12 سبتمبر 2025

تسجيل

شراسة الهجوم وحكمة الاحتواء

11 ديسمبر 2022

كثير من الدول، ومن كل القارات والملل، والتي تصدت على مر العقود والسنين لأن تستضيف بطولة رياضية فردية كانت أو جماعية، ما تعرضت لما تعرضت له بلادنا قطر من عداء وهجوم، فوق وتحت الحزام، وتقليل شأن وقدرة لا مثيل له، وقد تناول هذا العداء، القضايا المرتبطة بالتنظيم وكرة القدم، ولم يقتصر على ذلك، بل تعداه، للتدخل بما يمس الشؤون الداخلية وسياسة الدولة وقوانينها وممارساتها الداخلية والخارجية، بما فيها الاتهام بمساندة الإرهاب الدولي، وكل ذلك لانها نجحت، وهي الدولة العربية المسلمة الصغيرة بالمساحة والسكان، بالفوز باستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022. واجهت الدولة بالإضافة لذلك، الظروف والمعطيات السياسية التي كان تستهدف خلق ازمة امدادات تعطل مشاريع البنية التحتية ومنها بالطبع المشاريع المرتبطة بكأس العالم. ومع افتتاح ميناء حمد واعتماد خطوط ملاحية جديدة، استطاعت الدولة أن تخلق مصادر توريد جديدة تغلبت من خلالها على أي احتمال في نقص الموارد واحتياجات المشاريع. وكلما كانت البطولة تقترب من نقطة الصفر تزداد الحملات شراسة، مباشرة وغير مباشرة من خلال التصريحات الرسمية أو المقالات الصحفية، وأكثرها جرأة ووقاحة ما صدر عن منظمات تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان كمنظمة "هيومن رايتس واتش" التي تركت قضايا حقوق الإنسان في زوايا العالم لتتفرغ لاتهام قطر إذ قالت:" إن كأس العالم فيفا 2022 تأتي بعد سنوات من الانتهاكات الجسيمة لحقوق العمال الوافدين وحقوق الإنسان في قطر". لم تكتف المنظمة بذلك بل نشرت دليلا للصحفيين صدر في 14 نوفمبر الماضي بالعاصمة اللبنانية بيروت، من 42 صفحة عنونته "قطر: كأس العالم "فيفا"2022-دليل حقوق الإنسان للمراسلين". قالت مينكي ووردن، مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش:"تستقطب كأس العالم اهتماما هائلا من الإعلام الدولي والمشجعين، لكن الجانب المظلم من البطولة يلقي بظلاله على كرة القدم. يتوقف إرث كأس العالم 2022 على إذا ماكانت قطر والفيفا ستتصديان لوفاة العمال الوافدين الذين بنوا البطولة، وتنفذ الإصلاحات العمالية الأخيرة، وتحمي حقوق الجميع في قطر، ليس فقط الزوار من المشجعين واللاعبين". ومع كل "الإصلاحات" التي أدخلتها الدولة على القوانين المنظمة للعمل والعمال ومنها مثلا، إلغاء نظام الكفالة وفتح مجال الانتقال من عمل لآخر وإلغاء إذونية الخروج من الكفيل، إلا أن هذه المنظمة لم تكتفي بذلك وصرحت قائلة:"جاءت الإصلاحات العمالية الرئيسية التي أدخلتها السلطات القطرية متأخرة أو نفذت بشكل ضعيف لم يفد الكثير من العمال". وأضافت ووردن"ما زال لدى قطر، والفيفا والجهات الراعية فرصة لإنقاذ إرث البطولة عبر معالجة انتهاكات حقوق الوافدين المرتبطة بكأس العالم وتبني إصلاحات لتحسين حماية النساء، ومجتمع الميم والوافدين-ليس فقط خلال كأس العالم-بل وبعده، يمكن للصحفيين المساعدة في تسليط الضوء على هذه القضايا الهامة". إن ما هدفت له هذه المنظمة من تأليب للصحافة الدولية ضد الدولة وبطولة كأس العالم هو التأثير على الجمهور العالمي لمقاطعة البطولة مما يؤثر على فرص نجاح البطولة جماهيريا، حيث لا بطولة لكرة القدم بلا جمهور. وللأسف استغلت بعض الدول الأوروبية ذات الأجندات الخاصة لهذه التجنيات للضغط على الدولة في الخضوع لما يتنافى مع قيمها الإسلامية والقومية وثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده، وصل لحد التهديد بالانسحاب. وارتأت الجهات المختصة بالدولة، في ظل هذه الاتهامات ومحاولة تمرير الأجندات، التعامل معها بتأن، وليس بالفعل ورد الفعل، فاحتمالات أن تخرج الأمور خارج السيطرة كانت قوية جدا. فكان "الصمت" هو الرد الإستراتيجي الذي اعتمد، وبالتنسيق مع الفيفا، لاحتواء الهجمات والمطالب التي انهالت على الجهات المحلية المنظمة للبطولة وخصوصا من بعض الدول الأوروبية. وقبل البطولة بأيام، وبعد وصول تقريبا فرق كل الدول المشاركة في البطولة للبلاد، قالت قطر كلمتها في ما يخص ما يمكن ومالا يمكن. نعم ومرحبا لكل جماهير العالم للقدوم والاستماع بالبطولة وتشجيع فرقهم المفضلة من غير وضع أي شعارات غير مقبولة وتتعارض مع قيم المجتمع، حتى المنتخبات لا يسمح لها برفع شعارات تحمل اي إيحاء سياسي أو تدعم أجندات معينة. أسبوع من الزمن وتنتهي البطولة التي شهدت نجاحا جماهيريا منقطع النظير ومفاجآت مذهلة منها وصول المغرب ولأول مرة لدور الاربعة وخروج البرازيل من البطولة بركلات الترجيح وصعود كرواتيا التي هزمتها بركلات الترجيح لدور الأربعة. نجحت الدولة بوضع عالم كرة القدم من خلال التأني في ردة الفعل أمام الأمر الواقع وأجبرت الدول ذات الأجندات الخاصة جمعيها أن تشارك في هذه البطولة التي تقام في دولة قطر الصغيرة بحجمها والكبيرة بإرادة شعبها وحكامها.