12 سبتمبر 2025
تسجيليبدو أن أحلام الوطنيين العرب بمستقبل أكثر تفاؤلا بدأ يتحول إلى كابوس مرعب يوقظهم ليكتشفوا من جديد أن الأحلام ليس لها مكان في عالم القوة العسكرية الحاكمة بالصواريخ والمدافع والبراميل المتفجرة والاغتيالات وحصار المدن وحرب الجوع، ولأن الدول العربية منشغلة بأزماتها وحروبها الداخلية، فقد ظهر أن إسرائيل وحدها هي التي تستفيد من أي حدث يقع على هذه الأرض، فالعرب يقتلون بعضهم بعضا، ولا حاجة لإسرائيل بحرب جديدة مع أحد منهم، لذلك انشغلت خلال السنوات الأخيرة في ترتيبات إنهاء مشكلتها مع الجوار الفلسطيني في ظل الضغط الأمريكي عليها لإيجاد حل مع الفلسطينيين والضغوط الأوروبية لمقاطعة المنتجات الزراعية والصناعية التي تتخذ المستوطنات حقلا لها.للدخول مباشرة في الموضوع فإن المعلومات الصحفية الإسرائيلية تحدثت عن صدور مجلد بعنوان "الآثار الإقليمية لقيام الدولة الفلسطينية" اشتركت فيه مراكز بحث إسرائيلية وشركاء لها من فلسطين والأردن، وموضوع القضية المبحوثة كما تناولها أحد كتاب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، هو الشتات الفلسطيني ومشكلة اللاجئين وحق العودة في ظل السعي لإقامة دولة فلسطينية، وللذهاب إلى آخر السطر، نجد أن الملخص يدعي أن قيام دولة فلسطينية لها سيادتها على الأرض والسكان الحاليين سيسرع في حل مشكلة فلسطينيي الشتات واللاجئين خارج وطنهم المنشود، ويقرب فكرة موت حق العودة، لأن أبناء الشتات والمنفى لن يتركوا البلاد التي احتضنتهم. إنهم يقولون إن لا مفر من تسليم فلسطينيي الشتات بالأمر الواقع في النهاية، وهو تعايشهم في البلدان المتواجدين فيها، فيما اللاجئون لا يشكلون نسبة عالية، والبقية ممن يحملون الجنسيات العربية ومنها الأردنية هم أردنيون لا يحق لهم الكلام فيما يسمى حق العودة، والصادم في التقرير الموسع الذي أعده أولئك النفر أن فصلا كبيرا خصص للأردن الذي يمكن أن يكون الحلّ الأنسب لإنهاء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين حسب رؤيتهم، متناسين المشكلة في إسرائيل أصلا التي شردت الشعب واحتلت الأرض.حسنا، إذا كانت مراكز البحث الإسرائيلية والكتّاب وأهل السياسة وأعضاء من الحكومة يخصصون وقتا طويلا وجهدا كبيرا لدراسة حلول خلاصتها غير منطقية لنا، وتهدف إلى إبعاد شبح الخوف الذي تخشاه إسرائيل على مستقبلها، دون النظر في الأخطار التي تتهدد مستقبل الشعب الفلسطيني أو الجار الأردني، فهذا برأينا شيء طبيعي، يفعله خصمك دون أن يرف له جفن، أما أن يتم الاعتماد على مراكز بحث فلسطينية أو أردنية وآراء لأبناء الضحية، فهذا في المنطق الوطني خيانة عظمى، وتلك مصيبة مزدوجة يعاني منها الشعبان الأردني والفلسطيني.الفكرة النهائية لمجموعة أولئك الباحثين هي منح عدد محدد من فلسطيني الشتات حق العودة مقابل القبول ببقاء نصف العدد من المستوطنين على الأراضي الفلسطينية، ويراهنون على أن الأعداد لن تكون كبيرة، فلا الفلسطينيون في دول الشتات سيضحون بأوطانهم وأعمالهم وامتيازاتهم الجديدة للعودة إلى دولة ناشئة وغير مستقرة ولن توفر لهم ما يجدونه في بلاد الاغتراب، ولا بأس من أن يبقى الارتباط الوطني العاطفي في قلوبهم، وإذا ما تم القبول من الطرف الإسرائيلي السماح بهذه المهمة سيكتشفون كم عالج الزمن مشكلة الحنين إلى الوطن، خصوصا مع الأجيال التي ولدت وترعرعت خارج وطنها. الكتاب من منشورات مركز دانييل أبراهام للحوار الإستراتيجي في الكلية الأكاديمية بنتانيا، وبمشاركة فاعلة من مركز دراسات في عمان وأخرى في فلسطين، وشارك فيه باحثون وباحثات حسبما أورد الكاتب، ووصف خطابهم السياسي أنه شذ لأول مرة عن الخطاب التقليدي المتعلق بالصراع مع إسرائيل وما يتعلق بقضية اللاجئين وحق العودة، ولهذا سيجد المرء نفسه أمام عيد سعيد يضاف إلى مجموعة الأعياد اليهودية التي يحتفلون بها هناك، فإذا كان أبناء الضحايا يعطون الجلاد ورقة براءته، فلنسترح من المعاناة النفسية لصراعنا مع هذا العدو، ونعلن إقامة مقاطعة للعملاء والطابور الخامس الذي يقدم خدماته الجليلة لعدو لا يحترم أدنى أخلاقيات الدبلوماسية عندما يتعلق الأمر بمصلحة وجوده أو أمنه القومي.