16 سبتمبر 2025
تسجيلتتكئ المحسوبية أو بالأحرى الواسطة المذمومة على عنصر التمييز واستغلال النفوذ حينما تضع الشخص غير المناسب، في موقع لا يستحقه، وليس جديراً به، وفق صلة قرابة أو معرفة بالمسؤول ما يقضي بطبيعة الحال إلى تعيينه في هذه الوظيفة أو تلك، ما يعتبر تجاوزاً للنظام، ولن يلبث أن ينكشف المتوسط له، لأن قدراته ومهارات لا تؤهله للقيام بمسؤولية هذه الوظيفة، وهذه بلا ريب مسألة في غاية السوء، من حيث التأثير في ذهابها إلى مدى أبعد سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية نظرا لعدم وجود التراتبية الموضوعية ووضع الشخص غير المناسب في إنهاك لمبدأ التكافؤ ناهيك عن وقوعها في نطاق الظلم، حينما استبعد آخرين طبقاً لهذه الاعتبارات المحزنة من وئد للإنصاف وإخلال بالأمانة من جهة أخرى، وإن تم تلوين العملية من مقابلات شخصية ومفاضلة لا تعدو عن كونها شكلية، فيما تدار المسائل من الداخل، والنتيجة محسومة سلفاً، وفي تقديري بأن الحل للقضاء على الواسطة والتي ما برحت تركل المؤهلين خارجاً، وتبقي القريب أو الصديق يكمن في تفعيل الدور الرقابي والتقيد بتنفيذ الأنظمة وفق الصيغ الصحيحة المقبولة، والقضاء على هذه الآفة، أمر تكتنفه الصعوبة، لأنها أي الواسطة لا يمكن أن ترك دليل إدانة إلا أنها وبكل أسف تنخر في الأمانة، ليحلق والحالة تلك من يستطيع التحليق بأجنحة هشة رخوة لا تلبث أن تسقطه أمام أول اختبار يعري كفاءته، وفي واقع الأمر فإن الحد من هذه التجاوزات لا يمكن أن تخضع للمراقبة الدقيقة، لأنها شبه عائمة، فإذا كان النفي وارداً في هذه الناحية، فإن الإثبات ليس كذلك، فإذا غاب الضمير ولم يمارس دوره المؤثر في التأنيب، ومراقبة الله عز وجل، فإن التوصية تلو التوصية لن تلبث، أن تنسج خيوطاً من البؤس والتعاسة، حينما ُتغتال فرحة من تزيحه تلك التوصية عن موقعه المستحق، ليناله الآخر من دون وجه حق، وتقضي على آماله المرتقبة في تكريس لغمط الحقوق، وبخس الناس أشياءهم، وللحد من آثار هذه الآفة التي ما فتئت تمرر أقسى أنواع القهر للمؤهلين، فإني أوجزها في هذه النقاط تنوع التشكيل في اللجان المناط بها أداء هذه المسؤولية بمعنى أن يكون التشكيل من قطاعات وأقسام مختلفة وأن تبقى في غاية السرية، ومن هنا فإن عامل الوقت لن يسعف من يرغب في تمرير التجاوز. أداء القسم من قِبل مسؤولي اللجنة بأن يتم الاختيار والتقييم بكل أمانة ونزاهة وموضوعية وصدق. تفعيل عملية التنقلات، في الدوائر والجهات أي أن المسؤول لا يبقى متربعاً، في موقعه ما يتيح له معرفة كل كبيرة وصغيرة، لأنه قطعاً وخلال هذه المدة الطويلة، سيهيمن على كل شاردة وواردة في القطاع ولاسيَّما وأن في عملية التنقل تطوير وتجديد وتغيير دماء، بل إنها ستقتل عامل الرتابة وتشحذ التجديد في الأفكار والابتكار لرقي القطاع، ولما كان الشيء بالشيء يذكر فإن تسهيل الإجراءات والمعاملات بين الناس من الأهمية بمكان ومن ركائز جلب الثقة لاسيَّما وأن الحاسب الآلي أضحى عاملاً رئيساً في اختزال الإجراءات، وبالتالي المرونة في التطبيق من خلال التيسير بشفافية تتيح انسيابية التداول عبر توضيح الإجراءات لتذهب مقولة (تعرف أحد بالمكان الفلاني) إلى غير رجعة فلا حاجة لأن تعرف أحداً في هذا المكان أو ذاك طالما أنك تحت مظلة النظام الذي يحفظ حقوقك، بعيداً عن البيروقراطية وآثارها السلبية السيئة، وقيل (الضمير خير من ألف شاهد). رسالة إلى كل من يرغب في التوسط، أدرك يا أخي الكريم شهامتك، ووصلك لأقربائك وأصدقائك ومعارفك، ولكن لا يكون هذا على حساب أمانتك التي وإذا كنت لا محالة سائراً في هذا الطريق فعلى أقل تقدير احرص على ألا يكون في هذا الأمر أذية لأحد أو بخس لأشياء الناس.