وترجّل فارس عُمان

ورحل آخر زعماء الرعيل الأول لقادة الخليج العربي .. بكل الأسى الممزوج بالحزن والرضا بقضاء الله وقدره رحل المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد سلطان الشقيقة سلطنة عمان بعد فترة حكم امتدت منذ عام 1970 وحتى يوم السبت الموافق الحادي عشر من يناير 2020 قضاها في خدمة بلاده وشعبه واستطاع رحمه الله أن يحقق سياسة توازن في المنطقة من خلال سياسته الحكيمة التي لم تجعل من عمان يوما محط خلاف مع جيرانه أو تنازع مع سياسات دول أخرى وكانت عمان ولا تزال البلد الخليجي العربي المسلم الذي يحظى بحسن الجوار مع جميع دول الخليج وتميز علاقاته مع دول العالم نظرا لما كان عليه السلطان قابوس رحمه الله من حكمة وبعد نظر وتناوله للقضايا بما يكون للصالح العام ولطالما كان السلطان قابوس المغفور له إن شاء الله الوجهة الوحيدة عند حدوث أي أزمة لما كان له من سداد الرأي ما يعترف به البعيد قبل القريب ولذا رأينا سلطنة عمان تحاول مد أواصر القرب في الأزمة الخليجية المفتعلة ضد قطر وساهمت بصورة واضحة وخفية إلى تذويب أسباب الخلاف والإصرار على أن الخليج يجب أن يظل متماسكا أمام رياح التغيير التي عصفت بقوى ودول ومؤسسات أخرى وكان رحمه الله يرى من المنظومة الخليجية الكيان الذي يجب أن يبقى حتى يتم استيفاء كل وعوده وتطلعاته لشعوب المنطقة وأن يكون حصنا منيعا أمام الأطماع التي يمكن أن تفتك بهذا المجلس إن امتدت إليه أصابع الفُرقة ووصل إلى ما لا نتمناه جميعا . رحل السلطان قابوس رحمه الله وغفر له كخير سلف وتولى ابن عمه جلالة السلطان هيثم بن طارق كخير خلف، حكم هذا البلد الجميل بعد أن أدى اليمين القانونية في مجلس عمان الاستشاري صباح الأمس في إجراءات سلسة وامتثالا لما كانت عليه وصية السلطان الراحل قابوس بن سعيد في أن يعتلي السلطان هيثم خلفا له بعد وفاته. وقد كان الاختيار الذي وافق صاحبه حيث أعلن جلالة السلطان هيثم فور اعتلائه رأس الحكم على البلاد أن سياسته لن تختلف أو تحيد عن سياسة السلطان قابوس رحمه الله وإنما ستكون مكملة لها وقائمة على الأسس التي أقامها الراحل سواء في الأمور الداخلية أو في الشؤون الخارجية، مطمئنا كافة أفراد شعبه الذين ظلوا من أبناء قابوس الأوفياء والمخلصين له أن عمان ستظل وستبقى وستستمر في خطط البناء والتطور والازدهار ومحافظة على سياساتها المتعقلة مع العالم الخارجي وستظل محط الأمن والسلام للساكن فيها والزائر بإذن الله كما كانت في عهد من بكى على رحيله العالم ككل وشعوب عمان والخليج بصورة خاصة وأن بلاده ستدعم كل ما من شأنه أن يعلو فيها كلمة العرب والمسلمين مؤكدا في خطابه أن عمان السلام ستظل كذلك حتى طال التغيير سياسة الآخرين ولكنها ستبقى كذلك على نفس النهج القابوسي الذي جعل عمان في المصاف الأول للدول المسالمة والقوية في آن واحد . رحم الله قابوس السلام ..رحم الله قابوس العطاء .. قابوس الحكمة ونحن في قطر آلمنا أن نشهد هذه اللحظة التي نودع فيها فارسا من آخر فرسان الرعيل الأول لقادة هذا الخليج وندعو الله أن يرحمهم جميعا وأن يوفق قادتنا اليوم لما يحبه ويرضاه وأن يطيل في أعمارهم لما هو في صالح خليجنا ومصالحه. .إنا لله وإنا إليه راجعون . [email protected]