلا مساومة ولا مداهنة؛ فإن دعا أهل الباطل أهل الحق إلى اتباع باطلهم — كما وضحته سورة العنكبوت "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ* وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ" عندها تكون المفاصلة والمفارقة التي نصت عليها سورة الكافرون "لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" أي لكم منهاجكم ولي منهاجي.