11 أكتوبر 2025

تسجيل

الصورة والأصل

11 ديسمبر 2019

بعد وفاة نابليون، ولضمان عدم حدوث أي اشتباكات مستقبلاً، اتفقت الدول الأوروبية على فصل الحدود بين هولندا وفرنسا واستحداث دولة جديدة تسمى بلجيكا، وجلبوا لها ملكاً من خارجها اسمه ليوبولد. في هذه الظروف ولد ليوبولد الثاني والذي أصبح ملكاً بعد وفاة والده، وجد ليوبولد الثاني نفسه ملكاً لدولة صغيرة بين مجموعة من القوى العظمى تمتلك مستعمرات في كافة أنحاء العالم، فقرر التوجه إلى الكونغو في أفريقيا، وهي أكبر من بلجيكا بأكثر من ٧٠ مرة، وكان الهدف المعلن هو نشر الحضارة والدين المسيحي، وبسبب الفقر والجهل استطاع استعباد شعبها وقتل الكثير منهم ممن رفضوا أو تقاعسوا عن العمل معه لنهب خيرات البلاد، في المقابل كان الملك يغدق الأموال على الكتاب والصحفيين الأوروبيين ليسطروا عنه أجمل القصص في مساعيه «الإنسانية» لمساعدة فقراء الكونغو. ولكن الواقع أنه كان يقوم بأفظع الجرائم ضد شعب الكونغو، من قتل وقطع للأيدي وسلب لخيرات البلاد، ويقدر عدد القتلى بعشرة ملايين شخص، بل ووصلت الوقاحة أن أقام الملك «حديقة» في بروكسل ليعرض بها مجموعة من الأفارقة ليتفرج عليهم أهل بلجيكا، تماماً كما يحدث في حدائق الحيوان. وفي نفس الوقت كانت بلاده تستفيد من خيرات أوغندا وتبني له تماثيل ذهبية في كل مدينة، ولم يعلم أحد بتلك الجرائم حتى قام أحد الصحفيين بفضحه، بعد أن رفض بيع ذمته ولم يقبل بالأموال الطائلة التي عرضت عليه لإسكاته. كم من أشخاص بنيت حولهم هالات من القدسية والتميز والتفرد والحكمة والصورة الإيجابية على مر العصور، المغايرة تماماً للواقع. ولكن في عصرنا هذا -عصر المعلومات- سيكون من الصعب على أي شخص بناء الصورة التي يريدها، وبذلك يبقى دور المتلقي في البحث عن الحقيقة. Twitter: khalid606