19 سبتمبر 2025
تسجيلتشكل استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر جزءًا من الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية الأوسع في المنطقة، وستعمل على تعريف العالم على ثقافة المنطقة وتغيير الصورة النمطية عنها. قطر هي أول دولة في منطقة الشرق الأوسط تستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم، ويشكل هذا الحدث جزءًا من استراتيجية أوسع لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتتجاوز حوافز استضافة هذه البطولة الكبرى المكانة أو الدوافع الاقتصادية. ومن أهداف استضافة هذا الحدث الضخم تشجيع المشاركة الأوسع في الرياضة، بما في ذلك مشاركة النساء. فقد كان القطاع الرياضي وبناء المرافق الرياضية من بين العديد من الجهات التي حازت على الاستثمارات المالية الضخمة في السنوات الأخيرة. وتشتمل هذه المرافق على ملاعب التنس ومسارات الدراجات وملاعب الجولف وصالات الألعاب الرياضية ومسارات ألعاب القوى وحمامات السباحة، بالإضافة إلى ملاعب كرة القدم للشباب والملاعب المحلية، وليس فقط الملاعب الرئيسية. وقد ارتفعت إمكانية الوصول إلى المرافق الرياضية عالية الجودة في قطر بشكل كبير خلال العقد الماضي. وشجع ذلك على فهم الرياضة باعتبارها فعاليات يمكن المشاركة فيها وليس مجرد مشاهدتها. وهناك فوائد صحية لهذا الاتجاه، فقد كانت المشاركة في الرياضة منخفضة في المنطقة من الناحية التاريخية. ونظرًا لاحتواء بعض الأطباق التقليدية على نسبة عالية من السكر، ارتبط ذلك بالارتفاع النسبي لمعدلات السمنة ومرض السكري والمشكلات الصحية الأخرى في هذا الجزء الغني من العالم. وتوقع تقرير صادر عن شركة الاستشارات الدولية برايس ووترهاوس كوبرز في عام 2021 أن يكون النمو في قطاع صناعة الرياضة في منطقة الشرق الأوسط الأسرع في العالم خلال الفترة من عام 2021 إلى 2026. وإجمالاً، استثمرت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي حوالي 65 مليار دولار في تطوير الرياضة. وأظهرت الإحصائيات الصادرة عن المملكة العربية السعودية هذا العام أن 48٪ من المواطنين السعوديين باتوا يشاركون الآن في نشاط رياضي لمدة لا تقل عن 30 دقيقة أسبوعيًا، وشكلت النساء نسبة 38٪ من هذه المجموعة، في ارتفاع ملحوظ عن مستويات المشاركة المنخفضة المسجلة في وقت سابق، وبما يتماشى مع مبادرة جودة الحياة 2030 التي تتبناها المملكة العربية السعودية. وهناك انطباع مضلل نقلته بعض وسائل الإعلام الغربية، وهو تصوير استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم على أنه أمر استثنائي أو حدث يُعقد فجأة في بلد يُفترض أن لديه تراث رياضي ضعيف. وعلى النقيض من ذلك، باتت الرياضة تحظى بشعبية هائلة في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، بالنسبة للمشاركين والمشجعين على حدٍ سواء. فقد استضافت المنطقة فعاليات رياضية رفيعة المستوى في رياضات الجولف والكريكيت والفورمولا 1 ومنافسات الفروسية وغيرها من الرياضات والفعاليات التي استقطبت الآلاف من المشجعين من جميع أنحاء العالم. وكانت قطر قد استضافت دورة الألعاب الآسيوية في عام 2006، وسوف تستضيفها مرة أخرى في عام 2030. كما استضافت بطولة "كأس العرب فيفا - قطر" لكرة القدم في عام 2021 لاختبار مرافق بطولة كأس العالم التي كان من المقرر استضافتها بعد عام. وقد شهدت رياضة كرة القدم طفرةً في قطر، مع وجود دوريات تنافسية. ورغم أن معدلات الحضور في بعض المباريات قد تبدو منخفضة، إلا أن عشرات الآلاف يحضرون نهائيات كأس الأمير وغيرها من المباريات الرئيسية الأخرى، وبناءً عليه لن تصبح ملاعب كأس العالم بلا جدوى كما يُشاع. ويمكن أن يكون هناك عدد قليل من الطرق الأكثر قوةً من الرياضة للجمع بين الثقافات والشعوب. وتعني الفوائد الصحية لممارسة الرياضة، وإثارة المنافسات، والعدالة المتأصلة فيها أن الاختلافات في الثقافة والدين والسياسة يمكن أن تتلاشى، إن لم تختف تمامًا. ومن المؤسف والمثير للسخرية أن وسائل الإعلام الغربية كانت معارضة نوعًا ما لإقامة بطولة كأس العالم في منطقة الشرق الأوسط، بالنظر إلى أنها تشكل جزءًا من التطورات الاجتماعية والاقتصادية الأوسع التي لديها القدرة على تقليل الاختلافات بين المنطقة والغرب، وتساعد على فهم تراث وثقافة المنطقة وتغيير الصورة النمطية.