28 أكتوبر 2025

تسجيل

أجندة الإصلاحات والقطاع الخاص

11 ديسمبر 2017

وفقًا لتقرير صادر عن إدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في البنك الدولي، فإن دعم التعافي الاقتصادي في دول المنطقة خاصة مع التحسن التدريجي لأسعار النفط يتطلب زيادة كل من الاستثمارات الخاصة وإنتاجية الشركات وتنويع الأنشطة الاقتصادية القائمة على مشاركة أوسع للقطاع الخاص في أنشطة مولدة للقيمة المضافة والوظائف المناسبة للمواطنين. ومن أجل تحسين مستوى أداء القطاع الخاص على صعيد الإنتاجية وتنويع مصادر الدخل، ينبغي على بلدان المنطقة المشاركة في أجندة إصلاح من شأنها الحد من مستويات السيطرة والتحكم الحكومية على مفاصل الاقتصاد والمرونة في تنفيذ القوانين والإجراءات الحكومية من جهة، والعمل على تشجيع المنافسة العادلة والشفافة التي تكون مصدر ثقة لصغار المستثمرين لتوظيف أموالهم من جهة أخرى. وبالنظر إلى أن نسبة استثمارات القطاع الخاص التي تبلغ في المتوسط نحو 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، فإن دول المنطقة تعتبر متأخرة عن المناطق الأخرى الأكثر نشاطًا وديناميكية في مجال مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ أجندة الإصلاحات. ولا يمكن تجاهل أن الإصلاحات التي تم تطبيقها خلال العقدين الأخيرين في دول المنطقة أتاحت لمؤسسات الأعمال الخاصة أن تولد ثروة كبيرة وتدخل في كافة مجالات الأنشطة الاقتصادية، وذلك إذا استثنينا قطاع الهيدروكربونات والتعدين.. إلا أن السبب في الأثر المحدود لهذه الإصلاحات في المنطقة يرجع إلى تطبيق السياسات على نحو متفاوت مع ضعف الجانب المؤسساتي فيها، مما أدى إلى افتقار عملية الإصلاح إلى القدرة على التنبؤ بها في عيون الكثير من المستثمرين. وتوضح استقصاءات البنك الدولي في المنطقة أن حوالي 60 في المائة من مديري مؤسسات الأعمال يرون أن القوانين والإجراءات الحكومية لا يتم تطبيقها في المنطقة بصورة منتظمة ويمكن التنبؤ بها. لذلك، فإن التوجه لتشجيع القطاع الخاص للعب دور أكبر مرتبط بتقنين وتحديد السلطات والصلاحيات الرسمية بكل وضوح وشفافية في بيئة الأعمال التجارية بغرض تشجيع المزيد من أصحاب مؤسسات الأعمال على الاستثمار.. كما يستلزم المشاركة في أجندة الإصلاح من قبل القطاع الخاص، وكإشارة واضحة إلى مصداقية الالتزام بالحد من هيمنة السلطة الرسمية على النشاط الاقتصادي، تغيير الطريقة التي يتم بها وضع السياسات بحيث تكون هناك عملية تشاركية تطلق العنان لقيام مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وعندما تتوافر البيئة الاستثمارية الملائمة الضرورية، يمكن لحكومات المنطقة أن تشجع الشركات والمستثمرين على الدخول في كافة قطاعات الاقتصاد، وذلك من خلال إزالة كافة المعوقات الرسمية وغير الرسمية الماثلة أمام المنافسة. وبصورة عامة، فإن إدامة التعافي الاقتصادي على أسس أكثر قوة وصلابة يتطلب في الوقت الراهن، وفقا لتقرير البنك الدولي، إزالة المعوقات الرسمية وغير الرسمية الماثلة أمام المنافسة.. ومن الضروري الحد من الأوضاع المتميزة وتضارب المصالح ـ أينما وجدت ـ بين الموظفين العموميين ومستثمري القطاع الخاص. كما يتطلب مساندة إصلاح السياسات من خلال تدعيم المؤسسات التي تضطلع بتنظيم عمل الأسواق والتعامل مع الشركات، بغرض الحد من التداخل والسلطات في تطبيق القوانين والإجراءات الحكومية. وأخيرا، على دول المنطقة تشجيع إقامة علاقة شراكة جديدة بين القطاعين العام والخاص، بحيث يمكنها حشد كافة الأطراف المعنية صاحبة المصلحة المباشرة في مراحل تصميم وتنفيذ وتقييم السياسات الاقتصادية. فعندئذ فقط سيكون ممكنًا بناء توافق في الآراء حول الإصلاحات، وستتعزز مصداقيتها وفعاليتها. ومن شأن وجود حوار أكثر انفتاحًا بين الحكومات والقطاع الخاص المساعدة في توفير بيئة تشاركية مثمرة بصورة أكبر، يراعى فيها مصالح كافة الأطراف بعدالة وشفافية.