19 سبتمبر 2025

تسجيل

تحول قطر المالي: رحلة النجاح

11 ديسمبر 2023

شكَّل إطلاق الخطة الإستراتيجية الثالثة للقطاع المالي، وهو آخر تحديث استراتيجي لتطوير قطاع الخدمات المالية في قطر، إطارًا متماسكًا للسياسات المالية والنقدية، بقيادة مصرف قطر المركزي. وكان سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ مصرف قطر المركزي، قد صرَّح عند إطلاق الاستراتيجية في أواخر شهر نوفمبر الماضي بأن قطر أرست بنية تحتية تكنولوجية عالية الجودة في إطار عملية التحول إلى الاقتصاد الرقمي. ويشكل قطاع الخدمات المالية الناضج جزءًا لا يتجزأ من هذا التطور. وتكمن قوة الخطة في أنها تتناول أربعة قطاعات فرعية رئيسية في القطاع المالي بشكل مشترك، وهي قطاعات الصيرفة والتأمين ومنظومة التمويل الرقمي وأسواق المال. كما تتناول جميع الأبعاد الأساسية بما في ذلك الإطار التنظيمي، والتمويل الإسلامي، والابتكار التكنولوجي، والاستدامة، ورأس المال البشري. وتهدف الخطط إلى تطوير جميع القطاعات الرئيسية للخدمات المالية، والتي ستكون ضرورية لدعم الإستراتيجية الطموحة. وهناك تركيز ذكي على التميز في تقديم الخدمات الأساسية، بدلاً من السعي إلى تقديم مجموعة متنوعة للغاية بما في ذلك «المنتجات الغريبة Exotic products. وهذا يعني السعي إلى تحقيق النمو العضوي وتعزيز نضج الخدمات الأساسية التي تساعد في دعم جهود التنمية الاقتصادية على نطاق أوسع. ويتضمن ذلك بناء أو الحفاظ على معايير عالمية في مجال الخدمات المصرفية التجارية، وتمويل التجارة والصادرات، والاستثمار لدعم نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتوسيع خيارات الاستثمارات والمدخرات للوافدين، فضلاً عن خدمات التأمين وأسواق المال. وهناك طموح للتحول إلى مركز مصرفي، وليس مجرد مركز انتقالي، وهو ما قد يؤدي إلى التغلب على المشكلة التاريخية المتمثلة في صافي التدفقات الخارجة. وسوف نتناول فيما يلي كل قطاع فرعي على حدة: قطاع الصيرفة - تتمثل الرؤية في تبني نظام مصرفي متطور ومرن يقدم منتجات متنوعة وخدمات استشارية متخصصة وتميز تنظيمي ورقمي. وهناك أهداف محددة تتعلق بإنتاجية القطاع المصرفي والمهنيين المؤهلين وتوافر الخدمات المصرفية الإسلامية وتمويل الاستثمارات المستدامة ESG. التأمين - تتمثل الأهداف في تطوير مجموعة متنوعة من المنتجات التأمينية ونشر ثقافة التأمين وضمان التنظيم السليم. والنتيجة المرجوة هي المساهمة بمبلغ 4 مليارات ريال قطري في الناتج المحلي الإجمالي، مع استهداف القطاعات الرئيسية في سوق التأمين، وهي قطاع التأمين على السيارات، والصحة، والحياة، وما إلى ذلك. وهناك طموح معلن يتمثل في تعزيز وضع قطر بصفتها وجهةً مفضلةً لسوق إعادة التأمين الدولي. منظومة التمويل الرقمي – يتمثل الهدف الإستراتيجي في تطوير منظومة رائدة لتشجيع التكنولوجيا المبتكرة عبر تسريع التحولات الرقمية المدعومة ببنية تحتية قوية وإطار تنظيمي صلب. وسيتم قياس التقدم من خلال مؤشر المراكز المالية العالمية، حيث تحتل الدوحة حاليًا المرتبة 65 من بين 119 مدينة، ويتمثل الطموح في الوصول إلى المركز 30. سيتم مراقبة عدد مشغلي التكنولوجيا المالية وتكنولوجيا التأمين المرخصين. أسواق المال – يتمثل الهدف في أن تصبح قطر دولة رائدة إقليميًا في أسواق المال، وتحسين كفاءة تخصيص رأس المال والسيولة. وهناك هدف يتمثل في الوصول إلى 150% من القيمة السنوية للأسهم المتداولة كنسبة مئوية من القيمة السوقية للأسهم الحرة، وتحقيق معدل نمو قدره 18% من الأصول الخاضعة للإدارة. وبالنسبة لقطاع الخدمات المالية إجمالاً، هناك هدف يتمثل في المساهمة بمبلغ 84 مليار ريال قطري في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وتحقيق معدل نمو سنوي مركب قدره 4.7% حتى عام 2030. وسيؤدي تطوير أسواق المال، على سبيل المثال، إلى توفير المزيد من التمويل للشركات الناشئة وغيرها من الشركات التي يتم إنشاؤها محليًا، وتقليل الحاجة للاستثمار الأجنبي المباشر. وإذا كان بمقدور القطاع المصرفي تقديم المزيد من خدمات إدارة الثروات، فمن المرجح أن يستخدم الوافدون المقيمون في قطر هذه الخدمات بدلاً من الحصول عليها من الخارج. كما يجب أن يكون هناك تطوير للأمن السيبراني، وسياسات الشمول المالي لجميع قطاعات المجتمع. ويُعتبر التنفيذ عنصر أساسي لتحقيق هذه الاستراتيجية، ومنها تحديد رأس المال البشري باعتباره أولوية ضمن الرؤية الاستراتيجية. كما أن المؤسسات ليست أقوى من الأشخاص الذين يقودونها ويديرونها. ولا يوجد سبب يمنع قطر من أن تصبح واحدة من مراكز التميز الرائدة عالميًا في مجال الخدمات المالية، وبذلك تساعد في تنمية الاقتصاد المحلي.